الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألعاب كمبيوتر جديدة تحاكي الواقع وتعالج قضايا شائكة

ألعاب كمبيوتر جديدة تحاكي الواقع وتعالج قضايا شائكة
27 مارس 2012
مازال عالم ألعاب الكمبيوتر يؤثر وبشكل مباشر على الكبير قبل الصغير، ومازالت هذه الألعاب تلقى رواجاً منقطع النظير، لم يسبقها إليه أي منافس خلال السنوات الطويلة الماضية، ورغم اختلاف وتشعب وتنوع هذه الألعاب إلا أن معظم أهدافها واحدة، وتأتي للاعبيها بنتيجة واحدة، تتمثل وتتلخص في القضاء على الرئيس النهائي للعبة، أو بتدمير حصون وقلاع الأعداء، أو الانتهاء من المراحل المختلفة والصعبة والشائكة... أو غير ذلك من النهايات التي تكون في الغالب سعيدة للاعب، والتي تسيطر من خلالها عليه، وتجعله في عالم لا واقعي، بعيداً كل البعد عن واقعه وعالمه الذي يعيشه. اليوم ومع كم التطور الذي نشهده على الساحة التكنولوجية، نشاهد وبدون أدنى شك أن ألعاب الفيديو أصبحت تفرض سيطرتها وتمد هيمنتها على كافة الأجهزة التقنية التكنولوجية، ولم تعد مثل هذه الألعاب حصراً وحكراً على أجهزة اللعب التقليدية التي تجبر صاحبها على الجلوس لساعات وساعات طوال أمام شاشة التلفاز المتصل بجهاز الألعاب، لممارسة لعبه المفضلة والانتهاء من مراحلها التي ما أن يبدأ بها إلى أن لا يترك هذه اللعبة حتى ينتهي منها ويتمكن من جميع رؤسائها ومراحلها الكثيرة والمختلفة والمتشعبة. عالم يزدهر يشهد اليوم سوق الألعاب الإلكترونية، تطوراً ونمواً سريعاً، أصاب كل صغيرة وكبيرة في حياتنا اليومية، فهواتفنا وأجهزتنا الذكية أصبحت الوسيلة المثلى اليوم، لنقل هذه الهواية إلى خارج حدود المنزل، وممارستها في أي مكان يحل به مالك هذا الهاتف الذكي المتخوم بكل أنواع وأشكال الألعاب، التي بات عليها طابع السرعة، كالطابع العام الذي نعيشه في أيامنا السريعة التي تمضي وكأنها ساعات معدودة، لا يسعنا فيها تحقيق أقل القليل من الواجبات أو الوظائف الموكولة إلينا. وظهر عالم جديد من هذه الألعاب الإلكترونية، تعتمد عليه الأجهزة والهواتف الذكية في مبيعاتها، وتسوق له قبل التسويق لمنتجاتها الجديدة المختلفة. لإضاعة الوقت اتفق المئات من المختصين والخبراء حول العالم، على أن ألعاب الماضي ومعظم ألعاب الحاضر، لم يكن لها هدف رئيسي محدد وواضح من ممارستها، سوى “التسلية”، وإضاعة الوقت الكثير في التفكير في حل رموز اللعبة، أو محاولة مجابهة الأعداء والقضاء عليه... وغير ذلك من الأمور التي أكدت أنه ورغم التسلية الكبيرة التي تأتي بها إلى بعض اللاعبين، إلا أنها قد تأتي لبعضهم بالعديد من المشاكل الصحية والنفسية، خصوصاً الأشخاص الذين يمارسون مثل هذه الألعاب لفترات طويلة، وفي سن مبكرة. فالتسلية إن كانت في بعض الألعاب ذات نتائج إيجابية، وهي الاستمتاع في اللعب وإضاعة بعض الوقت، فهي ذات نتائج سلبية، في بعض الألعاب الأخرى، لا تأتي إلا بالمشاكل على من يمارسها، ويدمن في نفس الوقت ممارستها. ألعاب ذات مغزى وإذا كانت الملايين من الألعاب قد صممت وأُنتجت لإضاعة الوقت، وتبديد الكثير والمزيد منه، بدون فوائد أو مردود سوى التسلية، فاليوم لم يعد الأمر كذلك في العديد من ألعاب الفيديو التي تم إنتاجها، لتكون بمثابة الطريقة الجديدة لتوعية اللاعبين حول موضوع معين، والتي تأتي بهدف ومغزى لمعالجة قضية معينة في نهاية مراحلها، التي تشعر من يلعبها بأنه جزء لا يتجزأ منها، يعيش بها ويتفاعل معها، كما لو أنه في الواقع. مثل هذه الألعاب، التي ابتعدت عن التسلية، لتجد طريقا جديدا لها أقرب إلى الواقعية والجدية، تمكن لاعبيها من إجراء العمليات الجراحية المعقدة، أو تعطيهم الفرصة لملاحقة الإرهابيين، أو تجمع الأميون والجاهلون منهم في حصص محو الأمية للتعلم والتثقف والدراسة، كما أنها تمنح لبعض الراغبين في العيش في أوروبا فرصة التسلل إلى هذا البلد وهذه المنطقة التي يحلم بالعيش بها ملايين الأشخاص، رغم مواجهتهم لعشرات المخاطر والصعوبات. لعبة «الحدود» رغم أن معظم ألعاب الفيديو قد ابتعدت وبصورة مباشرة عن النواحي الإنسانية، وركزت بصورة أو بأخرى على مختلف نواحي الحياة الأخرى، إلى أن لعبة “الحدود” تمكن اللاعب، كما أوضحت وكالة “دي دبليو” الألمانية، من أن يلعب دور اللاجئ، ويحاول أن يجتاز الحدود الأوروبية، من خلال العديد من المستويات الصعبة والمختلفة في اللعبة. أو أن تجعل اللاعب يقرر لعب الدور المعاكس، بأن يلعب دور شرطي الحدود، فيحاول إعاقة اللاجئين من اجتياز الحدود، مع تمكينه وفي حالة الضرورة من إطلاق النار على هؤلاء اللاجئين، ولكن في المقابل سيخسر اللاعب العديد من النقاط في هذه الحالة. وبالإضافة إلى لعبة الحدود، فهنالك لعبة أخرى ترمي إلى نفس الهدف والمغزى، وهو الحلم بأوروبا والوصول إليها، فمن خلال لعبة “لقد وصلت إلى حصون أوروبا” يحاول اللاعب من اجتياز ذلك الحاجز بارتفاع سبعة أمتار صعب العبور، وفي نفس الوقت يواجه اللاعب ذلك الرجل القوي ذو البشرة الغامقة الواقف كالصخرة يحرس هذا الحاجز العملاق، ويبدأ اللاعب خطوات خفر الحدود بالاقتراب ومحاولة التسلل إلى أوروبا ضمن العديد من المراحل المحفوفة بالمخاطر والصعوبات، فيكون اللاعب هو صاحب القرار بالهروب من حراس الحدود والشرطة أو التعامل معهم برشوتهم، ليقنعهم بعبوره هذا الحاجز الكبير ليصل بعدها إلى هدفه المنشود والذي يكمن خلف هذا الحاجز، ويحقق حلمه الذي رغب فيه لسنوات طويلة ألا وهو أوروبا. قصص اللاجئين وهي لعبة ذات مغزى أخرى، تحاكي جدية الحياة، ابتكرتها مجموعة فنية نمساوية اسمها “جولد إكسترا”، بحسب ما أوضحت وكالة “دي دبليو” الألمانية. والبعض يفضل أن يطلق عبارة “مرعب” على اللعب بمصير اللاجئين أو شرطة الحدود. مبتكرو اللعبة يصفونها بأنها “لعبة للتغيير”. وهذه اللعبة يمكن للجميع أن يلعبها، فهي متاحة للتحميل بشكل مجان. وترغب المجموعة في أن تلفت النظر إلى المشاكل الموجودة على حدود أوروبا. ولأنه في الحقيقة يسمح بإطلاق النار، في حالات الضرورة، على المتسللين على الحدود الأوروبية، يفترض أن يجرب اللاعبون هذه الحالة أيضا. ولكن إذا ما قرر اللاعب، إن كان خفير حدود، أن يطلق النار على المتسلل، فيتم إنذاره. أما صانعو اللعبة لا يريدون أن تكون لعبتهم لعبة حرب مثل لعبة “Call of Duty” مثلا، حيث يتم إطلاق النار لمجرد التسلية. ومن أجل إنتاج اللعبة قام الفنانون ببحث عميق، مع لاجئين ومنظمات إغاثة ومتحدثين باسم شرطة الحدود. كما شدوا الرحال إلى المغرب وزاروا هناك نقاطا حدودية. “يريد اللاجئون منا أن نروي قصصهم، كما أعطونا موافقتهم الصريحة بأن نسقط ملامحهم الخارجية على الشخصيات الإلكترونية في اللعبة”، مثلما يوضح توبياس هامارله من “جولد إكسترا”، خلال تقديم اللعبة، الشهر الماضي، في مركز الفن وتقنيات الإعلام في كارلسروه بألمانيا. لا يمكن الفوز فيها الخطة: في مدينة ذات ملامح عربية يختبئ إرهابيون. ومهمة اللاعب هي مطاردتهم وتصويب النار تجاههم.. يضغط على زر من خلاله يفترض أن يقتل الإرهابيين.. ولكن عندما يحدث التفجير، يختفون جميعهم فجأة، وبهذا يقتل اللاعب أناسا أبرياء. اللعبة مبرمجة بأنه كلما قتل مزيد من الأبرياء، زاد عدد السكان الذين يحملون السلاح ويتحولون إلى إرهابيين. اللاعب لا يمكنه أن يفوز هنا.. وليس فقط الرسائل السياسية هي التي يمكن تمريرها عبر الألعاب، كما يرى الدكتور شتيفان جويبل، الباحث في مجال ألعاب التعلم في الجامعة التقنية في دارمشتات: “كل المجالات تقريبا يمكن أن تكون مسرحا لتطبيق الألعاب الجدية”. والآن هناك ثلاثة مجالات رئيسية تطبق فيها الألعاب الجدية: التعليم والتدريب، في مجال الرياضة والصحة، وفي مجال الإعلان. ألمانيا تحاول اللحاق بالركب في ألمانيا حاليا، هناك كثير من الشركات التي تخصصت في تطوير مثل هذه الألعاب التعليمية، وإحدى هذه الشركات يديرها تورستن أونجر، المدير التنفيذي لشركة “Zone 2 Connect” والمتحدث باسم مجموعة عمل الألعاب الجدية لدى الجمعية الألمانية لصناعة ألعاب الكمبيوتر. وهو يقول إن ألمانيا لازالت تحاول اللحاق بركب الدول المتقدمة في مجال الألعاب الجدية، ومنها الولايات المتحدة والدول الاسكندنافية وبريطانيا وهولندا وفرنسا والتي تعطى الأمر أهمية متزايدة لهذا المجال”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©