تبادلت كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية أمس تصعيد لهجة الحرب وسط توتر متزايد في شبه الجزيزة الكورية بسبب اتهام الأولى للثانية بإغراق سفينتها الحربية “شيونان” في البحر الأصفر يوم 26 مارس الماضي. وتعهدت سيؤول بدفع بيونج يانج ثمن إغراق البارجة، وعلقت التجارة معها، وطلبت من مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات جديدة عليها. كما أعلنت استعدادها لاستخدام القوة العسكرية رداً على أي “استفزاز” كوري شمالي جديد، موضحة أنها ستجري مناورات لمناهضة الانتشار النووي وتدريبات مشتركة مع الولايات المتحدة لمواجهة الغوصات. في المقابل لوحت كوريا الشمالية ضمنياً باستخدام السلاح النووي إذا هاجمتها كوريا الجنوبية وحليفتها الولايات المتحدة.
وهدد الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونج باك في خطاب تلفزيوني حاد اللهجة ألقاه في سيؤول برد عسكري فوري على كوريا الشمالية إذا اعتدت على بلاده. وقال “إن جمهورية كوريا (الجنوبية) لن تقبل بعد الآن بأي عمل استفزازي من الشمال وستبقي على مبدأ الردع الاستباقي”. وأضاف “إذا انتهكت كوريا الشمالية مياهنا الإقليمية ومجالنا الجوي أو أرضنا، فسنستخدم على الفور حقنا في الدفاع عن أنفسنا”. وذكر أنه تم تعزيز الوسائل الدفاعية الكورية الجنوبية بشكل كبير.
وقال باك “إن الجنوب تساهل في الماضي مع وحشية الشمال، لكن الأمور تغيرت ومن الآن فصاعداً، لن تتسامح جمهورية كوريا تجاه أى تصرف استفزازى من كوريا الشمالية وسوف نحافظ على مبدأ الردع النشط وستدفع كوريا الشمالية الثمن بحجم أعمالها الاستفزازية”. وأضاف “هدف كوريا الشمالية هو إثارة انقسام وصراع وقد حان الوقت كي يتغير النظام الكوري الشمالي”. ووصف إغراق “تشونان” بأنه “استفزاز عسكري واضح” وطالب بيونج يانج بتقديم اعتذار فوري ومعاقبة المسؤولين عن الهجوم على البارجة. وأوضح “أحث بشكل جاد السلطات في كوريا الشمالية، على الاعتذار فوراً لجمهورية كوريا وللمجتمع الدولي وتحمل المسؤولية عن حادث غرف السفينة ومعاقبة المسؤولين عنه وهذا هو واجب أساسي يجب أن تفي به كوريا الشمالية في المقام الأول”.
وشدد على أن كوريا الشمالية ستدفع ثمن ما قامت به. لكنه قال “إن هدفنا الجوهري في نهاية المطاف ليس مواجهة عسكرية بل هو الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والازدهار المشترك لكوريا الموحدة وتحقيق السلام بصورة سلمية”.
وأعلن باك وقف جميع برامج التبادل التجارى مع كوريا الشمالية وتخفيض المساعدات الإنسانية الكورية الجنوبية لها إلى أدنى مستوى. وصرح أيضاً بأنه من الآن فصاعداً لن يُسمح للسفن التجارية الكورية الشمالية بالإبحار في المياه الكورية الجنوبية، وقال “وفقاً للظروف الراهنة فأي تبادل تجارى أو نشاط تعاوني بين الكوريتين سوف يكون بلا معنى”. وأضاف “سوف أستمر فى اتخاذ الإجراءات الصارمة حتى تتم إدانة كوريا الشمالية”. وذكر أن بلاده تعتزم أيضاً عرض القضية أمام مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات دولية جديدة على كوريا الشمالية. وقال إن بلاده ستستمر في تقديم الدعم للأطفال الكوريين الشماليين.
وأعلن وزير الخارجية الكوري الجنوبي يو ميونج هوان فى مؤتمر صحفى مشترك مع زميليه وزيري الوحدة والدفاع وكيم تاي يونج بدء “حملة دبلوماسية واسعة” لمعاقبة بيونج يانج. وقال إن هناك مباحثات وثيقة مع الدول المعنية فى إطار إجراءات سيتم اتخاذها لمواجهة “استفزاز كوريا الشمالية”، كما ستجري كوريا الجنوبية مشاورات مع تلك الدول والمنظمات الدولية حول سبل المشاركة الأكثر إيجابية في المبادرة الأمنية لحظر الانتشار النووي. وأضاف “سندعو المجتمع الدولي إلى الالتزام الصارم بالقرارين السابقين لمجلس الأمن الدولي رقم 1874 ورقم 1718 من أجل منع كوريا الشمالية من التبادلات غير القانونية للأسلحة’.
وصرح يونج بأن البحريتين الكورية الجنوبية والأميركية ستجريان قريباً تدريبات مشتركة على مواجهة الغواصات قبالة ساحل كوريا الجنوبية الغربي. وأعلن أن بلاده ستجري أولى مناورات ضد الانتشار النووي في النصف الثاني من العام الحالي لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل الكورية الشمالية، كما ستشارك بشكل نشط في مناورة لمناهضة الانتشار النووي بقيادة الولايات المتحدة داخل وخارج شبه الجزيرة الكورية في مسعى دولي لوقف شحن أسلحة الدمار الشامل. وقال إن الهدف من ذلك هو “القضاء على رغبة كوريا الشمالية في ارتكاب المزيد من الاستفزازات والتأكيد لها أن أي إجراء غير قانوني سيواجه برد فعل”. كما أعلن استئناف الدعاية الإعلامية للحرب النفسية ضد كوريا عبر مكبرات الصوت انطلاقاً من الحدود، المعلقة منذ عام 2004.
من جانبها، أعلنت كورية الشمالية في بيان رسمي أن من حقها تعزيز ردعها النووي وأنها طورت أسلحة نووية بأسلوب شفاف. وهددت على لسان قائد عسكري بإطلاق النار على أي معدات تضعها كوريا الجنوبية على الحدود المشتركة بينهما لبث دعاية معادية لها. كما هددت باتخاذ إجراءات أشد إذا صعدت كوريا الجنوبية التوتر.
عدد اليوم
