الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أغلفة الكتب تنافس عناوينها

17 يوليو 2008 02:54
تتنافس دور النشر على تقديم الكتب بطريقة أكثر تنسيقاً· فلم تعد الأحرف كافية لتسويق كتاب ما ولا الورق المصقول كاف ليبقيه بين أيادي قرائه· ومنذ بداية انتشار الكتب والغلاف يحتل مكانة مهمة وأصبح أكثر بروزاً في وقتنا الحالي مع توفر التقنيات الحديثة مثل الجرافيكس · الغلاف الذي يشكل عالماً فنيا يختزن فيه فحوى الكتاب، هو عبارة عن عمل إبداعي فني تشكيلي، لوحة قائمة على فكرة معينة، لتشكل تناغماً بصرياً بين مضمون الكتاب وعنوانه ولتعمل ضمن منظومة عمل واحدة· فريشة الفنان هنا تمشي في خط مواز للفكرة العامة للمؤلف لتعطي انعكاسا أكثر وضوحاً للعمل في مجمله· وتجاوزت الأغلفة ريشة الفنان وانتقلت لتشمل عدسات المصورين ولقطاتهم· الغلاف قصة سبقت الكاتب في سرد محتوى كتابه، قصة لم تقف عند عتبة عنوانه فقط· الكتاب لا يقرأ من عنوانه، والغلاف ليس مجرد عنوان بل قصة تختصر محتوى الكتاب وتهيئ القارئ لقراءته· وتقول التربوية وصاحبة دار ورقاء للنشر شيخة محمد المهيري: يقول المثل العربي السائد بأن ''الكتاب يقرأ من عنوانه'' إلا أن هناك مثلاً إنجليزيا مغايراً لهذه الفكرة تقول ''لا يمكن لك الحكم على الكتاب من غلافه'' Don't judge a book by its cover الغلاف بأي حال يجب أن يمثل محتوى الكتاب''· ولا يختلف الفنان التشكيلي علي الجاك الذي يصف الغلاف ''بأنه الإطار الخارجي لمحتوى الأشياء والأشكال مثل الشكل الخارجي للسيارة وجدران البيت، هو لا يختلف عن الإطار الظاهري للإنسان كالملابس والتزين، الغلاف بوابة مضيئة تلمع على سطح الكتاب لتقود القارئ إلى داخل المتن''· الفكرة والتصميم وتضيف شيخة: إن تصميم الكتب يختلف بحسب فئة الكتاب فالكتب الروائية تعد الأسهل والأصعب في آن· السهولة تأتي من أن الرواية أو القصة الجيدة تلهم المصمم، أما الصعوبة هنا فتكمن في توصيل الفكرة العامة، خصوصاً إذا كانت الفكرة إبداعية تكون الصعوبة أكثر· وعملية الجذب البصري هي قضية خطيرة جداً للكتاب الأدبي وغيره· ولو أخذنا كتب الأطفال على سبيل المثال، فالرسام أو المصمم الذي يرسم كتب الأطفال يفضل أن يكون متخصصاً كالرسام إيرك كارل الذي يستخدم أسلوبا خاصا في تصميمه للأغلفة، فهو يستخدم ورقا خاصا يقوم بتلوينه بلون موحد ثم يقصه لصنع صورا للحيوانات والنباتات وتظهر صوره بارزة وثلاثية الأبعاد· تمثيل الفكرة مهم للكتاب مثلاً ''دافنتشي كود'' يحمل الغلاف صورة لممر وأقواس لمبنىً قديم وشخص في ثياب تبدو كثياب الرهبان مما يوحي بالتاريخ والأسرار وبعض الطبعات حملت جزءاً من وجه للموناليزا مع بعض الرموز والأرقام· ويفترض أن يكون المصمم متخصصا جدا خصوصا فيما يتعلق بكتب الأطفال واختيار الرسام يجب أن يكون دقيقاً· ويعد إيرك كارل من أشهر الرسامين المؤلفين لكتب الأطفال· ومن الكتب الحديثة المميزة للكاتبة الألمانية الأصل ''كورنيليا فونكه'' كتابي ''انكهارت'' و''انكسبيل''، اللذين يتميز غلافيهما بالرسومات التي تمثل المخلوقات الخيالية المذكورة في القصة بالإضافة إلى الزخرفات المحفورة باللونين الذهبي والفضي على غلاف الكتاب· اللوحة والصورة بين اللوحة والصورة حضور مؤثر للغلاف، هناك من يرى أن اللوحة تضفي نوعا من الجمالية والتألق إلى الغلاف، إلا أن بريق الصورة يجذب الكثيرين لتغليف الكتب بها خصوصاً وإن الصورة تخضع لرتوش الجرافيكس بسهولة ومرونة أكثر من اللوحة· فالصورة قابلة للتحول إلى لوحة إلا أنها لا تلغي ''اللوحة الغلاف''· وفي هذا الجانب يرى الجاك، وهو مصمم أغلفة: أن الاختلاف بين اللوحة والغلاف واضح لدرجة الابتعاد كلياً عن المطابقة وفي نفس الوقت تجد هناك تشابها تاما· فهما متشابهان في التعامل مع معطيات التصميم للوحة الغلاف ويختلفان في التعامل مع الألوان والشكل، فاللوحة تعبر عن شخصية ووعي الفنان التشكيلي أما الغلاف فهو لوحة من ناحية الشكل السطحي ولكنه ذو مضمون توصيلي لفكرة أو محتوى الكتاب ويحمل دلالات ومعطيات من ''البوستر'' الملصق· ويتابع: ''أحاول دائما أن أبدأ بفكرة بسيطة وأقوم بتدويرها لالتقاط أشكال جديدة وأسقطها على سطح الغلاف بهدف إيجاد علاقات قوية متضادة لخلق نزاع بصري وتصدير قلق متحرك وكذلك البحث عن علاقات متجانسة تؤلف فيما بينها أشكالا مرهفة لدخول تفاصيل جمالية واستعمال أشكال جرافيكية لتشكيل ''اللوحة الغلاف''· ومن جهة أخرى، هناك اتجاه إلى استخدام العديد من دور النشر الصور في أغلفة الكتب، وهناك من يرى أن قلة تكلفة الصورة وسهولة معالجتها ساهمتا في انتشارها مما قد يشكل خطراً على الطابع الكلاسيكي للغلاف· وحول ذلك تقول المهيري: ''سهولة استخدام الصورة أدى إلى انتشارها، والكاميرا لها حدتها واستخدامها ليس سيئاً· لكن الكتب الخيالية لا ترضى بواقع الكاميرا لأنها أقرب إلى الكتب العلمية التي تتناول مثلاً قضايا البيئة فيما الكتب الأدبية لا تقبل بوجود الكاميرا، ولكن هناك من استطاع أن يكسر جمود الكاميرا وأن يرسم لوحة بهذه الكاميرا فمثلا رواية ''لا تتركني وحيدا'' رواية خيال علمي وغلافها يحتوي على صورة فتاة جميلة شقراء تجلس بين الأشجار في حديقة وقد التفتت الى يسارها تنظر للاشي·· وتوحي الصورة بالوحدة والعزلة عن الواقع· لذلك قد يكون استخدام الصورة أحيانا مكلفاً فغلاف ''لا تتركني وحيداً استخدم ''عارضة'' ممثلة لتعكس واقع الكتاب· ولا تقلل الصورة فوتوغرافية من أهمية الكتاب إن كانت معبرة عن المتن· ثقافة الغلاف دور النشر هي المؤسسة المنتجة للكتب، فالكتب كالأفلام تحتاج إلى موزعين وإعلانات والأهم من ذلك إلى أفراد يؤمنون بصناعة دور النشر تماما كصناعة السينما· فهناك كتب جعلت من مؤلفيها نجوما، ومؤلفين كانت أسماؤهم إضافة إلى مؤلفاتهم وخصوصاً إذا كانوا من المشاهير، وهناك من جمع بين الاثنين إلا أن بقاء هذا التألق ارتبط بوجود دور نشر تدرك معايير الاستثمار الثقافي· والغلاف كجزء من العملية الترويجية والإبداعية والتوصيلية يقف بين معايير معينة لدى دور النشر منها اسم الكاتب، والتكلفة، ووجود المصمم· وتقول المهيري حول هذا الموضوع ''دور النشر الكبرى تهتم بالغلاف أكثر من اسم الكاتب في العادة، ونحن كدار مبتدئة التكلفة مهمة بالنسبة لنا، والكاتب المشهور يحظى بنوع من الاهتمام وأهمية الناشر والرسام تكون بالعادة بنفس شهرة الكاتب''· وفيما يخص التعامل مع فنانين محترفين أو هواة، تقول ''لكل طرف ميزاته وقضاياه الخاصة فهناك صعوبة الوصول إلى الفنانين المحترفين لأن اهتمامهم بمجال تصميم الأغلفة لا يزال قليلا لأنهم ينظرون إليه بنظرة أقل عن لوحاتهم أو أعمالهم الأخرى حيث أن ريعه المادي وصداه الفني لا يوازي الفن الحر ولكن قدرتهم على الالتزام وإبداعاتهم وسمعتهم الفنية تعطي للكتاب وزنا إضافيا، أما التعامل مع الهواة فهو قضية أخرى فاكتشاف فنهم وتطويعه لأغلفة الكتب يستهلك جهدا ووقتا ويواجه الناشر مشكلة ثقة الهاوي بفنه ومثابرته وصبره على الملاحظات وإعادة التصميم أو التغييرات الكثيرة· لكن للجاك رأي آخر إذ يقول إن ''الغلاف بالنسبة لبعض دور النشر يأتي في آخر أولوياتهم فهم يرونه نوعاً من الترف وللتزيين فقط، ودائما صناعة أغلفة الكتب في أغلب دور النشر العربية يقوم بها أشخاص لا علاقة لهم بالتصميم أو بمشروع الكتاب، وهذا لا يلغي أن هناك بعض المحاولات الخلاقة لبعض دور النشر العربية في طرح رؤى جديدة تضيف وتدفع بالاهتمام بثقافة الغلاف بغية الترويج لهذا المشروع الثقافي وتحبيب الناس باقتناء الكتاب وليس النفور والابتعاد منه، وهكذا يبدو لنا أن الغلاف هو المدخل الطبيعي للترويج للكتاب''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©