السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في الصين... الشركات تستكشف السوق الداخلية

في الصين... الشركات تستكشف السوق الداخلية
22 سبتمبر 2009 01:56
لم تستمر طويلا تلك الآمال التي داعبت «جاك يين» باختراق الأسواق الغربية، إذ سرعان ما بدأت في التلاشي. فعندما أنشأ مصنعه الصغير لإنتاج مستحضرات الشامبو وغيرها، في المنطقة الصناعية المتواجدة بضواحي مدينة «دونجوان» الصينية، كان يتطلع بثقة وعزم إلى غزو الأسواق الأميركية والأوروبية، متصوراً أن المستهلكين في الدول الغنية سيتسابقون لشراء منتجاته من صابون وشامبو ومرطبات البشرة. ولكن منذ أن حلت الأزمة الاقتصادية تبددت تلك التطلعات بعدما تبخرت 70 في المئة من الصادرات بسبب تراجع الطلب العالمي؛ هذا التراجع الذي يصف «يين» تأثيره بأنه كان «جارفاً»، ولذا قرر استبدال منتجاته منخفضة السعر بأخرى ذات جودة عالية على أمل أن يحول مستحضرات الشامبو والصابون التي ينتجها إلى علامة تجارية مشهورة يعرفها الناس ويثقون فيها. وبخلاف المرة السابقة التي كان يستهدف فيها الأسواق الغربية، أصبح يتوجه اليوم إلى المستهلك المحلي الصيني علَّه يتجاوز الأزمة ويرفع مبيعاته التي تراجع عليها الطلب في الغرب. وعن هذه الرؤية الجديدة يقول: «عندما تتعطل الأسواق الأجنبية عن العمل علينا تغيير وجهتنا». والحقيقة أن الأمر لا يقتصر فقط على «يين» بل يمتد إلى باقي رجال الأعمال في معقل الصناعة الصينية بالمنطقة الجنوبية، حيث شرعوا في التركيز على السوق الداخلية، ففيما توقف المستهلكون الغربيون عن الشراء تسعى الشركات الصينية إلى تسويق منتجاتها محلياً في ظل تزايد الطلب الداخلي؛ ومع أن التركيز على السوق الداخلية للصين ضروري لإعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي يحذر الخبراء من أن العملية ليست، مع ذلك، سهلة كما يتصور البعض. فبعد فترة طويلة تعودوا فيها على إنتاج سلع موجهة للخارج يجد المصنعون الصينيون صعوبة بالغة في تسويق منتجاتهم لمواطنيهم في الداخل، وأحياناً يجدون أنفسهم أيضاً عاجزين عن بيع سلع مثل آلات تحميص الخبز وغيرها التي لا يُقبل عليها الصينيون في الأساس. وفي إشارة إلى الأضرار الكبيرة التي تكبدتها الصين بسبب انحسار الطلب العالمي على بضائعها قدرت الحكومة عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بحوالي عشرين مليون عامل وذلك منذ بدء الركود العالمي، كما فقدت مدينة «دونجوان» لوحدها 500 ألف وظيفة وهو ما يمثل 10 في المئة من قوتها العاملة، هذا في الوقت الذي انخفضت فيه الصادرات بحوالي الربع مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، ويعبر عن هذه المشاكل التي تواجهها الصين حالياً «مارشال ميير»، الخبير في الشؤون الصينية بجامعة بنسلفينيا قائلا «إن التحدي الأكبر أمام الصين هو الانتقال من الأسواق الخارجية إلى السوق المحلية، والمشكلة هنا هي الاعتماد المفرط على الصادرات إذ سرعان ما تبرز هشاشة الاقتصاد القائم على التصدير عندما يتراجع الطلب». وبالنسبة لـ«هو جوهوي»، الذي يدير شركة للتصنيع التكنولوجي، يشكل الانتقال إلى السوق المحلي أمراً جيداً لكنه يدرك أيضاً أنه ليس من السهل القطع مع العادات القديمة في الإنتاج المعتمدة بشكل شبه كلي على الخارج، فالمصنع الكبير والممتد على مساحة شاسعة ينتج الكاميرات الرقمية، والهواتف النقالة، بالإضافة إلى أجهزة تحديد المواقع (GPS) والعشرات من المنتجات الأخرى التي تستغل العلامات التجارية الكبرى في العالم. وعن السوق الصينية يقول مدير المصنع « الكثير من الأجانب يتحدثون عن الاستهلاك الداخلي ويسألوننا بنوع من المزاح لماذا لا تشترون بضائعكم، لكن العادات الاستهلاكية للصينيين تختلف كثيراً عن تلك الموجودة في الغرب». ولتغيير تلك العادات وتشجيع الصينيين على الاستهلاك أطلق المصنع سلعاً جديدة موجهة خصيصاً للمستهلك المحلي، بحيث تطمح الشركة أن تصل مبيعاتها الداخلية خلال بضعة أعوام إلى 40 في المئة من إجمالي مبيعاتها، غير أن إطلاق علامات تجارية جديدة لجذب المتسوقين الصينيين ليس سهلا في ظل الماركات العالمية التي تعج بها الأسواق ما يستدعي جهداً كبيراً في تسويق المنتج وعرضه بصورة جذابة تلائم ذوق المستهلك الصيني. وهذه الصعوبات التي تواجه الشركات الساعية إلى فتح السوق المحلية أمام بضائعها يؤكدها «بين سيمفندورفر»، الخبير في الاقتصاد الصيني بالمصرف الملكي الاسكتلندي بهونج كونج مشيراً إلى أن كل ما يقال عن السوق الصينية واحتمال استيعابها للبضائع المصنعة محلياً هو مجرد مبالغات لأنه لا يمكن الاستغناء عن الأسواق الناضجة في أوروبا والولايات المتحدة، أو العادات الشرائية للمواطنين في الغرب، موضحاً ذلك بقوله «إن الشركات الصينية تحاول بيع منتجاتها في سوق لا يشكل حجمه سوى عشر السوق الأجنبية ولذا أعتقد أن تلك الشركات ستعاني في المرحلة المقبلة». ومن جانبها تعمل الحكومية الصينية على تشجيع انفتاح الشركات على المستهلك الصيني علها تعوض ولو قليلا من خسارتها للسوق الأجنبية بعد تراجع الطلب في الولايات المتحدة وأوروبا وذلك باتخاذ مجموعة من الخطوات مثل توفير الدعم لسكان الأرياف الذين يشترون الآلات المنزلية، والتقليص من الضرائب، فضلا عن تسهيل اقتراض الشركات من البنوك لتجنب المزيد من حالات الإغلاق، ولكن على رغم الجهود التي تبذلها الحكومة يقول «لي جيانج»، أستاذ المالية بجامعة «سون يات سين» الصينية لم تتمكن الشركات بعد من اختراق السوق الداخلية، وعن ذلك يقول: «إن الحكومة تدفع جاهدة في اتجاه استكشاف السوق الداخلية، إلا أنه لا أحد يعرف كيف يحقق ذلك». جيرمي كوتنر - الصينِ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©