الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«قرى السرطان» بالصين شاهد على الطفرة الاقتصادية

18 سبتمبر 2009 03:36
لا يحتاج المرء إلى أن ينظر لأبعد من النهر الذي يمر عبر شانجبا ليفهم مدى التلوث بالمعادن الثقيلة الذي يقول خبراء إنه حول النجوع في هذه المنطقة من جنوب الصين إلى قرى للسرطان. ويتراوح تدفق النهر من الأبيض المعكر إلى ظل فاقع من البرتقالي والمياه شديدة اللزوجة، بحيث تموج بالكاد عند هبوب النسيم. في شانجبا يجلب النهر الموت وليس الحياة. ويقول خه شون تساي (34 عاما) مزارع الأرز الذي عاش في شانجبا طيلة حياته «كل الأسماك نفقت.. حتى الدجاج والبط الذي شرب من النهر نفق. إذا وضعت رجلك في النهر فإنك تصاب بطفح جلدي وحكة رهيبة». وأضاف «في العام الماضي وحده توفي 6 أشخاص في قريتنا من السرطان وكانوا في الثلاثينات والأربعينات من العمر». ويلقي مرض السرطان بظلال على القرى في هذه المنطقة من الصين بإقليم جوانجدونج الجنوبي الذي تحتضنه أراض زراعية ملوثة بالمعادن الثقيلة التي تستخدم في صناعة البطاريات وأجزاء أجهزة الكمبيوتر وأجهزة إلكترونية أخرى. وأشارت دراسة للبنك الدولي عام 2007 إلى أنه في كل عام يموت ما يقدر بنحو 460 ألف شخص في سن صغيرة بالصين نتيجة التعرض للهواء والمياه الملوثين. وماتت حفيدتا يون ياو شون في سن الثانية عشرة والثامنة عشرة على التوالي بسرطان الكلى والمعدة على الرغم من أن هذين النوعين من السرطان نادراً ما يصيبان الأطفال. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن هذا المعدل المرتفع من سرطانات الجهاز الهضمي يرجع إلى شرب المياه الملوثة. وقالت الجدة يون (82 عاماً) إن «هذا بسبب دابوشان والمياه القذرة. الفتاتان كانتا تلعبان دائماً في النهر وحتى مياه البئر الخاصة بنا ملوثة». ويمتد النهر الذي كانت الطفلتان تلعبان فيه من قاع منجم دابوشان المملوك لمؤسسة جوانجدونج دابوشان الحكومية للتعدين ومن أمام منزل العائلة المتداعي. ومياهه ملوثة بالكادميوم والرصاص والانديوم والزنك ومعادن أخرى. ويستخدم القرويون مياه البئر في شانجبا في الشرب، لكن تحاليل نشرها موقع بيوميد سنترال على «الإنترنت» في يوليو تظهر أنها تحتوي على كميات مفرطة من الكادميوم، وهو معدن ثقيل من المعروف أنه من مسببات السرطان، فضلاً عن الزنك الذي يمكن أن تلحق الكميات الكبيرة منه أضراراً بالكبد وتؤدي للإصابة بالسرطان. ويقول إدوارد تشان المسؤول بجماعة (جرينبيس) في جنوب الصين «الصين بها الكثير من (قرى السرطان) ومن المرجح للغاية أن تكون هذه الحالات المتزايدة من السرطان بسبب تلوث المياه». لكنها ليست المياه فقط، فالمعادن الثقيلة المسببة للسرطان تدخل أيضاً سلسلة الغذاء. وتلقى أكوام من النفايات من التعدين المعدني بجانب حقول الأرز في أنحاء المنطقة. وقال خه المزارع فيما كان يضع أرزاً طحن لتوه في جوال «إذا حللت هذا الأرز سيكون ساماً، لكننا نأكله أيضاً وإلا سنتضور جوعاً». وأكثر أنواع السرطانات شيوعاً هي سرطانات المعدة والكبد والكلى والقولون وتمثل نحو 85% من السرطانات. ولا تتوافر معدلات الإصابة بالسرطان في هذه القرى، لكن جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان تقول إنها أعلى كثيراً من المتوسط الوطني. وذكر تقرير لمنظمة البيئة وصحة الشعب في الصين نشرته منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2001 «في جنوب الصين، حيث تعتمد المجتمعات إلى حد كبير على مياه الشرب من البرك والبحيرات، فإن معدلات سرطان الجهاز الهضمي عالية جداً». وفي أنحاء الصين هناك مئات وربما آلاف القرى الصغيرة المجهولة الاسم التي تعاني من عواقب التوسع الاقتصادي السريع في البلاد فهي قرى بها معدلات وأنواع من السرطانات يقول خبراء إنها لا يمكن أن تحدث إلا بسبب التلوث. وقد يكون هذا مصير المزيد والمزيد من سكان الصين، حيث تلفظ المناجم والمصانع عشرات الملايين من الأطنان من التلوث كل عام لتدخل إلى نظام المياه، فضلاً عن الهواء لإنتاج ثمار النمو الاقتصادي للصين. وقالت وسائل إعلام صينية رسمية إن معدلات الوفاة بالسرطان ارتفعت بنسبة 19% في المدن و23 في المئة بالمناطق الريفية عام 2006 مقارنة بعام 2005، غير أنها لم تعط أرقاما محددة. وللعبء الصحي ثمن اقتصادي. وذكرت وسائل إعلام صينية أن تكلفة علاج السرطان 100 مليار يوان (14.6 مليار دولار) تقريباً في العام، وهو ما يمثل 20% من الإنفاق الصحي.
المصدر: هونج كونج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©