الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد بن زايد يشهد محاضرة حول التسامح الديني

محمد بن زايد يشهد محاضرة حول التسامح الديني
18 سبتمبر 2009 03:34
شدد الدكتور الداعية الإسلامي عائض القرني مساء أمس الأول، خلال المحاضرة الدينية الأخيرة التي يشهدها المجلس الرمضاني للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال رمضان الحالي، على ضرورة تقديم خطاب ديني إسلامي تسامحي وتصالحي على المستوى العالمي مع الناس كافة. وشهد المحاضرة التي عقدت تحت عنوان «ثقافة التسامح»، الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بحضور سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، والشيخ الدكتور سعيد بن محمد آل نهيان، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وعدد من الوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي وكبار المسؤولين في الدولة وبعض المثقفين والإعلاميين والمهتمين بموضوع المحاضرة الذي يمثل أهمية خاصة في ظل الأوضاع الدولية الراهنة. وأشاد القرني في بداية المحاضرة بجهود الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مجال تفعيل العمل الثقافي على المستوى العربي من خلال برنامجي «أمير الشعراء» و»شاعر المليون»، وغيرهما من الأنشطة الثقافية الانفتاحية الأخرى، منوهاً بالتطور الثقافي الذي تشهده إمارة أبوظبي، والمحاضرات الثقافية والأدبية التي استضافتها طيلة شهر رمضان. رسالة عالمية وتطرق القرني إلى موضوع المحاضرة، فأكد أن الإسلام «رحمة للعالمين»، حيث جاء برسالة عالمية للناس كافة من دون تخصيص، أي لم يختص بمجموعة من الناس أو بقبيلة أو بطائفة أو بقرية معينة أو بمدينة أو بدولة محددة. ودعا القرني المجتمعات والشعوب الإسلامية إلى الاستفادة من ثقافة التسامح واحترام الآخر، بما يعود فضل ذلك على الإسلام بشكل عام، وأشار إلى أن «رسالة الإسلام عالمية، متسائلا لماذا نجعلها إقليمية ونختصر عمومها وشمولها في فهمنا الخاص». كما استشهد القرني ببعض ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله أو قرره في تعامله مع الناس جميعاً من مسلمين ويهود ونصرانيين، حيث كان يدعو غير المسلمين إلى الإسلام باللين والرفق، كما كان يزور مرضى اليهود، بل ويقترض منهم ويدعو لهم بهداية الإسلام، معدداً بعض الأمثلة التي تعامل فيها الإسلام في الصدر الأول. وقال إن ثقافة التسامح هي مشروع حضاري يقوم على بث الوعي بضرورة التسامح مع أنفسنا ومع الآخرين والمصالحة مع البشر تحت مظلة الاحترام وتبادل المصالح مع المحافظة على ديننا وقيمنا. محاكم التفتيش وشدد على أن رسالة الإسلام هي رسالة إنقاذ للبشرية، وليست إقصائية أو للتهديد والوعيد والقتل والسلب والنهب، مشيراً إلى أن ما يقوم به بعض الأئمة من فوق المنابر من دعاء بالشر على الجميع إلا أهل حيه لا يليق بالأمة الإسلامية التي تحمل هذه الرسالة العالمية. وأردف أنه تبعاً لذلك، فلا يجب ولا يجوز استخدام خطب الجمعة أو الخطاب الديني لاستعداء العالم «فنخالف بذلك تعاليم القرآن الكريم الذي يقول فيه الله تعالى: ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». وقال القرني «نسمع في بعض الخطب والمحاضرات بالدعاء على أعداء الدين مستخدمين ألفاظ وعبارات بأن يدمر رب العالمين الأعداء بالفيضانات والزلازل، بل ويموتون بمرض انفلونزا الخنازير»، مشيراً إلى أن ذلك يمس المسلمين، حيث إنهم يعيشون مع أهل الديانات الأخرى على الكوكب نفسه وليسوا منعزلين أو بعيدين عنهم، وبالتالي لا بد من الحوار والتسامح. وقال إن بعض الأئمة للأسف يدعون على الكفار وكل من هم من خارج ملتهم، قد يخرج الله من أصلابهم من يعبده ويوحده وينصر الدين الإسلامي، وأردف ضاحكاً «إن المايكروفونات التي يدعو بعض الأئمة منها هي من صنعهم (الملل التي يدعون عليها)». وأكد أن الإسلام أمر فقط بمحاربة من يعادي المسلمين ويحتل أرضهم، لافتاً إلى أن غير المسلمين ساهموا مثل المسلمين في بناء الحضارة الإنسانية وقدموا مثلهم أيضاً إبداعات واختراعات مفيدة للبشرية جمعاء كالكهرباء والتلفون، وما إلى ذلك من المخترعات والاكتشافات العلمية الحديثة و»لا يجوز بالتالي الدعاء عليهم بالموت والفناء». ودعا في هذا الإطار إلى إزالة محاكم التفتيش من الأذهان والعقول وعدم الاعتقاد بأن هناك فرقة ناجية دون سواها أو أن هناك قوما دون سواهم أوصياء على الدين أو ناطقين باسمه. مشروع حضاري وأضاف القرني أن الله ذم الرأي الفردي الذي يلغي بقية العقول، محذراً من تحول هذا الأمر إلى عنف ينتشر بين الأسر وفي المجتمع بكامله، وهو ما يحدث حالياً في بعض المجتمعات الإسلامية، حيث «تتناحر الفرق وتتقاتل، بينما العالم يتقدم من حولنا وتتحسن أوضاعه الاقتصادية والعلمية والطبية والحياتية بشكل عام». واستعرض حال الأمة الإسلامية من شرقها إلى غربها والنزاعات التي تدور فيها بسبب الفهم الخاطئ للأمور، مشيراً إلى القتال الواقع في الصومال والعراق والخلاف الفلسطيني، والعراك في أفغانستان وما جاورها من حروب وقتال بين المسلمين أنفسهم، بينما مفكرو العالم والطرف الآخر منشغلون في إبداعاتهم واختراعاتهم. ودعا إلى نشر مفهوم الحب والسلام والرحمة والتسامح بين الناس، مشيراً إلى أن «ثقافة التسامح هي مشروع حضاري يقوم على بث الوعي بضرورة التسامح مع أنفسنا ومع الآخرين والمصالحة مع البشر تحت مظلة الاحترام وتبادل المصالح مع المحافظة على ديننا وقيمنا». خطاب تصالحي وقال القرني «نحن لا نملك الكلمة الأخيرة واجتهاداتنا ليست نصوصاً مقدسة ولا بد أن نحترم وجهات النظر الأخرى وأن نبتعد عن الخلط بين كلام العلماء وكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في القطعية والثبوت والدلالة». وأكد ضرورة أن يكون الخطاب الديني الموجه إلى الآخر خطاب تصالحي للعالم لإن رسالة الإسلام رسالة عالمية، مشيرا إلى أن الإسلام أرفع وأعظم دين عالمي ختم الله به جميع الديانات السماوية. وأضاف القرني أن الخطاب الديني الحالي خطاب إقصائي، مؤكداً أن العالم لا يثق بالمسلمين حتى يسمع منهم خطاب التسامح والتصالح. وأكد أن «العالم لن ينصت لنا إذا فهم منا أننا نريد الاستيلاء على مقدراته، وسلب حقوقه والانتقام منه وتهديد حياته وتخويفه»، مضيفاً أنه «علينا أن نقدم له (العالم) الحقيقة الناصعة والحجة البينة عن ديننا وأن نجعله يشعر بحرصنا على حياته ونجاحه وسعادته». وأشار القرني إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتى لإسعاد البشرية لا لشقائها، ولنجاة الناس لا لهلاكهم، ولسلامتهم وحرمة نفوسهم المعصومة، لا لإزهاق أرواحهم إلا بحقها الشرعي. وأكد في ختام محاضرته أن التطبيع يجب أن يبدأ بين الحاكم والمحكوم أولاً قبل أن يكون مع الآخر، داعياً في هذا الصدد صناع القرار إلى المصالحة مع العالم والتوافق معه، ومشيراً إلى أهمية توحيد الخطاب السياسي والإعلامي. الحاجة إلى التسامح ودعا القرني إلى ضرورة تربية الأجيال والأبناء على الحوار والتسامح واحترام الطرف الآخر بدلاً من الغلظة التي تنفر الناس والحرص على تطبيق أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية في حياتنا في شتى مجالاتها. ونهى عن الخطاب التكفيري الذي يكون له أثر سيء على المجتمع بشكل كامل، مؤكداً أن كبار الكتاب والمفكرين والعباقرة الغربيين ورجال الساسة يفهمون الإسلام وقيمه الأصيلة من خلال إطلاعهم وقراءتهم عن ديننا. وأكد أن بعضهم كتب في مساهماتهم الأدبية عن الإسلام والقيم التي جاء بها، مشيراً إلى أن العالم اليوم في أشد الحاجة إلى التسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس، حيث يختلط الناس في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بجنسيات متنوعة من شتى القارات والألوان والأعراف والديانات، ولذلك على كل مسلم إبراز الوجه المشرق للإسلام من خلال التعامل معهم بالتسامح وإشعارهم بالأمن والأمان والطمأنينة. الأسئلة وفي معرض رده على الأسئلة المقدمة إليه، قال القرني إن علاج الوضع الحالي للمسلمين يكون عبر الإكثار من الخطاب التسامحي كي ينتهي التشدد والتطرف والعنف، مؤكداً أهمية إعادة النظر في المناهج التعليمية التي تزرع المحبة والتسامح في نفوس النشء. وطالب المسلمين المقيمين في الغرب باحترام قوانين الدول التي يعيشون فيها والاعتراف بما لديها من إيجابيات، داعياً في الوقت نفسه الدول الإسلامية إلى عدم السكوت عن الخارجين عليها ويهددون أرواح الناس. وأشار إلى أن المطلوب أولاً محاورة هؤلاء الخارجين في أفكارهم وتبيان عدم صحتها، مشدداً على أنه في حال عدم رجوعهم إلى الحق يجب محاسبتهم بطريقة دستورية وعادلة تليق بإنسانيتهم حماية للدين وللمجتمع. كما دعا القرني العلماء والفقهاء إلى عدم الخوض في أمور السياسة وتركها للحاكم، مشيراً إلى أن العلماء والفقهاء والدعاة في العهود الماضية كانوا يرفضون تولي المناصب السياسية الدنيوية ويتفرغون للأمور الشرعية الفقهية والإصلاح ونصح الحاكم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©