القاهرة (الاتحاد)
«سواح وماشي في البلاد سواح، والخطوة بيني وبين حبيبي براح، مشوار بعيد وانا فيه غريب، والليل يقرب والنهار رواح، وان لقاكم حبيبي سلمولي عليه، طمنوني الأسمراني عاملة إيه الغربة فيه» مقدمة واحدة من أغنيات العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ التي لحنها الموسيقار بليغ حمدي، وكانت الأغنية أول تعاون فني بين حليم ومؤلفها الشاعر محمد حمزة الذي كتب لحليم فيما بعد أغنيات منها «زي الهوا»، و«نبتدي منين الحكاية»، و«موعود»، و«جانا الهوا»، و«أي دمعة حزن لا»، و«حاول تفتكرني»، و«مداح القمر»، و«بحلم بيوم».
وكان محمد حمزة قد توقف عند «سواح» في مذكراته، وقال إن بليغ كان يستمع لأغنياته مع محمد رشدي، وبالتحديد أغنية «عطشان يا صبايا»، واتهمه وقتها بإفساد التراث الغنائي، وأنه شعر بالاكتئاب، إلا أنه فوجئ ببليغ يحضر لزيارته في الحادية عشرة مساء، ويطلب منه أن يسمعه شيئاً جديداً، فقرأ له المذهب الأول من «سواح» فكتبه على علبة سجائره وتركه، ثم عاد مرة أخرى في الواحدة بعد منتصف الليل، وطلب منه أن يذهب معه لعبدالحليم حافظ الذي تعامل معه وكأنه يعرفه، وأكد له أنه معجب بالأغنيات التي كتبها لفايزة أحمد، ثم طلب منه أن يجلس في مكتبه ويكمل أغنية «سواح»، وأنه حين انتهى من كتابة المقطع الأخير: «يا قمر يا ناسيني، رسيني ع اللي غايب، نورلي وريني سكة الحبايب، وصيتك وصية يا شاهد عليا، تحكيله ع اللي بيا، واللي قاسيته في لياليا» ذهب حليم وبليغ ليبدأ العمل في اللحن وفي السابعة صباحاً كانت الأغنية جاهزة، ومن هنا بدأ رحلته مع حليم.
أما الناقد طارق الشناوي، فقال إن عبدالحليم كان يغني كلمات مغرقة في الشاعرية والتجديد كتبها الأخوان رحباني ولحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وهي أغنية «ضي القناديل»، بينما كان المطرب الشعبي محمد رشدي يغني «في إيديا المزامير»، وأعجب الجمهور في هذه المرحلة بالمزامير والمسامير، فهي على الأقل أشياء ملموسة لا تتحرك في الظلام مثل «شارع الضباب». وأشار إلى أن حليم أعاد برمجة البوصلة الغنائية العاطفية إلى الاتجاه الشعبي، وقدم «سواح» لحمزة وبليغ، وطلب حليم من حمزة تغيير كلمة واحدة، حيث كانت الكلمات في البداية «مشوار صعيب، وأنا فيه غريب»، لهذا تحولت إلى «مشوار بعيد».
عدد اليوم
