الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو الفنون لا يموت

أبو الفنون لا يموت
27 مارس 2013 20:10
أبو الفنون لا يمكن أن يموت. هذا ما تؤكده سنة بعد سنة أيام الشارقة المسرحية، التي تعيد إلى الخشبة ألقها وحضورها ودورها، بعد أن كاد ينفض عنها العناصر الحاضنة لها، من مبدعين وعاملين وجمهور، في العديد من الساحات الثقافية العربية. تكاد مقولة موت المسرح تتكرس بسبب الضمور الذي يعانيه هذا القطاع الفني والإبداعي. ويتحدث المتابعون والمهتمون عن عوامل كثيرة أدت وتؤدي لهذه النتيجة، لكن الشارقة بموسمها السنوي تمنح خفقة حياة للفن المؤسس، ولكل ما مثله ويمثله في أفكار الناس وحراكهم وذائقتهم الفنية. هذا العام، وفي الدورة التي حملت الرقم الثالث والعشرين من «أيام الشارقة المسرحية» كانت منحة الشارقة للمسرح، المحلي الإماراتي والعربي عموما، حيوية ولافتة. عشرة أيام من العروض، شهدت أعمالًا لـ 11 فرقة مسرحية محلية، إضافة إلى أربع مسرحيات عربية، فضلا عن ندوات وورش مهنية، شارك فيها العشرات من المبدعين والفنانين والفنيين والنقاد، فضلا عن استعادة مهمة للجمهور إلى محراب هذا الفن الحي. وقد طرحت الندوات تطبيقية الفكرة، أسئلة مهمة عن راهن المسرح العربي ومستقبله، وهي تستكمل نقاشا جرى في السنوات السابقة حول الموضوع، ويمكن أن يستمر لسنوات عديدة للخروج من المكبلات التي تعوق حركة المسرح. انطلقت الدور الثالثة والعشرون من «أيام الشارقة المسرحية» التي تنظمها دائرة الثقافة والإعلام، تحت رعاية وبحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في قصر ثقافة الشارقة، وبحضور سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخ عبدالله بن سالم بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة. وفي مستهل حفل الافتتاح ألقى رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة عبدالله بن محمد العويس، كلمة أكد فيها أن الشارقة تعمل في مشروعها الثقافي الشامل بكل جد وإخلاص، وذلك من خلال إعطاء كل فن حقه من الرعاية والاهتمام والدعم، منوهاً بأن تبيان ذلك يتضح من خلال ما تزخر به ساحتنا الثقافية على مدى العام. وتابع العويس «ها نحن اليوم مع أحد أركان البنية الثقافية التي أسسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فسجل المسرح محلياً وعربياً وعالمياً مقدار الرعاية السامية التي يوليها سموه لهذا الفن، متمثلة في منح الجوائز المسرحية وتكريس المهرجانات المسرحية ورفدها بالملتقيات الفكرية المتخصصة». وأردف العويس «ما إن تنتهي دورة من دورات أيام الشارقة المسرحية، إلا وتبدأ الفرق المسرحية في الانشغال الذهني بما هو قادم وما ستقدمه، ما ينم عن إدراك المسرحيين للمسؤولية المنوطة بهم للرقي بفنهم». وخلال الحفل كرم صاحب السمو حاكم الشارقة الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا ومنحه جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي في دورتها السابعة لسنة 2013، تقديراً لدوره الكبير في إثراء حركة المسرح الخليجي والعربي عبر مسيرة امتدت سنوات طويلة. كما كرم سموه مسرحية «الديكتاتور» لفرقة بيروت بجائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أفضل عرض مسرحي عربي في الدورة الأخيرة لمهرجان المسرح العربي التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح في قطر يناير الماضي. لقد أصبحت «أيام الشارقة المسرحية» هي الواجهة الحقيقية للمسرح والمسرحيين في الإمارات، وعلى المستويين الإقليمي والعربي. وأهميتها إنها استطاعت أن تؤسس قاعدة من الكتّاب والمخرجين والممثلين والعاملين في كافة تقنيات ولواحق العرض المسرحي.. خصوصا وأنه أصبح إلى جانب أيام الشارقة المسرحية أكثر من تظاهرة وحدث مسرحي مواز، منها ما تقوم به الهيئة العربية للمسرح من جهود لإثراء الفكر المسرحي العربي، وأيضاً «مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما»، الذي قطع خمس دورات ناجحة في تعريف مسارح العالم وفنانيه بالثقافة العربية، إلى جانب عديد الجهود التي تقوم بها وزارة الثقافة وجمعية المسرحين، وجميعها تصب في خانة رؤية واحدة نحو (تطوير رسالة وفن المسرح). إن (القيمة الفنية) العظيمة لأيام الشارقة المسرحية، كانت وما زالت النافذة الحقيقية المشرعة لانطلاق المسرحيين الإماراتيين وأشقائهم العرب نحو فكر مسرحي ريادي جديد، يتخطى أبعاد المسرح التجاري، بل يتجاوزه إلى ثقافة تتطور بمزيد من التقاليد المهرجانية سواء على مستوى الكلمة أم على مستوى فكرة العرض.. وهذا ما يجعل من الحدث المسرحي في الشارقة نقطة ضوء مبهرة في ظلام الثقافة المتأخرة من خلال تدعيم مفاهيم جديدة تقوم على بناء حركة نقدية موضوعية تطبيقية تتوازى مع الحدث. فبقدر ما تكون قيمة الكلمة النقدية راقية بقدر ما تكون أهمية جماليات العرض وفكره بالنسبة للجمهور الذي ينبغي أن يكون في الصف الأمامي من معادلة المسرح. وهذا ما تحققه الدراسات المسرحية القيمة، وطباعة الكتب المتخصصة في المسرح وتلك التي تؤرخ لتاريخ المسرح المحلي وتجاربه التي تضيع دون توثيق علمي مستند إلى الفهم العلمي التحليلي للمسرح. وفضيلة «أيام الشارقة المسرحية» إنها تعيد الاعتبار إلى المسرح الجاد الملتزم بالهوية.. المسرح المطلوب حضوره في اللحظة الراهنة.. المسرح الذي لا يفصل بين الخشبة والصالة، وهو الذي يجدد طاقة وحيوية المسرح وشبابه، دون أن ننسى أن المسرح الراكد الذي لا يطوّر نفسه، يشيخ مثل الناس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©