الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجارة السبح تنشط في رمضان للتبرك والوجاهة

تجارة السبح تنشط في رمضان للتبرك والوجاهة
18 سبتمبر 2009 23:56
قال أمير الشعراء أحمد شوقي مخاطبا امرأة يعشقها ولا تعبأ به لأن عشاقها كثيرون: «للعاشقين رضاك والحسنى.. ولي هجر وصد.. ذكروا فكانوا سبحة.. وأنا العلامة لا تعد». والعلامة هي تلك الخرزة التي تفصل بين كل ثلاث وثلاثين حبة في السبحة ذات التسع والتسعين حبة أو بين كل إحدى عشرة حبة في السبحة ذات الحبات الثلاث والثلاثين. والسبحة والمسبحة لفظان صحيحان لغويا وفصيحان. لكن السبحة أخذت مسحة إسلامية في عصر متأخر ربما في أواسط العصر الأموي. بينما هي في الواقع لا ترتبط بطقوس وعبادات الإسلام. فقد عرفها اليهود وسموها «ماه بركوت» أي المائة بركة وعرفها المسيحيون. واستخدمها جميع أهل الأديان لتسبيح الله عز وجل. وفي حي الحسين بالقاهرة الفاطمية، يوجد أكبر سوق للمسابيح أو السبح في العالم بعد السعودية. وصناع السبح في العادة يعتبرون هذه الصناعة مباركة ويتوارثونها أبا عن جد. وتجد لديهم كل الأنواع من سبح الكهرمان واليسر والصندل والأرو والأحجار الكريمة ويتراوح السعر بين خمسة جنيهات وخمسة آلاف جنيه حسب خامة السبحة. وقد دخلت السبحة عالم الموضة أيضا بخاماتها وأشكالها ويقبل عليها الشباب اليوم أكثر من كبار السن كنوع من الوجاهة والأناقة، وهناك من يختار لون مسبحة موافقا للون ملابسه. وتقبل ربات البيوت على السبح العملاقة المصنوعة من خشب الأرو ويبلغ طول الواحدة منها مترين لتعليقها في مداخل البيوت كمظهر إسلامي ومنعا للحسد. كما يقبل على المسابيح أيضا أعضاء الطرق الصوفية وتصنع لهم مسابيح معينة لأورادهم. وتتركز صناعة السبح في مصر بحارة قصر الشوق بحي الحسين بالقاهرة ويزداد الإقبال على شرائها في رمضان. نشاط وإقبال يقول الحاج سيد عرفة أحد أشهر صناع السبح بمصر، وورشته بحارة قصر الشوق: «نشاط الورشة قائم طوال العام لكن الإقبال يتزايد خلال رمضان مع التصدير للأسواق الخارجية وورثت المهنة عن والدي وأخشى عليها الانقراض لندرة الصناع المهرة وإغراق السوق بالسبح الصينية التي تخلو من الفن والمهارة. ويؤكد أن صانع المسبحة لابد أن يكون خراطا فنانا، بحيث لا تتكرر نماذجه وقد يستغرق العمل في المسبحة الواحدة يوما كاملا بداية من قطع الخشب أو الصاج أو المادة المصنعة منها لخرط الحبات بالشكل الأجود». ويضيف أن أشكال خرط الحبة متعددة وأشهرها الترمسة والزيتونة والبلية والاسطنبولي والفلاحي، وعدد حبات المسبحة إما 33 حبة أو مائة حبة، وهناك مسبحة بها مائة حبة عليها أسماء الله الحسنى، بحيث تحمل كل حبة اسما من الأسماء الحسنى، وهناك مسبحة مكونة من ألف حبة يطلبها مشايخ الطرق الصوفية وتستخدم لتزيين الأضرحة. ويشير إلى أن سر صنعة المسبحة يكمن في الخرط ودقة التطعيم وتصميم وتنفيذ مئذنة المسبحة أو الشاهد ودقة «التفاسير» وهي الفواصل بين الحبات، والمصريون متميزون في صناعة المسابح اليدوية يليهم الأتراك والسوريون، والسوق الكبرى لبيع السبح هي السوق الخليجية، وغالبية السبح اليدوية القيمة بتلك السوق خارجة من حارة قصر الشوق. ويقول عرفة إن صناعة السبح يدوية عريقة تتوارثها الأسر بحارة قصر الشوق، وهذه الأسر تعرف أسرار الصناعة من خرطها وحتى تطعيمها بالعاج أو الفضة أو الذهب وأسعار المسابيح تبدأ من خمسة جنيهات للمسبحة الشعبية وتصل إلى ألف جنيه للمسبحة الكهرمان التي تباع بالجرام وسعر الجرام يتراوح بين 100 و 150 جنيها، وهذه المسبحة لها زبائنها المعروفون، خاصة أن المسبحة صارت عنوانا للأناقة والتباهي، وهناك مسابيح يصل سعر الواحدة منها إلى 5 آلاف جنيه. مشاهير تعشقها ونفى وجود مسابيح للرجال وأخرى للنساء وقال هي للجميع، والموضة الآن حرص الشباب على التباهي بها، وكل مسبحة لها زبونها الذي يقدر قيمتها، وهناك إقبال من الأجانب على السبح، حيث يستخدمها السائح كعلاج من القلق أو كتذكار، وبعض النساء يرتدين المسبحة كعقد للعلاج أو ضد السحر، خاصة المسبحة الكهرمان، وهناك مشاهير من السياسيين والفنانين والأثرياء كانوا حريصين على شراء السبح القيمة وأشهرهم رئيسا مصر الراحلان عبدالناصر والسادات وحسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية والفنانون ونجوم الكرة أمثال هالة فاخر ودلال عبدالعزيز وجمال عبدالحميد ومحمد قنديل ومحرم فؤاد. ويقول الأسطى محمد علي، أحد العاملين في صناعة السبح، «إننا نعمل طوال العام وأغلب إنتاجنا يصدر إلى الأسواق الخليجية، خاصة السبح القيمة والمطعمة بالخامات المختلفة، وتنشط السوق طوال شهر رمضان والبعض يفضل السبح الكبيرة لاستخدامها في الديكور خصوصا المصنعة من خشب الأرو وعدد حباتها 33 حبة وتختلف أحجامها بين الكبير والمتوسط أو المصنوع من الخزف الأزرق أو الأخضر». ويوضح أن السبح من مظاهر العبادة في الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام، ولكن عدد حباتها يختلف من ديانة لأخرى، فغالبية المسلمين يرون أن عدد حبات المسبحة 33 أو 99 حبة، بينما المسبحة لدى الصوفية مئة حبة مزودة بعدادين، الأول خاص بالمئات والثاني خاص بالألوف حتى يصل عدة مرات التسبيح إلى مليون، أما المسبحة لدى المسيحيين فتتراوح حباتها بين 45 و66 حبة ويعلق في نهاية المسبحة صليب، أما مسبحة اليهود فيتراوح عدد حباتها بين 17 و21 حبة وأغلب السبح الموجودة في حارة قصر الشوق بالجمالية تتركز في المسبحة ذات الـ33 و99 حبة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©