الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مرض الزوجة» اختبار لوفاء شريك الحياة و«سنوات العشرة»

«مرض الزوجة» اختبار لوفاء شريك الحياة و«سنوات العشرة»
7 ابريل 2014 14:35
قصة واقعية حدثت في قسم التوجيه الأسري بدبي خلال الأيام الماضية، ليست من نسج الخيال أو الأفلام الخيالية، حيث مرضت الزوجة وأصاب الوهن في جسدها بسبب أورام خبيثة، لكن حبها لزوجها دفع بها إلى التوجه لقسم التوجيه الأسري في محاكم دبي، طالبة إقناع زوجها بضرورة الزواج بامرأة أخرى، وفق رئيس القسم الدكتور عبدالعزيز الحمادي، الذي أوضح أن الزوجة مصابة بورم خبيث منذ مدة طويلة وطريحة الفراش، وأنها تشعر بالتقصير تجاه زوجها. ليأتي رد الزوج: أنا راضٍ بحياتي معك، ولا يهمني من كل هذا إلا صحتك وعافيتك، وسألازمك ولن أتزوج بأخرى. هناء الحمادي (أبوظبي) قد تكون هذه القصة الإنسانية ليست الأولى أو الأخيرة، بل هناك الكثير من قصص وفاء الأزواج لزوجاتهم في مرضهن، مؤكدين أنهم ليسوا من نوعية الأزواج الذين بمجرد تأكدهم من مرض زوجاتهم غالباً ما يفكرون في مصلحتهم والزواج بأخريات أصغر سناً وأكثر صحة وجمالاً.. لكن وفاء هذا الزوج الذي رفض عرض زوجته المغري بالارتباط بزوجة ثانية ترعاه وأبناءها إنما يدل على حب هذا الزوج لزوجته الذي رغم مرضها، إلا أنه رسم صورة الزوج الوفي والمخلص لسنوات العشرة مع زوجته. الدكتور عبدالعزيز الحمادي رئيس قسم التوجيه الأسري في دائرة محاكم دبي قال، إن هذه الحالات الوفية من الأزواج التي أثبتها قسم التوجيه الأسري، خلال الفترة الماضية تؤكد صبر الأزواج على مرض زوجاتهم، وعلى مشاعر الدفء والحنية التي تملأ قلوبهم الطيبة، وحسن تربيتهم، ولتدرك الزوجة صبر زوجها على مرضها، وإن ردة فعل الأزواج هنا بعدم الارتباط بأخريات، يدل على الحب والوفاء وسنوات العشرة التي جمعت هؤلاء ببعضهما بعضاً، وهي نماذج مشرفة لا بد من الجميع الاقتداء بها. مساندة الزوجة الحمادي، تطرق إلى مدى رد الجميل والصبر على مرض الزوجة أو النقص الذي فيها، فكم من مريض شفاه الله، وكم من كرب فرجه الرحمن، بالصبر والدعاء والوقوف إلى جانب الزوجة في العسر والمرض، ويدل على مدى العلاقة الزوجية المتينة التي تجمع هؤلاء الأزواج مع بعضهم بعضاً في اليسر والعسر وفي السراء والضراء. ويضيف: هناك نماذج كثيرة لأزواج لم يتخلوا عن زوجاتهم، بل رافقوهن للعلاج في الخارج، وتوجد الكثير من حالات الوفاء والحب لأزواج باتوا على فراش الموت لكنهم لم يتركوهن، فمثل هذا الوفاء إنما هو ارتباط قائم على الحب والمودة. واجب الزوج من جانبه، يروى الستيني أروع قصص الوفاء مع زوجته حين طلبت منه أن يتركها في المنزل مع الخادمة، ويذهب للعيش مع ابنتهما الكبرى التي تعيش مع زوجها، لكن هذا العرض لم يقبل به أحمد الشحي الذي قال إن جيل اليوم يفتقر إلى الولاء وتفهم المعنى الحقيقي للزواج، فقد تقاسم مع زوجته أجمل سني العمر، ويرى أنه واجب عليه أن يقف إلى جانبها في السراء والضراء، فزوجته تعاني المرض الخبيث، وقد سافر معها مرات عدة، بجانب أنه يرفض ملازمة أي فرد من الأسرة لها في المستشفى وينظر لهذا الأمر كنوع من الواجب، منتقداً سلوكيات بعض الأزواج في مثل هذه الحالات بقوله: الرجال بطبعهم يتضجرون من مرض الزوجات، وهذا فهم غريب ويولد في النفس الحقد والكراهية. الشحي يرى أن ما قام به ليس بطولة، إنما واجبه كزوج، ولسنوات العشرة التي جمعته بزوجته، ورد الجميل للحياة الزوجية التي عاشها معها على «الحلوة والمرة»، كما يقولون، فحين يمرض هي من تقف بجانبه، والآن بعد هذا العمر حين يتخلى عنها لمرض توغل في جسدها النحيل، فهذا نكران جميل بحد ذاته من وجهه نظره. وفاء للزوجة وتعترف الأربعينية فاطمة عبدالرحمن بأنها طلبت من زوجها الزواج من أخرى حين علمت بمرضها بالفشل الكلوي، مبينة أن هذا من حقه، ويكفي أنه يرعاها في مرضها ويحسن معاملتها، ولم يظلمها في زواجه، لكن بعد تفكير طويل وما بين الرفض والقبول، قرر شريك الحياة عدم الزواج من أخرى وفاءً لزوجته. ويقول الزوج أبو راشد: الجميع يفكرون دائماً في أنه مع مرض الزوجة غالباً ما يكون الزوج أنانياً ويفكر في نفسه، دون مراعاة لمشاعر الزوجة المريضة، وهو بذلك حين يترك الزوجة وهي مريضة ويزيد من إهماله لها لتصارع المرض، من دون العناية بها، فإنما بذلك يساعد على موتها تدريجياً، فهي في هذه الظروف تحتاج إلى الرعاية النفسية أولاً ثم الصحية، وحين يتوافر ذلك بالتأكيد سلوكيات الزوج وحبه لها ستخفف من وطأة الآلام التي تعانيها الزوجة. ورداً على طلب زوجته بالارتباط بأخرى، يقول: لقد ناقشت هذا الأمر مع «أم عيالي»، ورفضت هذا الأمر حباً ووفاءً لزوجة أفنت الحياة معي بحلوها ومرها، رعت أبنائي، وحين مرضت لا يكون رد الجميل بالزواج بثانية. أعتقد أنه قمة الجحود والنكران لهذه الزوجة الطيبة، التي لو بحثت عن نسخة من تضحياتها وعطائها طوال ارتباطي بها، فلن أجد مثلها. إهمال ويعلق الشاب، نايف النقبي: لقد اعتاد بعض الرجال حين يعلم بمرض زوجته خاصة المرض الخبيث، بالتفكير في الزواج من أخرى تصغرها بسنوات، تتحمل تربية الأبناء، وما يقوم به الزوج، يتخلى عنها في أول الطريق دون مراعاة للعشرة ويتركها عند أهلها حتى تتوفى أو يطلقها بمبرر عدم القدرة على رعايتها صحياً، ولذلك يعتبر النقبي الوفاء هذه الأيام من الأشياء النادرة جداً عند الرجال. لكنه عاد وقال ربما لن يتحمل الرجل مرض زوجته رغم محبته لها، وهذا من الطبيعي لأننا جميعنا نعرف أننا معشر الرجال لا نتحمل الابتعاد عن شريكة حياة تعينه فإما أن ينفصل أو يتزوج من أخرى خوفاً من الوقوع في الخطأ. تضحية من وجهة نظر أخرى، يرى أحمد خميس المازمي أن لهذه الحالات أبعاداً أخرى على المرء أن يحسبها قبل أن يقرر اختيار الأنسب فحسب وجهة نظره، فإن الزوج سيقع بين أمرين، الزوجة من كفة.. مريضة والأولاد وواجبه الاجتماعي والإنساني نحوهم.. وفي كفة أخرى مشاعره وحياته الخاصة، فالاختيار هنا صعب بالنسبة لكلا الطرفين. لكن في المقابل، هناك حالات نجحت في اجتياز الأزمة بسبب قدرة كل طرف على التضحية لمصلحة الأطراف الأخرى، فهناك أزواج تزوجوا غير زوجاتهم المريضات ونجحت تجاربهم بسبب تفهم الزوجة المريضة لحالة زوجها، واستمر الزوج في رعاية زوجته بما يرضي الله ويرضي ضميره كإنسان وأب وزوج. ولكن في المقابل، هناك حالات انحاز فيها الزوج لأنانيته وتزوج من أخرى، مع إهماله التام للمريضة المسكينة ولعيالها وفي هذه الحالات يتجلى انعدام الإنسانية ويترسخ النكران والجحود في قلب الرجل. تجربة زوج قال الدكتور عبدالعزيز الحمادي رئيس قسم التوجيه الأسري في محاكم دبي، إنه يعرف زوجين متحابين، ورزقهما الله بأطفال، وأصيبت الزوجة بمرض في الدم، وهشاشة العظام، وباتت طريحة الفراش، وبقي الزوج ملازماً لها، يرعاها ويقدم لها العلاج، فضلاً عن رعاية أبنائه، فلم يترك باباً لعلاجها إلا وطرقه، لكن وضعها الصحي لم يتغير، إلى أن بدأت تشعر بالظلم تجاه زوجها، لعدم تمكنها من القيام بالواجبات الزوجية، فقالت الزوجة المريضة لزوجها: أرجوك تزوج، فأنا راضية، وأريد أن تكون مرتاحاً، لأنني لا أستطيع القيام بحقوقك، إلا أن رده كان أنه لا يرضى بزوجة غيرها، وقال لها: أشكرك على شعورك، وأنا راضٍ بحياتي معك، وأهم شيء لدي هو صحتك وعافيتك، وعلينا أن نحمد الله على ما جاء منه، وأن نرضى بما قسم لنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©