توأمة بين السيارة والدراجة الهوائية في أوروبا

خرجت بعض الشركات العالمية في صناعة السيارات بفكرة جديدة لتوفير الوقود وحماية البيئة بعد أن أصبح ارتفاع أسعار النفط حديث الساعة في أرجاء العالم كلها، تتمثل في إرفاق دراجة هوائية أنيقة التصيم مع عدد من طرازات السيارات· ويلاحظ من يقصد معارض شركة فيات الإيطالية في المدن الأوروبية، أن السيارة الاقتصادية (فيات 500) أصبح لها توأم جديد لا يقل عنها جمالاً؛ وهي دراجة جميلة مطلية بنفس اللون الأبيض اللؤلؤي الذي تتألق به السيارة الصغيرة· وقد لا تبدو هذه التوأمة بين وظيفة السيارة التي تستمد طاقتها من محركها الانفجاري، والدراجة التي تستمد طاقتها من العضلات غريبة إذا فهم المرء أن المقصود منها هو استغلال فكرة جديدة لتوفير الوقود وتخفيض معدل انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون فضلاً عن أنها تهيئ لصاحب السيارة فرصة ممارسة هواية قيادة الدراجة الهوائية عندما لا يكون على عجلة من أمره· ومن مميزات العجلة قابليتها للطي من أجل تسهيل زجّها في الصندوق الخلفي للسيارة، كما تتميز بجمال التصميم وأناقة المظهر حتى إنها تبدو وكأنها تتكامل مع السيارة وتزيد من قيمتها· وبدأ الخبراء في شركات صناعة السيارات ينظرون إلى الدراجات الهوائية باعتبارها أسلوب حياة لا يجوز إسقاطه من الحساب· ويقول أحد الخبراء إن شركة (فيات) وجدت في هذه الفكرة أيضاً فرصة لإخضاع صناعتها للضرورات الاقتصادية والبيئية التي تشجع أية فكرة لتوفير استهلاك الوقود· وحظيت الدراجة (فيات 500) بالكثير من التجهيزات الفاخرة مثل السرج المغطى بنوع من الجلد الفاخر، وبعض السطوح المغطاة بصفائح الكروم اللمّاعة، وتباع النسخة الأكثر فخامة منها بمبلغ 600 دولار، وينخفض سعر نسخة الأساس إلى 400 دولار· وتم تجهيز الطراز الأول (نسخة القمّة) بناقل حركة مثبت على العجلة الخلفية تكمن وظيفته في تكبير عزوم التدوير من أجل تخفيف العبء والإجهاد عن سائق الدراجة· ولمن يفضل المستويات الأعلى من الفخامة، أعدت شركة ''فيراري'' التي تمتلكها ''فيات'' دراجة هوائية من تصميم صانع الدراجات الشهير ''كولناجو'' الذي تمكن من إضافة التشكيلات الهندسية الأنيقة المعروفة إليها· وليس من المستغرب أن يحدث هذا التآلف بين شركة رائدة في صناعة السيارات الرياضية ورجل متفوق في صناعة الدراجات حتى قيل: ''إن كولناجو هو فيراري الدراجات، وبالتالي يبدو التكامل والانسجام بينهما مثالياً''· وأسس الإيطالي إرنستو كولناجو شركته للدراجات الهوائية عام ،1954 ولا يزال على رأسها حتى الآن، وحازت بعض طرازاته على البطولات الأولمبية لسباقات الدراجات مثلما حدث في الدورة التي نظمت في روما عام ،1960 ثم أصبح بعد ذلك خبيراً ميكانيكياً لعدة فرق شاركت في دورات إيطاليا وفرنسا للسباقات الشهيرة للدراجات الهوائية· ولا شك أن هذا الرجل المتفوق في هذه الصناعة لم يكن يتصور قبل بضع سنوات أن يأتي اليوم الذي تستعيد فيه صناعته أمجادها القديمة، أو أن يفكر أحد في دمجها مع صناعة السيارات الراقية· ويعود تاريخ قيام أول علاقة تعاون إنتاجية بين فيراري وكولناجو إلى 21 سنة مضت، إلا أن الأمور تختلف الآن بسبب الاختلاف في الأسباب التي ينبني عليها هذا التعاون، حيث أصبح الهدف من هذا التعاون هو بناء دراجات أنيقة يمكنها أن تغوي أكبر عدد من عشاق القيادة الرياضية بامتطائها من أجل توفير الوقود وصيانة البيئة· ولم يكن صنّاع السيارات الطليان هم وحدهم الذي انصرفوا إلى تنفيذ فكرة صناعة الدراجات، بل ينافسهم في ذلك الألمان، حيث كانت شركتا بي إم دبليو ومرسيدس-بنز سباقتين إلى بناء الدراجات الهوائية الأنيقة التي تتفق من النواحي الجمالية والميكانيكية مع معطيات عصر جديد يبدو أنه يشهد العودة القوية إلى استخدام العضلات بدلاً من الوقود بسبب ما أصاب البيئة من ضرر كبير وارتفاع أسعار النفط إلى مستويات عالية· عن فاينانشيال تايمز