الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي سلطان: كنت صديق النحل وقاطف شهده

علي سلطان: كنت صديق النحل وقاطف شهده
22 سبتمبر 2009 01:27
اندثرت مع الوقت بعض المهن التي ارتبط بها إنسان هذا الوطن، وخلال عقود طويلة مضت ظلت تلك المهن مصدر الحياة الرئيسي لابن الإمارات الذي بات اليوم يرفل في نعيم النهضة الحضارية والتقدم العلمي.. وقد لا تدرك الأجيال الحالية كيف استطاع الأجداد تطويع الطبيعة في ظل ندرة الموارد. وكيف حمل هؤلاء إلى اليوم تراثا نفخر به ونخط من خلاله تاريخ دولتنا العريقة. صداقة الجبل إنما ظلت مهنة جمع العسل من الجبال أحد أهم مصادر الرزق للعديد من أبناء البدو في شمال الإمارات على مدار أعوام، وظل «العسال» شأنه شأن الراعي والحطاب والبناء وغيرها من المهن التي ارتبطت بالبيئة المحلية على مدى عشرات السنين تحتفظ بمكانة مميزة نظرا للعائد الكبير الذي تحققه هذه المهن. علي محمد سلطان من منطقة «الربيبة» في رأس الخيمة هو واحد ممن عاشوا سنوات في صداقة الجبل جمع خلالها كميات كبيرة من العسل النقي حيث كانت مهنته التي يعتز بها بين أقرانه.. يقول: «كان لكل منا مناطق نفوذ لا يستطيع أحد أن يتخطاها فعلى سبيل المثال كان الواحد منا يضع علاماته في الجبل وهي علامات تعني أن هذه المنطقة بها خلايا نحل وأنه مهتم بها و ينتظرها لحين بدء الموسم لقطف ما بها من عسل وإذا نسي أي منا مكان هذه العلامات وشاهدها أحد من العسالين فإنه يقوم على الفور بالتذكير بمكانها». ويضيف: «كنت أنا كذلك أقوم بهذا الفعل حيث الجميع يتعامل كأسرة واحدة». مواسم الجمع عن مواسم العسل وكم تستمر أيام قطفه وجمعه، يقول سلطان: «يبدأ الموسم في نهاية فصل الربيع عندما تكون درجة الحرارة معتدلة وقبل دخول فصل الصيف، ويستمر الموسم لمدة شهرين تقريبا يعمل خلالها العسالون ساعات طويلة يوميا لتجميع العسل من الخلايا التي رعوها خلال شهور العام». ويضيف: «كان هناك تعاون كبير بين الجميع ولا يستطيع أحد أن يأخذ من الخلايا التي يتحرك في نطاقها آخر، فالجبل مثل البحر الكل يعمل فيه دون أن يتعدى أي منا على الأخر». وفيما يخص حصيلة اليوم من العمل في جمع العسل، يقول سلطان: «كان الخير وفيرا لدرجة أننا كنا نبيع «المن» الذي يعادل 4 كيلو جرامات بـ(18 روبية) وهي عملة قديمة كانت معتمدة في تلك الأيام. وكان طعم العسل الجبلي لا يعلى عليه بالإضافة إلى أنه يستخدم كعلاج لكل الأمراض التي يعاني منها ابن البادية، ففي السابق كان النحل يأكل من المزارع القريبة من الجبال ومن أشجار السدر ومن الزهور البرية التي كانت تنبت في الصحراء ولم تكن هناك ملوثات بيئية ولا مبيدات كتلك التي يستخدمها المزارعون حاليا في علاج الآفات الزراعية، وبالتالي كان الناتج من العسل مصفى بلا أي شوائب، فالنحلة تنتج ما تأكل». هجرة خلايا النحل يعتبر عسل رأس الخيمة من أفضل وأجود الأنواع في المنطقة وحتى من الدول المجاورة المشهورة بالعسل، وأجود أنواع العسل هي التي تأتي من سلسلة الجبال الوسطى في الإمارة. يشير سلطان إلى ذلك ببعض الأسى والرفض، ويضيف: «كانت لعمليات التطور العمراني وتكسير الجبال والبناء تأثيرات كبيرة على عمل أبناء المهنة، فمع التطور هجرت خلايا النحل الجبال وبات العثور على كيلو من العسل اليوم أشبه بالمعجزة على عكس ما كان يحدث في الماضي». وأضاف: «بات العمل في هذه المهنة صعبا، وأبناء الجيل الحالي لا يستطيعون بذل الجهد الذي كان يبذله الآباء من الحركة بين الجبال الوعرة وتسلق المنحدرات والسير لمسافات طويلة في الصحراء فالمهنة تحتاج إلى صبر وجهد لا يتوافران بين شباب هذه الأيام، فالإنسان في الماضي كان يجد ويجتهد منذ الساعات الأولى في الصباح الباكر ولا يعود إلا مع دخول الظلام». ويشير سلطان إلى لغة التخاطب بين العسال والنحلة لا يعرفها إلا الذين عرفوا وتشربوا مهنة قطف العسل سواء كان هذا في الجبال حيث البيئة المتميزة للحصول على أجود أنواع العسل، أو من منابت الشجر ومما يعرشون -كما تقول الآية الكريمة في سورة النحل-» ويصفها بأنها لغة الكائنات الحية على وجه الكرة الأرضية عندما يعم السلام والمحبة الجميع.
المصدر: رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©