الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام في النرويج .. من الفايكنج وابن فضلان إلى حرية الممارسة وبناء المساجد

الإسلام في النرويج .. من الفايكنج وابن فضلان إلى حرية الممارسة وبناء المساجد
18 سبتمبر 2009 01:44
على الرغم من البداية الحديثة للهجرات الإسلامية إلى النرويج، والتي بدأت في ستينيات القرن الماضي، حين هاجر إليها عمال من بعض الدول المسلمة للعمل هناك، فإن بعض الأكاديميين والدارسين يرون أن علاقة النرويج بالإسلام بدأت في وقت مبكر في القرن الثامن الهجري. وترى مديرة مركز حوار الأديان بجامعة أوسلو رئيسة المجلس الإسلامي السابقة في النرويج لينا لارسن أن علاقة النرويج بالإسلام والعالم الإسلامي تعود إلى عهد الفايكنج، حيث توجه هؤلاء إلى العالم الإسلامي وتمكنوا في سنة 700 هـ تقريباً من الوصول إلى إسبانيا، كما وصلوا إلى الشمال الإفريقي وإلى المغرب العربي على وجه التحديد، ووصلوا إلى العراق أيضاً. واستشهدت لارسن على ذلك ببعض الشواهد التاريخية الموجودة في بعض المتاحف السويدية والنرويجية كوجود مسكوكات قيل إن مصدرها العراق، بالإضافة إلى ما تذكره كتب التاريخ السويدية والنرويجية من أن الرحالة المسلم «ابن فضلان» قد وصل أرض النرويج والسويد في القرن العاشر الميلادي بصحبة مجموعة من الفايكنج، وهو أول مسلم يطأ أرض النرويج والسويد وبلاد شمال العالم، كما أن الشاعر والأديب النرويجي المعروف «هنريك فيرجلاند» صاحب النشيد الوطني، كان قد دخل الإسلام في بدايات القرن التاسع عشر، وتعرّف على الإسلام عن طريق الدراسة، وكان يبحث عن كل الكتب التي تقدم شرحاً عن الإسلام، وهو ما كانت توفره المكتبة الملكية النرويجية. وقد شهدت عملية تعرف النرويجيين على الإسلام مرحلة أخرى خلال حقبة الستينيات، عندما بدأت مراحل الرخاء الاقتصادي، فنظرا للغنى الشديد الذي تتمتّع به النرويج، ونظرا لكثرة نسبة العجائز فيها حيث وصلت تلك النسبة إلى أكثر من 14%، فإنّ النرويج شرعت منذ الستينيّات في استقبال اللاجئين واتفقت مع مفوضيّة شؤون اللاجئين التابعة لجمعية الأمم المتحدّة على أن تأخذ سنويّا حصّة من اللاجئين من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى الذين تمكنوا من الوصول إلى النرويج بجوازات أو تأشيرات مزورّة أو عبر تقديم مبالغ ماليّة طائلة لمهربّي البشر من دول العالم الثالث إلى الدول المانحة للجوء ومنها النرويج. وقد بدأ دخول الإسلام إلى النرويج بشكل ملحوظ - وفقا لكتابات الباحثين في شؤون الأقليات المسلمة في أوروبا والغرب مثل سيد عبدالمجيد بكر وعلي بن المنتصر الكتاني- في بداية الستينات حيث كانت النرويج بحاجة إلى أيد عاملة، فكان العمال الأتراك والباكستانيون وبعض العرب من فلسطين ولبنان ومن بعد ذلك العراق والمغرب العربي من أوائل المهاجرين المسلمين الذين دخلوا النرويج، ثم توالت جنسيات أخرى مثل البوسنيين والألبان ليصل عدد المسلمين مع بداية عام 2000 إلى أكثر من 65 ألف مسلم، وازداد هذا العدد إلى ما يقرب من 150 ألفا حالياً حيث تشير الإحصائية التي أوردها «أودبيورن لايرفيك» أستاذ الديانات في جامعة أوسلو، بأن عدد المسلمين عام 2007 بلغ 145 ألف مسلم. ويتجمع أغلب المهاجرين، والمسلمون منهم، في المدن الكبيرة لا سيما أوسلو العاصمة التي تصل نسبة الأجانب فيها إلى 18% بالإضافة إلى مدن برجن وترندهايم. ويعتبر الإسلام الآن وفقا لتقديرات مركز الإحصاء النرويجي ثاني ديانة لها أتباع في النرويج بعد أتباع الكنيسة الإنجيلية اللوثرية 86% حيث تبلغ نسبة الجالية المسلمة أكثر من 2% من السكان، وأكثر مسلمي النرويج هم من الباكستانيين المهاجرين ثم العراقيين ثم الصوماليين ثم البوسنيين فالإيرانيين فالأتراك. ويتمتع مسلمو النرويج بقدر كبير من الحرية الدينية التي لا يتمتع بها نظراؤهم في الدول الأوروبية الأخرى؛ حيث اعترفت النرويج بالإسلام ديناً رسمياً منذ عام 1969، كما أنها تسمح بتدريس التربية الدينية الإسلامية، وتقدم دعماً مالياً للمدارس والمراكز الإسلامية، ولا تفرض أي نوع من القيود على حرية المسلمين في ممارسة الشعائر الإسلامية تكريساً لمبدأ حرية الأديان الذي يقره الدستور النرويجي. وتتعدد المنظمات الخاصة بالمسلمين في النرويج وتتنوع ما بين منظمات خاصة بكل عنصر أو جماعة تتحدث لغة واحدة ومنظمات تأخذ صبغة سياسية ثم المنظمات الدينية تعمل لخدمة احتياجات المسلمين، ومن هذه المنظمات الجمعية الإسلامية الحنيفية، والمركز الإسلامي الثقافي، وفرع اتحاد الجمعيات الإسلامية في مدينة أوسلو بالإضافة إلى الرابطة الإسلامية في النرويج وهي من أكبر المنظمات الإسلامية التي تخدم المسلمين بالنرويج والمجلس الإسلامي بالنرويج، والذي تعمل في مظلته ما يقرب من 46 جمعية إسلامية صغيرة ومتنوعة. وقد تدرج إنشاء المساجد في النرويج من استئجار بعض الشقق والمراكز لأداء الصلاة فيها إلى بناء المساجد وإقامتها حيث أنشئ أول مسجد في العاصمة أوسلو عام 1974 وتزايد بعد ذلك عدد المساجد والجمعيات والمدارس الإسلامية حتى وصل عددها في العاصمة إلى 30 مسجدا وجمعية ومصلى. وكما تؤكد الأكاديمية النرويجية المسلمة لينا لارسن فإن العاصمة النرويجية أوسلو مليئة بالمساجد والمراكز والجمعيات والمدارس الإسلامية، كما أن الشعب النرويجي شغوف بالإسلام، ويُقبل الكثيرون من أبنائه على اعتناق الإسلام سنوياً. ومع أن النرويج تعد من الدول الغربية القليلة التي توفر للمسلمين الحرية الكاملة في أداء عباداتهم وتعليم دينهم من دون أن تضع ذلك قوانين صارمة، لكن المسلمين في النرويج يواجهون عدة قضايا صعبة أهمها النقص الحاد في أعداد الدعاة، وهو ما ينعكس سلباً على الدعوة الإسلامية في النرويج، فكل الدعاة هناك من أبناء الجالية المسلمة، ومعظمهم متطوعون لنشر الدعوة، وهذا ما يعني الحاجة الشديدة لدعاة متمرسين من بعض الدول الإسلامية لتوعية مسلمي النرويج بتعاليم الدين الإسلامي الصحيح السمح، بعيداً عن الصورة المغلوطة السائدة الآن في الدول الأوروبية نتيجة للسلوكيات الخاطئة لبعض المسلمين، أو الحملات التي تشنها المنظمات الصهيونية في وسائل الإعلام الغربية بهدف تشويه صورة الإسلام وإلصاقه بالإرهاب والتطرف. وتعاني جماعات المسلمين في النرويج - كما يؤكد سيد عبدالمجيد بكر في مؤلفه المذكور آنفاً- من عدم معرفة اللغة النرويجية وقلة المهارة مما يجعلهم يستخدمون في الأعمال الشاقة، وفي الفنادق والمطاعم، كما يعملون في قطاعات أخرى، مثل صناعة حفظ الأغذية وصناعة الملابس، ويتقاضون أجورا زهيدة، ولقلة الدخول وانخفاض المستوى يعيش المسلمون بالنرويج في الأحياء الفقيرة أو مساكن متواضعة يقيمها أصحاب الأعمال.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©