الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع معدلات الائتمان يضرب ربحية البنوك المصرية

تراجع معدلات الائتمان يضرب ربحية البنوك المصرية
20 سبتمبر 2009 23:50
كشفت أرقام البنك المركزي المصري عن تراجع معدلات الائتمان الخارج من البنوك خلال النصف الأول من العام الجاري، بعد أن فشلت خمس عمليات خفض لأسعار الفائدة المصرفية في تحريك السوق وتنشيط الائتمان. وعلى الرغم من ذلك، تتوالى مطالبات القطاع الاستثمارى بمزيد من الخفض، ولا يستبعد الخبراء إمكانية لجوء لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي إلى خفض جديد خلال الأسابيع المقبلة بمعدل يتراوح بين نصف وواحد بالمئة. وخفض بالفعل البنك المركزي المصري الخميس الماضي أسعار الفائدة على الإقراض والإيداع لأجل ليلة واحدة 25 نقطة أساس قائلا إنه يعتقد أن التضخم الأساسي سيظل في «الحدود المقبولة». وأوضح البنك أنه خفض سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 8.25 في المئة وسعر الإقراض لليلة واحدة إلى 9.75 في المئة. وهذا هو الخفض السادس على التوالي لكنه الأول الأقل من نصف نقطة مئوية. تباطؤ توظيف الودائع شهدت الشهور الستة الماضية تباطؤ حركة توظيف البنوك لودائعها. وشهد شهر يونيو تراجع أرصدة التسهيلات الائتمانية بمقدار 1.2 مليار جنيه وبلغت هذه الأرصدة 429.9 مليار جنيه مقابل431.1 في الشهر السابق. ومنذ مطلع العام الجاري سجلت الأرصدة ارتفاعاً محدوداً في شهر فبراير الماضي لتبلغ 430.3 مليار جنيه مقابل 428.9 في يناير لتعاود انخفاضها إلى 430.6 مليار في مارس و431.1 في مايو وفقدت في يونيه 1.2 مليار جنيه خلال شهر واحد. وتكشف هذه الأرقام انخفاض معدل الإقراض والخصم بالنسبة لودائع القطاع المصرفي إلى53.1 بالمئة في يونيو مقابل 55.6 بالمئة في يناير 2009. ويعكس تراجع مؤشرات الائتمان عمق الأزمة التي يعانيها القطاع الاستثمارى في مصر خاصة القطاع الصناعي، بسبب التراجع الحاد في صادرات هذا القطاع للأسواق الخارجية، إلى جانب انكماش قطاعات أخرى موازية مثل السياحة كانت تمثل قلب سوق الائتمان. ودفع التراجع الحاد في الائتمان بنوكا مصرية عديدة الى التركيز على القروض المشتركة العملاقة التي تتراوح قيمتها بين 2 و3 مليارات جنيه في محاولة لإيجاد متنفس لتوظيف أموالها المتراكمة خاصة وأن قطاع التجزئة المصرفية والقروض الشخصية كان يستحوذ على جانب من هذه الأموال وهي التي تعاني أيضاً انكماشاً لأسباب متعددة منها تراجع دخول فئات عديدة من هؤلاء الذين كانوا يحصلون على قروض لشراء سيارات أو عقارات أو تمويل رحلات ترفيهية للخارج أو غيرها. ظاهرة الاحتكار الائتماني تعاني سوق القروض المشتركة ظاهرة «الاحتكار الائتماني» حيث تتصدى أربعة أو خمسة بنوك كبرى لقيادة مثل هذه العمليات الضخمة استنادا لملاءتها المالية العالية وسمعتها الجيدة في السوق وتلجأ إليها الشركات العملاقة طالبة التمويل سواء قطاع البتروكيماويات أو النقل أو التشييد وتجد بقية البنوك نفسها في موقع سلبي بتراجع قدرتها على الحصول على نصيب ملائم من»كعكة» سوق الائتمان. ودفعت هذه الأوضاع رؤساء بنوك وقيادات شركات كبرى لتبادل الاتهامات حول تحديد المسؤول عن هذه الأوضاع حيث يتهم رؤساء الشركات البنوك بالتشدد في منح الائتمان ووضع المزيد من القيود والشروط بدعوى ما حدث للبنوك العالمية إبان الأزمة بسبب تساهلها في منح الائتمان وفي المقابل يتهم رؤساء البنوك الشركات الاستثمارية بالعزوف عن طلب الائتمان وعجزها عن خلق أسواق جديدة لتصريف منتجاتها أو خلق فرص استثمارية جديدة تدفعها لطلب ائتمان من البنوك. وقال خبراء مصرفيون إن هذه الظاهرة سوف تؤدي الى تراجع ربحية معظم وحدات القطاع المصرفي المصري هذا العام نتيجة العجز عن توظيف السيولة، خاصة أن معظم ودائع العملاء قصيرة الأجل وبالتالي يتطلب توظيفها في قروض طويلة الأجل تحديد أسعار فائدة مرتفعة وهو الأمر غير المتاح حاليا في السوق أما إذا تم توظيف هذه السيولة في أنشطة التجزئة عبر إقراض قصير الأجل فإن معدلات المخاطرة باتت مرتفعة في هذا القطاع مع تغير ظروف العملاء، حيث بلغ التعثر في سداد قروض السيارات نحو 17 بالمئة في شهر أغسطس الماضي ودخلت شركات سيارات كبرى ما يعرف بالقوائم السوداء لدى البنوك لارتفاع معدلات التعثر لدى عملائها. وزارة المالية المستفيد يؤكد الخبير المصرفي أحمد قورة أن هذه الأزمة من صنع أطراف عدة ولكن تتحمل البنوك نصيب الأسد فيها، خاصة أن الخفض المتتالي لأسعار الفائدة لم ينشط الائتمان ولم يستفد منه أحد باستثناء الدين العام الذي تسدد وزارة المالية فوائد عنه للبنوك المشترية لسندات وأذون الخزانة. وقال إن البنوك مطالبة خلال هذه المرحلة بالبحث عن عملاء الائتمان الجيدين وليس انتظار طلبات القروض لأن البنوك في كل انحاء العالم هي صانعة الفرص وبالتالي هي المسؤولة عن تنشيط الأسواق إبان الأزمة بضخ المزيد من الأموال في الأسواق بشكل مباشر عبر قروض التجزئة والقروض الشخصية وبطاقات الدفع وغيرها من المنتجات المصرفية أو بشكل غير مباشر عبر تمويل الشركات أو ما يعرف بقروض «الكوربريت». وأوضح أن على وحدات الجهاز المصرفي المصري أن تكون أكثر ابداعا بابتكار آليات وأدوات ومنتجات ائتمانية جديدة من شأنها اجتذاب العملاء المحتملين وليس العملاء الحاليين سواء من الأفراد أو الشركات لأن استمرار الوضع الراهن وانكماش الائتمان ليس في مصلحة السوق أو حتى البنوك لأن ربحيتها سوف تتراجع وسوف تصبح ودائع العملاء عبئا على هذه البنوك بمرور الوقت. ويرى أشرف بيبرس ــ رئيس قطاع القروض الشخصية في بنك الإسكندرية ــ عدم وجود بنك في القطاع المصرفي يرفض تمويل أي مشروع استثماري حقيقي متكامل الأركان من حيث الدراسة مؤكدا أن القطاع الاستثماري هو الذي تردد في طلب التمويل وذهب البعض منهم الى الاحتفاظ بما يمتلكه من سيولة مالية انتظارا لما سوف تسفر عنه أوضاع الأزمة المالية العالمية وانعكاسها على القطاعات الاستثمارية المختلفة في مصر. وأوضح أن أحد الأسباب الرئيسية المتسببة في حالة الركود الائتماني التي تعانيها السوق المصرية هي تركز الائتمان في أيدي عدد قليل من البنوك لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وأن الطبيعة التجارية الغالبة على معظم بنوك القطاع هي التي أدت الى ذلك وليس من المنطق أن تطلب من أربعة بنوك فقط أن تتحمل إحداث طفرة في مؤشرات الائتمان الموجه الى القطاع الاستثماري. وقال إن القروض المشتركة تساهم في امتصاص قدر كبير من السيولة المتاحة لدى البنوك وان كان هذا أمرا غير كاف نظرا لتركز القروض المشتركة في قطاعات انتاجية معينة منها الطاقة والأسمدة والبترول والبتروكيماويات وبالتالي يجب أن تحظى القطاعات الإنتاجية الأخرى بنصيب عادل من الائتمان حيث يمكن تحريك السوق ودفع معدلات النمو التي تستهدفها الحكومة المصرية خلال العام المالي 2009 ــ 2010 والبالغة نحو 5.5 بالمئة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©