الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لوي آلتوسير.. أحلامه تكشف تجلّيات قلقه الوجودي

لوي آلتوسير.. أحلامه تكشف تجلّيات قلقه الوجودي
7 يوليو 2016 21:45
إعداد - أحمد عثمان منذ وفاة لوي آلتوسير في العام 1991، عملت دور النشر على إصدار كتبه تباعاً، وعلى وجه الخصوص غير المنشورة في حياته، و صدر مؤخراً عن مطبوعات «غراسيه/‏‏ ايمك» مجلد يحتوي على أحلامه، أحلام قلقه الدائم، مما سمح بالاقتراب من حميمية أحد كبار الفلاسفة الماركسيين المشهورين في القرن العشرين. تكمن المفارقة في أن حياة آلتوسير أصبحت معروفة أكثر من نتاجه، ومنذ إصدار أوتوبيوغرافيته «المستقبل يدوم طويلاً»، في العام 1992 بعد وفاته، لم يكف مصيره عن أن يكون موضوع الشروح والتأملات المتعددة لهذا الحدث المأساوي: وفاة زوجه ايلين بيديه، في شقته في دار المعلمين العليا التي كان يدرس فيها مادة الفلسفة، ويحول الكثير من دارسي الفلسفة إلى الماركسية. وقد سمحت عملية التنقيب في الأرشيف الشخصي لآلتوسير على يدي مؤلفي الكتاب: أوليفييت كوربت ويات مولييه- بوتانغ، بمنح الكلام للفيلسوف لكي يبين لنا أفعاله. وبعد صدور «رسائل إلى فرانكا» في العام 1998 ثم «رسائل إلى ايلين» في العام 2011، ها هو سرد لأحلام لوي آلتوسير. في هذا المجلد، تعرض أحلام القلق الدائم كائناً مهووساً بأحلامه، وعلى وجه الخصوص كوابيسه، التي دونها خلال ثلاثين عاما، كمادة أولى للعلاج النفساني، الذي اتبعه على مدار حياته، فضلاً عن ذلك، هناك أحلام لم يتردد في تقاسمها في مراسلاته مع زوجه ايلين، وعشيقتيه فرانكا وكلير، هاضماً التحليل النفساني «الذي عرفه بصورة طيبة» حسب صديقته الباحثة النفسانية الشهيرة اليزابيث رودينسكو. ونجد في المجلد الكثير من موضوعات القلق التي اعترت آلتوسير طوال حياته؛ الخوف من مغادرة شارع أولم (مقر دار المعلمين العليا)، الذي سكنه منذ عودته من الأسر في العام 1945: «من الضروري أن أنقل سكني ولا أعرف أين وجهتي. تلاميذ أو باحثون عرفوا بذلك الأمر وطالبوا بأن يجلب طعامهم إلى مساكنهم الجديدة - وأنا لا- هل علي مغادرة الدار (دار المعلمين العليا)؟». هو ذا فقدان العادة اليومية الذي اعترى الفيلسوف، الخوف من «سحب الأرض من تحت قدميه»، حسبما قال دولوز وغاتاري. إلى ذلك، هناك سؤال التنظيم المبلبل في بيت العائلة في اقليم مورفان، حيث يقطن جداه: «أنا في لاروش. عرضت أختي البيت عليّ. غير موافق». ولكن بدلاً من البحث عن إرضاء هذا الليبيدو التأويلي، ربما كان من الأفضل قبول هذا السرد لأحلامه كنقل للعالم الحلمي، المثير للقلق، الذي خلط ما بين آلتوسير نفسه والواقعة. تلك هي إمكانية فهم ما عاشه آلتوسير وما شعر به في فترات حياته. في فبراير من العام 1958، كتب الى كلير: «الحلم دوماً يسبق الحياة: هي ذي الحقيقة المكتسبة حتما، حقيقة مثل 2 و2 يساوي 4. مما يعني أن الحياة تثبت دوما أن الحلم يتبدى ويتحقق قبلها». وفي الكتاب أيضا، نجد الحوافز العميقة التي دفعت آلتوسير الى تحرير أوتوبيوغرافيته. يتعلق الأمر، بالنسبة له بإنجاز كتاب حدادي: «بالنسبة لمعظم الناس، لم تمت وإنما تلاشيت». لقد تلاشى. «لا يمكن البدء في الحداد بما أنه تلاشى، يستطيع أن يظهر ثانية. التلاشي يخلف القلق». كان عليه إقامة الحداد، حداد آلتوسير وكل ما يمثله، كان عليه أن يتكيف مع الثمانينيات حيث انتصرت النيوليبرالية الاقتصادية لـ ريغان وتاتشر، وتفكك الاتحاد السوفييتي. ولكن إقامة هذا الحداد لا يعني فقدان أو نسيان العمل النظري لآلتوسير الذي لم يزل مصدر الهام استبصاري للفكر النقدي والراديكالي. (*) الكتاب: - Louis Althusser, Des rêves d’angoisse sans fin, Récits de rêves (1941-1967) suivi de Un meurtre à deux (1985), Grasset-Imec, 2015
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©