الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

المندوس خازن الجمال والأسرار ··· ضيف الألفية الثالثة

المندوس خازن الجمال والأسرار ··· ضيف الألفية الثالثة
19 يوليو 2008 01:59
''السرتي'' أو ''المندوس'' أفخم صندوق كان يُصنع ويُهدى في الماضي للعروس، ويبقى معها وتتوارثه أسرتها· وبمرور الزمن لا يبقى لها بمفردها، بل يصبح بمثابة الخزينة التي تحفظ الأوراق المهمة والنقود، في زمن لم تكن توجد فيه بنوك· ''المندوس'' هو الاسم المتداول في دول الخليج، ويسمى في الإمارات بـ''السرتي'' والبعض يطلق عليه ''سروتي'' أو ''صندوق مبيت''، حسب لهجة كل إمارة والمصطلحات المحلية الخاصة بأهلها· وكانت الأسر الثرية تحرص على أن يكون ضمن ''زهبة'' جهاز العروس صندوق المندوس المزخرف، لتضع به العروس ملابسها وعطورها والذهب الذي يشترى خصيصاً لها· وكان حجم المندوس يعكس الحالة المادية للعريس· ومع دخول حقبة الخمسينيات والستينيات، قلّ الطلب على المندوس، ولكنه بقي يرحل من سنة إلى أخرى مع الأسر التي تملكه أصلاً إلى أن دخلت البلاد عهد الاتحاد ونهضة الإمارات· ويقول سلطان بن غافان أحد حاملي ألوية حفظ التراث في الإمارات إن دخول النهضة ساهم في استيراد وتصنيع غرف النوم التي تضم خزانة الملابس، وقد انبهرت الأسرة الإماراتية بشكل وحجم الخزانة، وبذلك استغنت عن شراء أو صنع مندوس لا يكفي إلا لشخص واحد، فأصبح المندوس يقبع باستحياء داخل المخازن وفي محال بيع القطع التراثية· وكان صندوق المندوس يصنع بأيدي النجارين المحليين المهرة· وعدد كبير من الأسر الاماراتية لايزال يحتفظ بمناديس أثرية· وفي الأعوام العشرة الماضية عادت صناعة المندوس إلى الرواج سواء في الإمارات أو في سلطنة عمان، ولكن بكميات قليلة وليست تجارية· كان المندوس القديم يضم أدراجاً خفية في داخله من أجل إخفاء الأسرار مثل ملكيات الأراضي والبيوت، والذهب الخاص بالأم أو العروس، بل إن البعض كان يضع المندوس بديلاً عن الخزنة في المحل الخاص به· ويتميز المندوس بالحفر في الخشب الخاص به· ويحتاج الصندوق الواحد ما بين 2000 و4000 مسمار نحاسي أصلي، حسب حجمه· يختلف شكل المندوس الجديد قليلاً عما كان عليه في الماضي، فالخشب الذي كان يصنع منه المندوس القديم كان يجلب من الهند ومن مناطق في أفريقيا وبخاصة من زنجبار· وتستخدم في صناعته أخشاب الساج والسيسم أو خشب شجر الورد· ويتم طلاء الصندوق باللون الأسود وتوضع عليه الزخارف بلون ذهبي، ويعتق بمرور الوقت، ولكن الخشب المستخدم قديماً تم منع قطع أشجاره مؤخراً، فأصبح الحرفيون اليوم يصنعون صناديق المندوس من الخشب العادي، أما المسامير فقد استبدلت بالدبابيس النحاسية كبيرة الرأس، بحيث تعطي إيحاء بأنها مسامير نحاسية· يقول ابن غافان إن ما تبدل في هذا الزمن هو أن المندوس صار يصنع بأيدي الحرفيين الآسيويين، بدلاً من الحرفيين الإماراتيين· ولفت إلى وجود محاولات للمحافظة عليه في الإمارات من خلال ورش النجارة في الإصلاحيات وبعض مراكز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة· ويلفت بن غافان إلى أن المندوس عاد ليحظى باهتمام الأجيال التي شهدت ولادة عهد النهضة ''لأن هذه الأجيال ترغب في مشهد يربطهم بتراثهم وتراث الأجداد''· ولذلك أصبح المندوس اليوم، في السنوات الأولى من الألفية الثالثة، ضيفا عزيزاً يتصدر الصالات الفخمة في القصور والفلل، وحتى داخل البيوت الشعبية·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©