الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفلوطين

18 يناير 2008 22:20
الغريب عن أفلوطين 205 - 270 ميلادية أنه لم يكتب شيئاً عن حياته، ولم يسمح لأحد من تلامذته الكتابة عنها، لكن تلميذه فرفوريوس الصوري تمرد على هذا الأمر وكتب عن حياة أستاذه أفلوطين، فهو حسب ما يقول فرفوريوس الصوري تتلمذ في الإسكندرية لأمونيوس ساكاس، وقال هذا الأخير بعد حضوره الدرس الأول: هذا هو الرجل الذي أبحث عنه· هناك غموض يحيط بولادته، لكن أغلب المصادر ترجح إنه من ''مصر'' ومن ''منطقة الصعيد'' فيها تحديداً لكن وفاته معروفة في منورنو شمال نابولي· مارس أفلوطين التعليم في روما على عادة اليونان القدامى وليس على عادة المدرسة السفسطائية في تلقي الأجر، وكانت مدرستة تستقبل الطلبة من مختلف الاتجاهات الفلسفية والدينية· يقول تلميذه فرفوريوس: إن أفلوطين كان يخجل من وجوده في جسد، لذلك رفض أن يُرسم أو أن يوضع له تمثال، كان متصوفاً ساعياً للوصول إلى حياة الوجد التي لم يبلغها سوى أربع مرات في حياته، كان يعد نفسه شارحاً للمذاهب اليونانية القديمة لأنه يؤمن، كما كان يؤمن أغلب مفكري القرن الثالث الميلادي، بأن الحقيقة قد قالها الفلاسفة القدماء وما علينا سوى شرحها· وهو ما يشابه سقراط في القول إن الفلسفة تُحفظ ولا تكتب وتقوم على أساس النقاش، لذا كان كتابه ''التاسوعات'' عبارة عن تلك المناقشات الحية التي كانت تجري في مدرسته الفلسفية، وقسم على أربع وخمسين مقالة متفاوتة في طولها وموزَّعة على ست مجموعات كل مجموعة منها مؤلَّفة من تسعة أقسام، ومرتبة ترتيباً منهجياً؛ فالمجموعة الأولى تبحث في الإنسان والأخلاق، والثانية والثالثة تبحثان في العالم المحسوس، والرابعة في النفس، والخامسة في العقل، والسادسة في الواحد أو الخير· وهذا الترتيب يعني الانطلاق من الذات وصولاً إلى المبدأ الكلي أي الله· ويفسر هذا الترتيب أيضاً تيمناً بالرقمين ستة وتسعة على غرار ما يعتقد الفيثاغوريون· يشبه بعض الباحثين انتشار نظرية أفلوطين في الفيض خلال العصور القديمة والوسطى مثل انتشار ''نظرية التطوُّر'' في القرنين التاسع عشر والعشرين، نظريته في الفيض أو الصدور هي عبارة عن تصور لحركة الوجود من خلال الأقانيم الثلاثة (الواحد والعقل والنفس)، وهو أقدر المفكرين القدامى على التوفيق بين الحكمة والشريعة· تعد فلسفة أفلوطين المعبرة حقاً عن الأفلاطونية المحدثة ذلك الاتجاه الفلسفي الذي ظهر في القرن الأول قبل الميلاد واستمر في القرنين الميلاديين، واهتم بتجديد الفلسفة الأفلاطونية، والذي يعد فيلون الاسكندري أقدم ممثلي هذا الاتجاه، لكن الأفلاطونية المحدثة أصبح لها معنى في مجمل التيار الفلسفي الذي أنشأته مدرسة أفلوطين· أثرت أفكار أفلوطين في المذاهب الفلسفية المسيحية خصوصاً القديس أوغسطين، أما في العصر الحديث فقد تأثر به الفيلسوف الفرنسي ''هنري برغسون'' في الاندفاعية الحيوية، وفي العالم الإسلامي فأثره بدا واضحاً في نظرية الفيض عند أبي نصر الفارابي والمعرفة الإشرافية عند الشيخ الرئيس ابن سينا بداية، وابن طفيل لاحقاً، ومن ثم وحدة الوجود عند ابن عربي والسهروردي، و''نظرية الاتصال'' عند ابن باجه· الطريف الذي يذكر عنه هو مثابرته على إقامة وليمة طعام سنوية في عيدي ميلاد سقراط وأفلاطون·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©