شهد نهائي كأس العالم 1974 قمة من قمم المونديال عبر التاريخ، عندما التقى صاحب الأرض ألمانيا الغربية والمنتخب الهولندي مبتكر الكرة الشاملة في المباراة النهائية بالملعب الأولمبي في ميونيخ وأمام 75200 متفرج بإدارة الحكم الإنجليزي جاك تايلر، كانت كفة الترشيحات متساوية بين المنتخبين قبل بداية اللقاء، رغم أفضلية الأرض لصالح الألمان، لكن كان لوقع الكرة الجميلة التي قدمها المدرب الهولندي رينوس ميتشيليز أثر كبير في تعزيز حظوظ الهولنديين، وغيرت الكرة الشاملة التي انتهجها الهولنديون في هذه النسخة الكثير من مفاهيم تكتيك كرة القدم، حيث إنها تعتبر نموذجاً حياً للالتزام بالتعليمات وتنفيذها بشكل دقيق، وتحتاج الكرة الشاملة لمجهود بدني فوق العادة، حيث يلتزم اللاعب بالهجوم والدفاع بأسرع وقت ممكن لكي يباغت المنافس، وامتلك طرفا النهائي مجموعة غير عادية من اللاعبين، حيث قاد منتخب الطواحين الأسطورة يوهان كرويف بجانب لاعب الوسط المتميز يوهان نيسكينز وجوني ريب، وفي المقابل لا تقل تشكيلة المانشافت أهمية عن الهولنديين بقيادة قيصر الدفاع فرانتس بيكنباور والحارس سيب ماير والمهاجم المتميز جيرد مولر.
استحق المنتخبان الظهور في النهائي عطفاً على المستوى الرائع الذي قدماه في جميع مبارياتهما، وعند ضربة البداية شهدت الدقائق الأولى إثارة كبيرة عندما احتسب حكم المباراة الإنجليزي ركلة جزاء لمصلحة الهولندي يوهان كرويف، ليتقدم يوهان نيسكينز للتسديد، معلناً هدف التقدم بعد دقيقتين من بداية اللقاء، وكعزمهم المعتاد عادت الماكينات الألمانية للعمل ومحاولة إدراك التعادل ليتحقق لهم ذلك سريعاً، وتحديداً بالدقيقة 25 ومن ركلة جزاء احتسب لمصلحة الجناح الألماني هولسنباين، ليتقدم بول برايتنز لتنفيذها ويسجل منها، واستمرت الإثارة حاضرة في الحصة الأولى إلى أن سجل جيرد مولر هدف التقدم لأصحاب الأرض في الدقيقة 43.
في الشوط الثاني حاول المنتخب الهولندي الرد سريعاً ومباغتة الدفاعات الألمانية، لكن بيكنباور كان لهم بالمرصاد ومن خلفة الحارس المتألق في البطولة سيب ماير، لتنتهي المواجهة بفوز الألمان بكأس العالم في نسخته العاشرة، وتوج المانشافت بالكأس الجديدة التي تم تصنيعها للمرة الأولى بمناسبة هذه النسخة بعد احتفاظ البرازيل بكأس جول ريميه في مونديال 1970، لتكون بذلك النهاية القاسية للكرة الجميلة «التيكي تاكا» التي قدمها الهولنديون وأبهرت العالم، وأعلنت أسلوباً جديداً للتعامل مع الساحرة المستديرة داخل الملعب من جانب المدربين، وكذلك اللاعبين.
عدد اليوم
