الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عاملات مصنع معمول في غزة يتحدين الفقر بالحلوى

عاملات مصنع معمول في غزة يتحدين الفقر بالحلوى
20 سبتمبر 2009 23:59
مصنع حديث الإنشاء، وبسيط المعدات هو الأول من نوعه في قطاع غزة لأسباب عدة، ربما السبب الأول أنه يضم بين جنباته الضيقة سيدات فقط فتشعر بالرائحة الأنثوية ولمساتها في كل مكان، والسبب يحتفظ به صاحب المصنع لنفسه منذ أن قرر الشروع بإنشاء هذا المصنع، ولكنه يبوح لنا به بعد القليل، هذا المصنع والذي مر على إنشائه نحو ستة أشهر أصبح معروفاً ومشهوراً بحلوى «المعمول السوري»، ويشهد حركة عمل وحركة توزيع نشطة هذه الأيام مع اقتراب موعد عيد الفطر السعيد، حيث ضاعفت السيدات الثماني عشر اللواتي يعملن به من ساعات عملهن، لكي يستطعن توفير كميات من المعمول السوري تفي باحتياجات السوق المحلي في ظل الحصار المفروض على غزة، ومنع الاستيراد، ومحاولة المواطنين الوصول لحالة من الاكتفاء الذاتي. تقوم هذه النساء الثماني عشر وهن في مراحل عمرية مختلفة، بصنع المعمول مروراً بمراحل إعداده المتتالية ما بين حشو العجوة والنقش على العجينة، ورصها وخبزها، ثم تغليفها وتعبئتها. صناعة منزلية العمل الوحيد والأهم الذي يقوم به صاحب المصنع هو عجن العجينة، وعن ذلك يقول صاحب المصنع تحسين زعرب (أبو قاسم) الذي كان يعمل داخل إسرائيل قبل إنشائه لهذا المصنع الصغير، في أحد الأفران الكبرى هناك أنه تعلم الكثير من أنواع الخبز والكعك والمعمول السوري، ويضيف: «لقد اخترت المعمول السوري ليكون هو المنتج الأول في مصنعي لأني أعتبر إعداده نوعاً من الفن الذي تتقنه النساء أكثر من الرجال، وعليه فقد اخترت مجموعة من النساء للعمل في المصنع وجميعهن ظروفهن سيئة، سواء أكانت المادية أو الاجتماعية، وفرص العمل بالنسبة للمرأة في غزة ضعيفة». ويستأنف أبو قاسم حديثه قائلاً: «أطلقت اسم ميرا على علبة المعمول التي تقوم الفتيات بصناعتها، حيث ينتجن يومياً ما يقارب المائتين والخمسين علبة من المعمول، وقد تعمدت أن يكون المنتج يدوياً قدر الإمكان؛ ولذلك فقد لاقى إقبالاً واستحساناً من المستهلك، حيث تقوم النساء والفتيات بالنقش على المعمول بطريقة يدوية يظهر بها الكثير من الفن، مما يجعله الأقرب للصناعة المنزلية، وبالتالي فهو يشد المستهلك أكثر من الحلوى التي تصنع باستخدام الماكينات». أما عن توزيع المعمول فيقول أبو قاسم إنه قد استطاع تسويق المنتج في جميع أنحاء قطاع غزة ابتداءً من رفح جنوباً حتى بيت لاهيا شمالاً، وبالتالي يعتبر ذلك نجاحاً للمصنع البسيط، وخطوة للأمام يتمنى أن تتقدم مع الأيام، ولكنه في الوقت نفسه يشعر بالأسف؛ لأنه لا يتمكن من منح النساء العاملات رواتب شهرية مرتفعة؛ وذلك لأن المصنع مازال في بدايته كما يقول، وهو بحاجة لعائدات البيع لشراء المواد الخام التي تدخل في صنع المعمول، ويوضح أكثر أنه يدفع للعاملة الواحدة حوالي مائة وعشرين دولاراً أميركياً، ولكن رغم ذلك فالنساء العاملات يرضين بهذا الأجر المتدني، وذلك لأن أوضاعهن جداً صعبة، وكذلك فهن يعملن ساعات عمل أكثر مما هو متوقع منهن، وذلك برضاهن الكامل؛ لأنهن يطمحن لتوسيع المصنع والنهوض به كي يستوعب أعداداً أكبر من الفتيات والنساء اللواتي تقطعت بهن سبل العيش في ظل هذه الظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها قطاع غزة المحاصرة. آلية العمل تقول نجوى العقاد المسؤولة عن الفتيات إنها تقوم بتوزيع العمل على النساء العاملات، حيث هناك من تقوم بحشو العجينة، وهناك من عليها أن تنقش على السطح الخارجي للمعمول، وأخريات يقمن برص المعمول بعد خبزه، ورشه بالسكر الناعم في العلب الكرتونية، ومن ثم تغليفه ليصبح جاهزاً للتسويق. أما عن ساعات العمل، فتقول العقاد: «يبدأ العمل يومياً من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الرابعة عصراً، ولكن في شهر رمضان ينتهي العمل في الساعة الواحدة من بعد الظهر ويوم الجمعة هو يوم الإجازة رغم إصرار (الصبايا) على العمل في يوم الجمعة». إحدى النساء العاملات في المصنع واسمها مروة العقاد، وهي متزوجة ولديها 12 ولداً وبنتاً، وأكبرهم ميساء في الثامنة عشرة من عمرها، وقد أنهت الثانوية العامة هذا العام في الفرع العلمي، وتقول إنها لا تستطيع لا هي ولا زوجها تحمل مصاريف التعليم الجامعي لابنتها، فزوجها والذي يعمل بائع خضار في السوق لا يملك معاشاً ثابتاً ولديها طفلة مريضة تحتاج لعملية زرع قرنية في العين نظراً لتدهور حالتها الصحية، ولذلك عندما سمعت مروة بهذا المصنع، لجأت إلى هذا المصنع لتعمل فيه عسى أن تجمع بعض المال التي تحتاجه عمليه ابنتها ماريا والتي تبلغ ثلاثة آلاف دينار أردني. عاملة أخرى في المصنع نفسه حالها ليس أفضل حالاً من مروة، ولكنها تقول: «أهم شيء ورغم ظروفنا السيئة، أننا نعمل، لا نريد أن نقف مكتوفات الأيدي ونندب حالنا، العمل بالنسبة لي هو الطريق الوحيد للخروج من الضائقة التي نعيشها، أطمح لتوسيع المصنع الذي أعتبره مصنعي، لو تم توسيع المصنع واستوعب الكثير من النساء اللواتي هن على شاكلتي، لن تتفاقم أوضاعنا في غزة أكثر مما هي عليه».
المصدر: فلسطين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©