الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رسامو «البورتريه» يحبون الوجوه البريئة ويتحاشون الجامدة

رسامو «البورتريه» يحبون الوجوه البريئة ويتحاشون الجامدة
25 مايو 2010 21:25
ينصب رسامو «البورتريه» المرسم الخاص بهم في الهواء الطلق، في الشوارع والساحة العامة والأسواق وعلى كورنيش البحر في الرباط. يتنقلون بأدواتهم من مكان إلى آخر بحثاً عن الزبائن ولا يتردد بعضهم في وضع حمالة اللوحة وكرسي لجلوس الزبون في أسواق مزدحمة، بعضهم ينادي على المشاة بعد أن تأثر بجيرانه باعة الأسواق الشعبية، ممتدحاً وجه الزبون ثم يشجعه على الجلوس للخضوع للتجربة. يرفض رسامو «البورتريه» وصفهم بالفاشلين والمتسولين، رغم أنهم يبيعون الفن بأرخص الأسعار. ويؤكدون أنهم فنانون حقيقيون رغم أنهم محكومون بالرسم على قارعة الطريق في موقف أشبه بالتسول الأنيق، ويعتبرون أن ظروف عملهم في الشارع وسط الضوضاء والزحمة دليل على موهبتهم وإبداعهم فهم قادرون على اقتناص أدق التفصيلات في دقائق قليلة ورسم صورة أشبه ما تكون بصورة فوتوغرافية أو مرآة عاكسة لكنها مملوءة بالانفعالات والأحاسيس. محاكاة التفاصيل يستغرق رسامو «البورتريه» من ربع ساعة إلى ساعتين في الرسم، ويستخدمون القلم أو «الطبشور» أو الألوان المائية أو الفحم، يربحون القليل يقولون إنه لا يغني ولا يسمن من جوع، ويقول سعيد العلوي «رسام بورتريه»: «أسعد اللحظات حين يمتدحك الزبون، وأصعبها حين تضطر إلى إقناعه بأن هذه هي صورته؛ لأنه يظن أنه مختلف عما في الرسم. وبعضهم يحمل صورة صديقه أو صديقته ويطلب رسمه بشكل كاريكاتوري لإهدائها له وبعضهم يطلب رسم صورة شجرة العائلة مع صور صغيرة للرجال فقط والإشارة للنساء بالأسماء دون صور». وعن الأساليب التي يتبعها رسامو «البورتريه»، يقول العلوي: «هناك عدة أساليب، فبعض الرسامين يستغل مهارته وموهبته في البحث داخل الوجوه عن الملامح الداخلية قبل الخارجية ويلائم بينها، وبعضهم يستغرق كثيراً من الوقت في مشاهدة الوجه ويجلس طويلاً أمام الشخص قبل أن يعكف على رسمه، وآخرون يبحثون في الوجه عن المبالغة والتضخيم ضمن رؤية فنية إبداعية وآخرون يلتزمون برسم الملامح بحرفية ومحاكاة تفاصيل الوجه بلا رؤية فنية». ويعتبر العلوي أن نجاح الرسام في رسم الوجه يعتمد على الوصول إلى مفتاح الشخصية، منبهاً إلى أن رضا الزبون عن اللوحة عامل أساسي يسعى الرسام إليه، ويمكن تحقيقه بالاعتماد على مهارة الرسام وقدرته على إيجاد حلول فنية. الوجوه الجامدة يقول رسام «البورتريه» محمد العمراني: «إن رسم البورتريه ليس مصدراً جيداً للرزق، فنحن نعتمد على السياح الأجانب وأغلبهم لم يعد يدفع بسخاء كالسابق»، مشيراً إلى أن أغلب رسامي «البورتريه» يفضلون الرسم على الرصيف على إقامة المعارض الخاصة؛ لأنها غير ناجحة ولا تحظى بجمهور. ويؤكد أن هذه المفارقة التي تربط بين «أكل العيش» والتخلي عن المكانة الفنية تقتل طموح رسام «البورتريه» وتفرض عليه العمل المتواصل من أجل ضمان مورد يصعب توفيره في مجال الرسم أو المغامرة والبحث عن صالة للعرض وتأمين إيجار القاعة والخضوع لشروط أصحاب الصالات باحتساب نسبة كبيرة من أرباح بيع اللوحات. ويرفض العمراني هذا الرسام العمل في الصحف؛ لأنه يريد أن يعيش حراً دون ضغط أو مسؤولية، ويقول: «عرضت عليّ بعض الصحف العمل في رسم الكاريكاتور ورسم (البورتريهات) لمشاهير الفن والسياسة والثقافة الذين تتم استضافتهم في الحوارات، لكني رفضت لأن العمل سيحدد اختياراتي الفنية وسيفرض عليّ رسم وجوه لا أحبها». ويعترف العمراني بأنه يجد صعوبة في الوجوه المحايدة الجامدة التي لا تحمل سمات مميزة. ويقول إن هذه الوجوه تمثل تحدياً لرسام «البورتريه» الحقيقي؛ لأنها تستفزه ويمكن أن يعيد رسم اللوحة مرات عدة حتى يصل إلى الشكل الذي يرضى عنه، مؤكداً أن وسامة الوجه وجماله ليس معياراً يحدد قبوله برسم الشخص من عدمه، بل إن شفافية الوجوه وبراءتها تشجعه على الرسم بغض النظر عن الوسامة. ويشير إلى أنه يجد صعوبة في رسم وجوه النساء اللاتي يكثرن من الماكياج؛ لأن ملامحهن تكون غير واضحة ومشوهة. إرضاء الزبون هاجس الرسام يعاني رسامو «البورتريه» العمل في ظروف صعبة، فهم يعملون وسط زحمة الأسواق وأصوات المارة والباعة، ويدخلون في مفاوضات مع الزبون لتخفيض السعر، وفي كثير من الأحيان يرضون بمقابل مادي زهيد، وحين لا يرضى الزبون عن الرسم يستطيع أن يرحل وينهي الاتفاق مع الرسام دون أن يدفع ما عليه فتضيع ساعات من العمل والجهد، وهذه الحالة ليست نادرة بل في كثير من الأحيان لا يرضى الزبون عن الرسم؛ لأنه يتوقع أن يبدو أجمل صورة وأصغر سناً. وتضع ظروف الرسم الميداني والاستعراض الحي الرسام في حرج كبير؛ لأن عليه إنهاء عمله بأقصى سرعة حتى لا يمل الزبون وفي الوقت نفسه إخراج «بورتريه» جميل يحمل الميزات الفنية ويعكس شخصية الزبون وينال رضاه التام، وأثناء الرسم، لا ينفك الزبائن عن إطلاق عبارات التحذير والتنبيه والحث ومختلف التعليقات التي تربك الرسام، إضافة إلى عشرات العيون التي تراقب عمله وفي بعض الأحيان تتدخل للتنبيه من المبالغة والتضخيم في الرسم.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©