الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا الجديدة والدعم الأميركي

28 مارس 2013 00:09
فريدريك سي.هوف مستشار سابق لحكومة أوباما لشؤون الانتقال في سوريا بالنسبة لمعظم الأميركيين تبدو سوريا كورطة كبيرة، سيكون أفضل ما يمكن عمله بشأنها، هو تركها للسوريين وجيرانهم كي يجدوا مخرجاً منها. ولكن الصراع الذي أطلقه بشار ضد شعبه، يهدد بخلق فضاء غير قابل للتحكم فيه، يتدافع فيه اللاجئون نحو الحدود، ويقيم فيه الإرهابيون قاعدة لهم، وتترك فيه المواد الكيماوية والبيولوجية من دون حراسة، ومتاحة لمن يريد الاستيلاء عليها، ويصبح فيه الكثيرون من سكان سوريا البالغ عددهم 22.5 مليون نسمة، هدفاً للاحتجاز، والتعذيب، والتشريد القسري عن ديارهم، بل وحتى الاغتيال في بعض الحالات بسبب هويتهم العرقية. على رغم عدم وجود حلول بسيطة لهذه الورطة، فإن هناك ما يمكن عمله على نحو عاجل من أجل تقليص حمامات الدم، وتجنب إمكانية تحول سوريا إلى دولة فاشلة، على النمط الصومالي. بدأ انحدار سوريا نحو الفوضى منذ عامين على وجه التقريب، في صورة احتجاجات سلمية في مدن وبلدات الجنوب السوري الفقيرة، رد عليها بشار بإصدار الأوامر لشرطته بإطلاق النار، واعتقال المحتجين وتعذيبهم- كان من بينهم أعداد كبيرة من الأطفال. وكان ذلك بمثابة عود الثقاب الذي أشعل نار الغضب الكامن على المظالم الاقتصادية والاجتماعية، التي سرعان ما انتشر لهيبها إلى العديد من المدن السورية، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة. ورد الفعل الدموي من جانب الأسد على الاحتجاجات كان يعكس في الحقيقة مدى الاحتقار الذي يحمله الرئيس السوري المنتمي للطائفة العلوية التي تشكل 12 في المئة من إجمالي سكان سوريا ذات الأغلبية السُنية. وأدت هذه الحقائق الطائفية المعقدة إلى تحول مجرى وطبيعة الصراع الدائر في سوريا بطرق لا يزال يتعين إدراكها بشكل كامل في الولايات المتحدة. فعندما فضل الأسد العنف على الحوار، لجأ إلى استخدام وحدات الجيش والعصابات الإجرامية المسلحة التي كانت غالبيتها العظمى من العلويين، لقمع الاحتجاجات التي تكاثرت وانتشرت إلى معظم أنحاء سوريا. وبالتصرف على هذا النحو زج الأسد بسوريا في مرجل طائفي يتم فيه استهداف المدنيين بالعنف، والقتل الصريح، بسبب انتماءاتهم الدينية والطائفية. وعلى الرغم من أن معارضي الأسد الرئيسيين المسلحين وغير المسلحين، مازالوا حتى الآن يحاولون جاهدين عدم ابتلاع الطعم الطائفي الذي ألقاه الأسد لهم، إلا أن الأساليب القمعية الدموية التي يستخدمها النظام دون أدنى رحمة خلقت الفرصة لظهور تنظيمات راديكالية وجهادية تتسم بدرجة عالية من الكفاءة، وبعداء شديد للطائفة العلوية في نفس الوقت، ما أفزع الأقليات الأخرى التي تعيش في سوريا، ونقل الصراع إلى مستويات عبثية من العنف الدموي. من الأهمية بمكان على ضوء ذلك، أن يتم على نحو عاجل القضاء على هذا النظام، واستبداله بحكومة تلتزم بحكم القانون، والمواطنة، وتدعم المجتمع المدني، وتحمي الأقليات، وهو ما ينطبق لحد كبير على ائتلاف المعارضة الرئيسية للنظام- الذي اعترفت به الولايات المتحدة ودول أخرى بالفعل كممثل شرعي وحيد للشعب السوري- والذي يناقش في الوقت الراهن مسألة إقامة حكومة سورية عاملة على التراب السوري. وأعضاء ائتلاف المعارضة يترددون حول هذا الأمر، لأنهم غير واثقين من دعم الولايات المتحدة وهو ما كان سبباً في إعلان زعيم ائتلاف المعارضة استقالته من منصبه مؤخراً. من دون وجود حكومة غير طائفية في سوريا، حكومة تتعهد بحماية السكان المعرضين للمخاطر، وقادرة على العمل كبديل للنظام، فإن احتمال فشل الدولة السورية وسقوطها في هاوية الفوضي سيظل قائماً. وعلى الرغم من صعوبة التحديات الحالية، فإنها يمكن أن تتحول لتحديات غير قابلة للسيطرة والتحكم، وهو ما يعني أنه ليس هناك بديل عن خيار إقامة حكومة موثوقة تحل محل النظام السوري، وهو شيء لن يحدث من دون تشجيع الولايات المتحدة ودعمها السياسي، والعسكري، والمالي، والفني الذي تتردد واشنطن في تقديمه حتى الآن. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©