السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

المعايدات الإلكترونية تهدد التماسك الاجتماعي

المعايدات الإلكترونية تهدد التماسك الاجتماعي
8 يوليو 2016 23:20
نسرين درزي (أبوظبي) لطالما اعتبرت الأعياد فرصة لصلة الأرحام والتلاقي بالأهل وتجمع الأصدقاء لعيش أجواء التواصل الحقيقي، أما في عصر الواتساب والفايسبوك والسناب فقد اختلف الأمر وانقلبت الصورة. وبدلاً من أن يكون عيد الفطر مناسبة للتزاور أو الاتصال بالأقارب والأصدقاء بقصد تبادل المعايدات والاطمئنان على الأحباء، أصبح في ظل الهواتف المتحركة باباً من أبواب المعايدات الإلكترونية الصامتة. ومع مرور الزمن وفي ظل هذه الهجمة التكنولوجية الشرسة التي تتفاقم أبعادها عاماً بعد عام ماذا تبقى من لهفة العيد؟ وماذا يقول من يفتقدون إليها بسبب بطاقة يتداولها الجميع؟ وكيف يبرر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي غيابهم عن مجالس العيد وحضورهم من وراء الشاشات النقالة؟ بدلاً من أن ينشغل الناس خلال أيام العيد وما قبلها في التحضير لقائمة الزيارات التي يستغلونها لرؤية من تمنعهم مشاغل الحياة عنهم، أصبحوا يستقبلون العيد بالبحث عن رسالة موحدة يبعثون بها إلى قائمة الأسماء على هواتفهم. ومع وجود فئة لا تزال تحافظ على التقاليد الأصيلة لمعاني العيد تنتشر في صفوف الجيل الجديد مفاهيم مغايرة للمعايدات يجدر التوقف عندها. جفاف في المشاعر عن الأجواء الأسرية المحببة التي نشأت عليها تحدثت ميثاء المزروعي، وتمنت لو أن تلك الأيام تعود. وذكرت أنه ليس أجمل من تجمع الأسر والتفاف الكبار والصغار حول مائدة واحدة وضيافة واحدة تسعد الجميع. وهذا برأيها ما لا يمكن تعويضه أبداً حتى وإن كان خيار قضاء إجازة العيد السفر إلى أجمل بقاع الأرض. إذ إن كل المشاريع الأخرى يمكن تأجيلها باستثناء التواصل المباشر مع الأقارب. وانتقدت بشدة الأشخاص الذين يختصرون فرحة العيد بإرسال رسالة عامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما يدل على جفاف في المشاعر وعدم اكتراث لتقاليد العيد. ورداً على هذه النقطة لا يجد الناشط الإلكتروني إسماعيل الحوسني مبرراً لاعتراض البعض على أسلوب المعايدات العصرية. وهو يعتبر أنها توفي بالغرض طالما أنها تختصر الوقت والمسافات، ولاسيما أن معظم الأقارب لا يعيشون في المدينة نفسها. وبذلك يكون الشخص قد تواصل مع أهله ومعارفه بطريقة وسطية تبقي على خيوط الألفة بينهم بدلاً من القطيعة الطويلة. الرأي نفسه سجله عبدالله المحمود الذي دافع بشدة عن الأفكار المميزة للمعايدات، والتي تخرج من مواقع التواصل الاجتماعي إلى العالم أجمع. وقال: إن النقد الوحيد الذي يمكن تسجيله في هذا المجال، هو على الأشخاص الذين يكتفون بالجانب الإلكتروني لإلقاء تحية العيد، ولا يقومون بزيارة أقرب المقربين إليهم في هذه الأيام المباركة. ولا يمكن نكران وجود شريحة من نشطاء المواقع الإلكترونية الذين يجمعون في العيد بين زيارة الأهل والأصدقاء وتصميم المبادرات الخاصة بهم بالصور أو الكلام أو تسجيلات الفيديو. مظاهر هوائية من جهتها عبرت ندى الشيخ عن استيائها من موجة الرسائل والصور الإلكترونية خلال المناسبات الدينية والاجتماعية، كما هو الحاصل سنوياً مع بداية شهر رمضان وإلى عيدي الفطر والأضحى. وقالت: إن هذه المظاهر الهوائية لا تترك أثراً في النفوس ولا تعبر عن حقيقة المشاعر. إذ إنه من السهل أن يعيد أي شخص إرسال معايدة وصلته إلى أي كان من الأسماء المدونة على هاتفه. وهو بذلك لا يكون قد بذل أي جهد للتواصل أو إشعار الآخر بكم الاحترام والتقدير الذي يكنه له. ونصحت وفاء آل علي الأمهات والآباء بإعادة النظر في تربية أبنائهم على أهمية الدور الاجتماعي وصلة الأرحام. وذكرت أن عيد الفطر مناسبة أساسية لتعزيز العادات والتقاليد الإسلامية الأصيلة والتي تدعو إلى تبادل الزيارات والمعايدات بين الأهل والجيران والمعارف. واعتبرت أن الجيل الجديد عندما ينشأ في بيت يحرص على مظاهر الألفة الحقيقية بين أفراد الأسرة الواحدة والعائلة الكبيرة، يثمن دور المعايدات على أصولها. وبرأيها ليس أسوأ من أن تصلها رسالة جافة على هاتفها أو بريدها الإلكتروني خلال أيام العيد، وخصوصاً عندما لا يتوجه المرسل إليها شخصياً وباسمها. وكأنه بذلك يؤكد على معايدة شاملة تصيب من تصيب وتغيب عن من تغيب. فلا هو يعرف من قرأها ورد عليه بالمعايدة بالمثل، ولا هو ينتبه لمن تجاهل معايدته. وتحدث رونالدو مشحور، صاحب أحد المواقع الإلكترونية التي تعنى بالترويج لبطاقات المعايدة، عن اختلال عام يصيب المفاهيم الاجتماعية. ورفض أن يحمل الأمر إلى شبكة الإنترنت وما أفرزته من مبادرات بقدر ما سهلت على الناس خربت عليهم عادات كثيرة. وأوضح أن مواقع التواصل الاجتماعي من واتساب وسناب وإنستجرام وفايسبوك وسواها، ليست وحدها المسؤولة عن تلاشي ظاهرة التزاور بين الناس. فهذه المعايدات اللطيفة كما وصفها يفترض أن تأتي جانبية، وألا تلغي الواجبات الأساسية فيما لو كانت الأسر مصرة على عاداتها الأصيلة. وبالنظر إلى واقع المعايدات في أيامنا يتضح أن المعضلة الرئيسية تكمن في تخاذل شريحة من الناس عن أداء الواجبات في العيد. وهم بدلاً من أن يستغلوا التكنولوجيا بأسلوب محبب ودافئ بهدف تقريب المسافات، باتوا يتعاملون معها على أنها شماعة الحجج الواهية لعدم زيارة أقرب المقربين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©