وسط أحد الشوارع الفرعية في أبوظبي تقف شجرة ''غاف'' عتيقة، سيجت حولها مساحة خاصة، جزيرة أشبه بالحديقة الصغيرة، حفاظاً عليها ولتبقى شاهداً على التاريخ·
سنوات طويلة مضت على هذه الشجرة صامدة في هذا المكان، أحداث كثيرة وتغييرات مرت ومازالت تشمخ وتستر كلّ من يقف تحتها أو يمر بجانبها، وتخليداً لذكراها وتاريخها العريق، ''انحنى'' لها الشارع والرصيف احتراماً، وظلّت في مكانها عزيزة كريمة·
الغاف''، التي تعدّ من أكبر الأشجار البرية في دول الخليج العربي، ليست شجرة وحسب، وإنما هي إرث وطني لدولة الإمارات، وثروة متعددة الفائدة· وقد يصل ارتفاع الشجرة منها إلى 12 متراً، ولها أنواع عدة، يحتوي معظمها على أشواك، أما النوع المسمى ''الغاف'' الأبيض فهو من دون أشواك· و''الغاف'' من الأشجار الصحراوية التي تتحمل درجات الحرارة العالية والجفاف الشديد، إضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة في التربة والمياه، وتتحمل تقلبات الجو والرياح، وهي ملائمة للزراعة في التربة الرملية الخفيفة والملحية· وتمتاز بسهولة تكاثرها وسرعة نموّها والتكيف مع الأجواء البيئية المحيطة بها، إذ تتعمق جذورها في التربة لمسافات بعيدة· ويجمع المختصون على أن هذه الشجرة هي أصلح وأنسب ما يمكن أن يتم به تشجير الصحاري لتثبيت الكثبان الرملية المتحركة، وإقامة مصدات للرياح مع أحزمة الوقاية الخضراء ولتشجير الشوارع والمتنزهات العامة وتزينها، إذ تضفي عليها سمة جمالية راقية، فضلاً عن ظلالها الوارفة البادرة صيفاً· كذلك، فهي شجرة ذات قيمة رعوية وعلفية للحيوانات، وثروة خشبية وفيرة ومن نوعية متينة، ولها قرون تحتوي على نسب عالية من البروتين والسكر، إضافة إلى كونها مرعى للنحل·
تؤمن جمعية الإمارات للحياة الفطرية والصندوق العالمي للطبيعة، بأن شجرة ''الغاف'' الإماراتية المعروفة أيضاً باسم ''مرمدات بروسوبيس''، لها ارتباطات متعددة، تؤهلها لتكون شجرة وطنية· وحفاظاً على هذه الشجرة في مواجهة خطر الانقراض، أطلقت جمعية الإمارات للحياة الفطرية والصندوق العالمي للطبيعة حملة ''أنقذوا شجرة الغاف''· وكانت الخطوة الأولى إنشاء موقع إلكتروني يتضمن معلومات وافية عن ''الغاف''، ويسعى لاكتساب الدعم وانتخابها شجرة وطنية·
يتميز الموقع (www.savetheghaftree.org)، الذي أنشئ العام الماضي بأن زائره يزرع من خلال نقرات عدة على فأرة الكمبيوتر، ''شتلة'' في الموقع نفسه على شبكة الإنترنت، لتقوم بعد ذلك جمعية الإمارات للحياة الفطرية ومجموعة ''الفهيم''، التي ترعى الحملة، بزرع شجرة حقيقية مقابل كل 10 شجرات في الموقع·
تزامناً مع ذلك، أطلقت الحملة مجموعة مسابقات طلابية تشمل الأدب والفنون التشكيلية، تدعو فيها الجميع إلى جعل شجرة ''الغاف'' مصدراً للخيال، لتكون الملهمة التي تحفز على إطلاق حاسة الإبداع وتفجير موهبة الكتابة الفنية في التعبير عن الرغبة في حماية البيئة وصون الشجرة
عدد اليوم
