الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النقاب في فرنسا··· حدود العلمانية والتدين

النقاب في فرنسا··· حدود العلمانية والتدين
19 يوليو 2008 23:06
عندما قدَّمت فايزة سِلمي طلب الحصول على الجنسية الفرنسية، كانت قلقةً من أن يُنظر إلى مستواها في اللغة الفرنسية على أنه دون المطلوب أو أن نشأتها في المغرب قد تُعد مشكلة· تقول فايزة مرتديةً النقاب الذي يحجب كامل وجهها ما عدا عينيها بنيتي اللون:''لم أكن أتخيل أبداً أن يرفضوا طلبي بسبب ما أرتدي''· بيد أن أعلى محكمة إدارية في فرنسا أيدت الشهر الماضي قرار رفض منح السيدة ''سِلمي''، 32 عاماً، الجنسية الفرنسية، وذلك على أساس أن ممارستها ''الراديكالية'' للإسلام لا تنسجم مع القيم الفرنسية مثل المساواة بين الجنسين· كانت تلك المرة الأولى التي تحكم فيها محكمة فرنسية على قدرة شخص ما على الاندماج في فرنسا بناء على ممارسته الدينية الشخصية، ليتم بذلك أخذ العلمانية من المجال العام إلى البيت· هذه القضية سلطت الضوء على التوازن الصعب بين تقاليد العلمانية الجمهورية وحرية التدين التي يكفلها الدستور الفرنسي، وكيف أن هذا التوازن يمكن أن يتغير· والجدير بالذكر أن قانوناً كان قد حَظر قبل أربع سنوات ارتداء الملابس الدينية في المدارس العامة· وفي وقت سابق من هذه السنة أبطلت إحدى محاكم مدينة ''ليل'' زواجاً بناء على طلب زوج مسلم كانت زوجته قد كذبت عليه بخصوص عذريتها (الحكومة طلبت في وقت لاحق مراجعة قرار المحكمة)· وحتى الآن لا يتم رفض طلب الحصول على الجنسية في فرنسا على أسس دينية إلا حين يُعتقد أن المتقدمين بالطلب مقربون من مجموعات أصولية· وقد لقي حكم المحكمة بشأن فايزة سِلمي دعماً واضحاً عبر ألوان الطيف السياسي الفرنسي، بما في ذلك العديد من المسلمين· فقد وصفت فضيلة عمارة، الوزيرة الفرنسية المكلفة بالشؤون الحضرية، نقاب السيدة سلمي بأنه ''سجن'' و''تقييد''؛ حيث تقول عمارة، وهي نفسها مسلمة من أصل جزائري في حديث مع صحيفة ''لو باريزيان'' نُشر يوم الأربعاء الماضي: ''إنه ليس رمزاً دينياً وإنما رمز لمشروع سياسي توتاليتاري يروج لعدم المساواة بين الجنسين، ويفتقر تماماً إلى الديمقراطية''· ومن جانبه، وصف ''فرانسوا هولند''، زعيم الحزب الاشتراكي المعارض، الحكم بأنه ''تطبيق جيد للقانون''، هذا في حين طالب ''جاك ميار''، وهو مشرع محافظ منتخب عن الدائرة حيث تعيش ''سِلمي''، بحظر الحجاب الذي يغطي الوجه· في مقابلة معها بجنوب شرق باريس، والتي تعد الأولى التي تخص بها وسائل الإعلام منذ أن تم رفض طلب حصولها على الجنسية، عبَّرت ''سِلمي'' عن صدمتها وحرجها عندما وجدت نفسها فجأة موضوع حديث واهتمام الرأي العام، حيث شكلت قصتها منذ الثاني عشر من يوليو، حين نقلت صحيفة ''لوموند'' لأول مرة قرار المحكمة، موضوع مناقشة وتحليل على الصفحات الأولى للجرائد والبرامج الحوارية التلفزيونية· وتقول ''سِلمي'' خلال حوار دام ساعة بشقتها في ''لا فيريير''، وهي مدينة صغيرة تبعد بحوالي 30 دقيقة بالقطار عن باريس: ''يقولون إنني أخضع لأوامر زوجي وإنني ناسكة منعزلة''· في بيتها حين لا يكون ثمة رجال، تميط ''سِلمي'' نقابها فيظهر وجه بشوش مبتسم على شكل قلب· ''يقولون إنني أرتدي الحجاب لأن زوجي أمرني بذلك··· أريد أن أقول لهم: إنه اختياري· إنني أعتني بأطفالي وأغادر البيت متى شئت، لدي سيارتي الخاصة وأقوم بالتسوق بمفردي· أجل أنا مسلمة أمارس عباداتي، أنا ''متشددة''·· ولكن أليس ذلك من حقي؟''· وقد رفضت سلمي أن تُلتقط لها صورة، قائلة إنها وزوجها لا يحبذان الفكرة· قبل ثماني سنوات تزوجت سلمي بكريم، وهو مواطن فرنسي من أصل مغربي وانتقلت معه إلى فرنسا· أطفالهما الأربعة، ثلاثة أولاد وبنت تتراوح أعمارهم بين سنتين و7 سنوات، وُلدوا في فرنسا· وتقول سلمي إنها تقدمت في 2004 بطلب الحصول على الجنسية الفرنسية ''لأنني أردت أن تكون لدي الجنسية نفسها التي لدى زوجي وأطفالي''· ولكن طلبها قوبل بالرفض بعد حوالي العام بسبب ''اندماج غير كاف'' في فرنسا· ولكن سلمي استأنفت الحكم وحجتها الحق في حرية التدين· ولكن ''مجلس الدولة''، وهو المؤسسة القضائية التي لديها الكلمة الأخيرة بخصوص النزاعات بين الأفراد والإدارة العامة، أيد في أواخر يونيو الحكم السابق· ومما جاء في قرار المجلس: ''لقد تبنت (السيدة فايزة سلمي) ممارسةً راديكالية لدينها لا تتماشى والقيم الأساسية للمجتمع الفرنسي، وبخاصة مبدأ المساواة بين الجنسين''· بيد أن ذلك لا يعني أن ''سِلمي''، التي تقيم في فرنسا كمهاجرة شرعية، ستفقد الحق في البقاء هناك· وقد منحت نفسها مهلة إلى غاية سبتمبر المقبل لتقرر بشأن ما إن كانت ستقوم بمحاولة أخرى للحصول على الجنسية· وحسب إيمانيول برادا بورديناف، المفوض الحكومي الذي نقل القضية لـ''مجلس الدولة''، فإن مقابلات ''سِلمي'' مع مسؤولي الخدمات الاجتماعية كشفت عن أنها ''تعيش في خضوع تام لأقاربها الذكور· ويبدو أنها تعتبر ذلك أمراً عادياً، ولم تخطر ببالها أبدا فكرة تحدي هذا الأمر ورفضه''· أما محمد حنيش، من ''اتحاد الجمعيات الإسلامية'' في دائرة ''سين-سانت-دونيس''، فيقول إنه يخشى أن يفتح الحكم الفرنسي الباب أمام ما يعتبره تأويلات أكثر تعسفا للأشياء التي قد تُصنف باعتبارها جزءا من الإسلام ''الراديكالي'' إذ يقول متسائلا: ''الدور على ماذا مستقبلا؟ الذهاب إلى الحج؟ الصلاة اليومية؟··· إن هذا الحكم يؤسس لسابقة خطيرة، فالدين، طالما أنه مسألة شخصية، ينبغي أن يبقى بعيداً عن هذه القرارات''· كاترين بينهولد-لافيريير- فرنسا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©