السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتهاكات مكشوفة

17 سبتمبر 2009 01:14
ستبقى الممارسات غير القانونية والوحشية التي ارتكبتها بعض المؤسسات الأمنية الأميركية في ما يعرف بالحرب على الإرهاب جرحاً عميقاً يزداد نزفاً كل يوم يمر تتكشف فيه بعض «الحقائق» المخجلة... هذا الجرح العميق، والذي يزداد نزفاً، لم ولن يعيش آلامه وأحزانه فقط الذين تعرضوا لسنوات العذاب والظلم والظلام في أجسادهم من ضحاياه المباشرين وأسرهم والشعوب التي ينتمون إليها، لكن عذاب الضمير ووخزاته قد تشمل كثيراً من المواطنين الأميركيين الطيبين وذوي الضمائر الحية. وفي هذا المعنى كتبت كثير من الأقلام الأميركية وغير الأميركية بعد أن انقشعت الغشاوة والأكاذيب المرتبة والمنظمة التي ظلت تنشرها وتغذيها الإدارة «الجمهورية» السابقة بقيادة الرئيس السابق ونائبه ووزير الدفاع ونائبه ومفكرو ومنظرو «اليمين المسيحي الجديد»، وبعد أن انحسرت موجات الخوف والرعب، الذي أشاعوها ليس في أميركا والعالم واكتشف العالم - بعد أن استعاد وعيه المفقود - كل دعاوى الحرب الكونية على الإرهاب الذي يهدد المدنية والحضارة الغربية التي تتزعمها الولايات المتحدة.. وسيظل القول القديم إن حبل الكذب قصير والكذب والادعاء بغير وجه حق مهما أُحبكتك خيوطه ومهما جُمل وصُور عن غير حقيقته، لابد أن يأتي عليه يوم أن يقف وصناعوه عارياً أمام التاريخ وحكمه العادل مهما طال عليه الزمن... وستبقى أيضاً الحقيقة الدواء الناجع لهذا الداء الشرير والخبيث، هو أن يعض الناس بالأسنان على القانون... فالقانون هو سلاح الشعوب الضعيفة والقوية في مواجهة طغيان الأجهزة. وهكذا بدأت دورة العدل والعدالة ومحاولة اكتشاف وتعرية كل المخازي والجرائم التي ارتكبتها أجهزة الاستخبارات إبان إدارة بوش. وبدأت المحاولة متواضعة وبسيطة وقانونية وقادها محام كندي مولود في كندا ويمارس المهنة في الولايات المتحدة التي اختارها مقراً لعمله وسكنه. وحتى الأمس كان المحامي الشاب الكندي جمال جعفر اسماً مغموراً في الدوائر التي قرر العمل فيها والتخصص في قانونه ولوائحه (دائرة اتحاد الحريات المدنية) ومنظمة اتحاد الحريات المدنية في أميركا إحدى واحدة من أقوى مثيلاتها من المنظمات الأهلية، ولها نشاطها في الدفاع عن حريات الأفراد والجماعات، الذين تتعرض حقوقهم لطغيان السلطة. وبالنسبة لعالمنا فللاتحاد مواقف وأدوار معروفة ومشهودة. تقدم المحامي جمال جعفر باسم المنظمة التي يعمل فيها مستشاراً بطلب قانوني توفره لائحة حق المواطن في الحصول على المعلومات التي تهمه كمواطن.. وحق حرية نشر المعلومات أحد المكاسب الحقيقية التي توفرها الديمقراطية الليبرالية. طلب جمال جعفر نشر الوثائق والأوراق المتعلقة بعمليات التعذيب التي مارستها المخابرات المركزية ضد المتهمين في ما يعرف بالحرب على الإرهاب. وهو طلب كان سبق لأوباما وعده أحد أركان برنامجه الانتخابي. وبعد الألاعيب والمناورات المعهودة من هذه الأجهزة، وبعد اشتداد الحملة اضطرت الوكالة لنشر (الدفعة الأولى) من وثائقها (طبعاً بعد أن سودت بعض ما تزعم أنه يؤثر على الأمن القومي) -عن «بعض» ما نشر بعض- يقول المحامي جمال جعفر إن وثائق كثيرة تصف انتهاكات حرمات وحريات المتهمين (المتهم يظل بريئاً إلى تصدر ضده محكمة قانونية حكماً بالجرم) مخيف ومرعب لدرجة يصعب على المرء أن يصدق أن مثل هذه الجرائم والأحداث يمكن أن تقع في مكان تحت إدارة الولايات المتحدة). وكثير وكثير مثل ذلك كشفته وثائق المخابرات الرسمية وستكشف الأيام ما هو أكثر وأكثر... ولا يتسع هذا المكان لتفاصيل أكثر، لكن هنالك ملاحظات لفتت نظري أولاها أن عمليات التعذيب وانتهاك الحرمات تمت في أراض وسجون وأماكن سرية خارج الولايات المتحدة، والثانية أن أدوات وآلات التعذيب البشرية تمت.. لكن الأميركيين المتحضرين «ترفعوا» عن مثل هذه الممارسات الوحشية! عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©