صدرت عن قسم الدراسات والنشر بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة رواية «امرأة خضراء» للكاتب والتشكيلي المصري محمد مهدي حميدة. الرواية تمتاز بالأجواء الغرائبية والمشاهد والأحداث غير الاعتيادية، وهي تقوم على توظيف المكون البصري والأداء الحركي في خلق أجواء مخيلاتية تحمل من الدهشة القدر الكبير، حيث يستدعي الراوي عبر أجواء غرائبية ذكرياته عن عمة غريبة الأطوار، تقضي سنوات عمرها في نسج علاقات حياتية تقوم على نزقها الخاص في عد الخطوات وحسابات المسافات من مكان لآخر على نحو صارم، وهو ما استدعى منها توطيد صداقات من نوع محدد مع رفيقات النادي، وأفراد العائلة والمجتمع المحيط، والرواية تمضي في سيرها الغرائبي لتتداعى الأحداث وتتقاطع في أجواء تمزج بين السحرية والسوريالية لتقرأ سيرة الإنسان وتلقي بظلالها على مسائل مجتمعية وتاريخية وإعلامية في سبيلها للتهكم من الواقع وإعادة قراءته وإنتاجه عبر سخرية تقوم على ابتكار النسق وتداعي الأحداث وتراكبها المفاجئ واللافت.
يقول حميدة في ثنايا روايته: «كنت على يقين راسخ وأنا أخطو الخطوة 43 (غالباً ما تكون الخطوة 43 على الرصيف الأيسر) أن البقال يضع يده في جيب جلبابه القاتم ليخرج مفتاح الدكان، وأنه سيلج إلى الداخل في الخطوة 51.. وغالباً ما يحدث هذا في كل المرات التي أمشي فيها على الرصيف الأيسر، بلا أي تغيير يذكر.. البقال، وعامل المغسلة، وخادمة تمسح زجاج سيارة مخدومها، وبواب العمارة الممتدة بين الخطوتين 816 و903 من اليسار، والكلب من نوع الدوبرمان الذي ينبح أعلى سور شرفة الطابق الخامس في ذات العمارة، كانوا أكثر الجميع دقة وانتظاماً في هذا الشارع الطويل... كنت أراهم دائماً عند خطوات بعينها. ولم أكن في حقيقة الأمر لأصدق أبداً أنه سيأتي عليّ ذلك اليوم الذي أقوم فيه بحساب المسافات بهذه الطريقة؛ لولا أن عمتي أكدت لي أن حساب المسافات على هذا النحو تمرين أساسي يساعد الروح على التخلص من الشوائب العالقة.. لقد نصحتني أن أتحصن ضد شوارع المدينة الكبيرة بعدِّ الخطوات».
يذكر أن الكاتب حاصل على ماجستير تاريخ الفن من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وصدر له قبل هذه الرواية مجموعة من الكتب الفنية والأدبية من بينها كتاب «الفن التشكيلي العربي وأبرز مبدعيه» عن دار سعاد الصباح عام 2002، وكتاب «عمائر المنمنمات الإسلامية» عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة عام 2010، والمجموعة الشعرية «صناعة الأنقاض» الصادرة في الشارقة عام 2012.
(الشارقة - الاتحاد)
عدد اليوم
