الحوت صراع من أجل الحرية

ربما كان مسلسل ''الحوت'' من أضخم الإنتاجات السورية لهذا العام، ليس لأن ميزانيته هي الأعلى على الصعيد المحلي، وإنما أيضاً لأن نخبة من أقطاب الدراما السورية تحتشد فيه من وزن بسام كوسا وسلوم حداد وخالد تاجا ومنى واصف وآخرين لا يقلون شهرة ونجومية عنهم· يرصد العمل، كما يقول المخرج رضوان شاهين، ''حياة الصيادين في الساحل السوري على أرضية الصراع من أجل الحياة ومقاومة المحتل الفرنسي الذي احتل سوريا آنذاك· وفي هذا الصراع يظهر الوطنيون والأخيار، يقابلهم الأشرار والمستبدون· وتشكل الشخصية التي يؤديها النجم بسام كوسا محور القصة الاجتماعية في العمل، والخط الدرامي الرئيسي فيها· وهي تمثل صعود وهبوط متسلط شرير، يتسلح بقسوة القلب والدهاء والنفاق ويعتدي على كل من يقف في طريقه حتى يصل إلى أهدافه، فيتحول إلى طاغية اجتماعي يدوس أجمل القيم الإنسانية والأخلاقية بقدميه''· هذه الشخصية الرهيبة، على حد تعبير شاهين، ''تصور حكاية ''أسعد الحوت'' التي بدأت منذ أن كان شاباً فظاً غليظ القلب يعيش في قرية صغيرة فقيرة، ويحاول خطف ابنة المختار· ويمارس النصب والاحتيال على أهل القرية الطيبين، إلا أنه يقع في شر أعماله، فيضطر للهرب إلى اللاذقية، وهناك تنتعش مطامعه ومشاريعه الشريرة وتجد لها مدى أوسع، في ظل الصراع بين الأقوياء الساعين وراء السيطرة وتعزيز النفوذ، والصراع الأهم بين قوى الخير والشر، ومقاومة المحتلين الفرنسيين''· تقابل شخصية ''أسعد الحوت'' شخصية شقيقه حسن الذي ينضم للثوار ويقاتل الجيش الفرنسي المحتل حتى يستشهد· وهنا، والكلام للمخرج رضوان شاهين، ''نقف أمام مشهد مثير، حين نرى الحوت وهو يسمع باستشهاد شقيقه ووفاة والده وتشرد أمه، فلا يرف له جفن، ولا تحضره أية بادرة ندم، ولكننا سنتوقف بشغف أمام اللحظة التي سيلتقي بها الحوت الشرير مع أمه الطيبة النبيلة التي تمثل روح الشعب النقية المحبة للخير''· إلى جانب شخصية ''الحوت'' تبرز في العمل قصص وحكايات أخرى، أبدع السيناريست كامل مرة في رسم ملامحها وصراعاتها، فهناك النجم ''خالد تاجا'' الذي يلعب شخصية الأشهب الرجل المتسلط في مقابل سلوم حداد الذي يلقي بظله على العمل من خلال شخصية جميل الصافي الذي يشكل نقيضاً لسلوك وأخلاق الأشهب· وبينهما تتسلل الكبيرة منى واصف ''أم أسعد'' إلى منزل الأشهب لتعمل خادمة، حيث تكون الشاهدة على معظم الأحداث· العمل الذي يقع في ثلاثين حلقة رمضانية يحتوي على خطوط درامية عديدة، فهناك لورا أبو أسعد في شخصية سلمى المرأة المحبة لزوجها، تقابلها شكران مرتجى في دور العانس التي تناكفها باستمرار· وهناك أيضاً سامية الجزائري في دور العمة جميلة التي تمثل الحكمة والطيبة· وهناك محاور ومواقف يجسدها فايز قزق وعبدالرحمن أبو القاسم ورضوان عقيلي وأندريه سكاف ووفيق الزعيم ووفاء موصلي ومحمد حداقي· أخيراً، أجمع نقاد شهدوا تصوير العمل على أن اجتماع ثلاثة نجوم في صراع متصل كسلوم حداد وبسام كوسا وخالد تاجا، يحول العمل إلى ''مجرة'' درامية، يديرها المخرج رضوان شاهين، ليتوج بها سلسلة أعمال ''بيئية'' تقدم الدراما الاجتماعية الشعبية بمضمون مختلف عن السائد، حيث إن أعمال شاهين لا تنغلق وراء باب الحارة! بل تنفتح على عالم ثري وغني يقدم الحياة كما هي في الواقع، وكما هو نبضها اليومي· لذا سنعيش مع ''الحوت'' الأحداث الواقعية عبر بيئة ولهجة الساحل السوري من خلال استعراض حياة الصيادين ومشاكلهم، كما نعيش مع الثوار السوريين مقاومتهم للاحتلال الفرنسي وتطلعهم للحرية