الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

وفاة الدكتورة ماريان كنيدي مؤسسة مستشفى الواحة بالعين

وفاة الدكتورة ماريان كنيدي مؤسسة مستشفى الواحة بالعين
20 يوليو 2008 01:10
توفيت في مدينة كارميكايل بولاية كاليفورنيا الأميركية الخميس الماضي الدكتورة ماريان كنيدي، التي عرفها أهل مدينة العين باسم ''ماما لطيفة'' عن عمر يناهز 84 عاما، حيث أسست مع زوجها بات كنيدي، مستشفى الواحة بالعين في أوائل ستينيات القرن الماضي· وبعثت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك برقية تعزية ومواساة إلى نانسي كنيدي وعائلتها بوفاة والدتها الدكتورة ماريان كنيدي· وأعربت سمو الشيخة فاطمة في برقيتها عن عميق حزنها بوفاة الدكتورة ماريان التي قدمت خدمات جليلة خلال فترة عملها في مستشفى الواحة في مدينة العين الذي أسسته مع زوجها في أوائل ستينيات القرن الماضي· وقالت سموها إن أبناء الإمارات وخاصة في مدينة العين والمنطقة الشرقية سيذكرون دائما الدكتورة ماريان وأياديها البيضاء من خلال الخدمات الطبية والرعاية الصحية الجليلة التي قدمتها إليهم· وأضافت سموها أن الفقيدة قدمت مع زوجها صورة رائعة للعطاء والمحبة في مجال الرعاية الصحية وبادلها أهل المنطقة التقدير والاحترام· يذكر أن الدكتورة ماريان كنيدي التي توفيت يوم الخميس الماضي، سيقام لها قداس يوم الثلاثاء القادم 22 يوليو الحالي في مسقط رأسها بمدينة كارميكايل بولاية كاليفورنيا الأميركية· ونالت الدكتورة كنيدي جائزة أبوظبي في نسختها الأولى عام ،2005 حيث قدم لها الجائزة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي ولد هو نفسه في مستشفى الواحة· ويعتبر المستشفى شاهدا على قصة تطور مجتمع يحمل في طياته وثنايا ذاكرته قصصاً وحكايات يتبادلها أبناء المدينة عن أول مستشفى في مدينة العين، وكيف كانوا يتلقون العلاج، وكيف كـــــــانت العيادات في بداية عهدها تحت سعف النخيل· وتذكر سيدات المدينة -اللواتي تقدم بهن العمر الآن- ذكريات ولادتهن على أيدي ممرضات هذا المستشفى الذي يعد سجلاً حياً لعدد كبير من أبناء المدينة ممن يتذكرون تلك الأيام الصعبة من شظف العيش والبساطة والأمن وتكاتف المجتمع· وأصبح عدد كبير ممن عملوا في المستشفى من ممرضين وأطباء أكثر من أصدقاء لأهل العين وباتت تربطهم بهم علاقة ود، حيث مضى على وجود البعض منهم أكثر من 40 عاماً، أتوا إلى المدينة في ريعان شبابهم، وفي مقدمة هؤلاء الدكتورة الراحلة ماريان كنيدي وزوجها بات، والتي باتت صديقة الجميع وتعرف بالدكتورة ''لطيفة'' التي بدلت اسمها بعد قدومها من بلادها كندا وأقامت في العين سنين عديدة لم تزر بلادها إلا مرات قليلة قبل أن تعود إليها بشكل نهائي منذ سنتين فقط· وفي مدينة العين، احتل مستشفى الواحة حيزاً كبيراً من ذاكرة أهل المدينة، وأطلق عليه البعض مسمى ''القصر الأبيض''، وقبل ذلك عرف باسم ''اسبيتار'' أو مشفى كندي نسبة لفريق العمل الكندي الذي كان يعمل به· ويذكر أبناء المدينة أنه وفي نهاية عقد الخمسينيات من القرن الماضي، وصل إلى المدينة وبدعوة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''رحمه الله'' ممثل الحاكم حينذاك، وفد طبي من كندا استقر في وسط واحة النخيل التي هي جزء من حرم قصر ممثل الحاكم· وسارع سكان المدينة إلى المستشفى للكشف عن أمراضهم التي كانوا لا يعرفون عنها شيئاً يداوونها بالأعشاب ورقية المطاوعة· وفي البداية، لم يتجاوز عدد أعضاء الفريق الخمسة الدكتور كندي وزوجته مريان، وانضم لهم بعد ذلك الدكتور ستيت وزوجته أيضاً، والتي تولت أعمال التمريض ولحقت بهم الممرضة جيرترديل دايك· وكان العمل اليومي يبدأ منذ الصباح الباكر من منزل الشيخة سلامة، وعلى الرغم من قلة الإمكانات وبساطتها في تلك الفترة، إلا أن الفريق الطبي استطاع إجراء أكثر من 4 آلاف حالة ولادة خلال 10 سنوات، حيث كانت السيدات يأتين من سلطنة عُمان ودبي والمناطق المجاورة· وعن تلك المرحلة وذاك المكان، يروي الكاتب ناصر الظاهري في عاموده ''سكة سفر'': في مطلع الستينيات من القرن الماضي وفي وسط مدينة العين، كانت هناك أربعة مبان مميزة عن منازل الأهالي التي كانت مبنية من الطين والجص وسعف النخيل، قصر الشيخ زايد الذي تحول إلى متحف الآن، وغير بعيد عنه مدرسة النهيانية القديمة، ومبنى البريد والبرق، المصنوع من القش على الطريقة الإنجليزية في مستعمراتهم في البلدان الحارة ''البريستي'' ومبنى أبيض مصبوغ بالنورة، أطلق الناس عليه من أول يوم كلمة ''اسبيتار'' أو مشفى كندي نسبة للدكتور بات كنيدي الذي وصل في العام 1960 وتوفي في إبريل من العام ·2000 ويضيف الظاهري ''إن مشفى كنيدي غير مكانه في السبعينيات وانتقل إلى مكانه الحالي خلف الوادي، ويُسمى مشفى الواحة، لكنه ظل في ذاكرة الناس بالاسم الذي يعرفونه به ''مشفى كنيدي'' وكان المشفى يحضر اللعب للأطفال والقصص المصورة والأقلام الملونة والحلويات والسكاكر التي لم نكن نعرف منها سوى الحلوى العمانية وملبس برميت والبشمك في المناسبات، إضافة إلى ذلك كان المستشفى يحضر أفراح واحتفالات الأطفال ويقوم برحلات إلى منازلهم· ويشير الظاهري في روايته لقصة ذلك المكان إلى أن مشفى كنيدي ارتبط بالأهالي من خلال حرص العاملين فيه على الانخراط في حياة الناس، يأكلون من مأكلهم ويلبسون ملبسهم، لدرجة أن الممرضات والطبيبات لبسن الكنادير العربية المخورة، والتي تعرف باسم ''بوبادلة'' المضروبة بالتلي، وكن يذهبن إلى المريض البعيد ولو في منتصف الليل، حيث لا كهرباء ولا ماء· ويذكر الرواة من أهل المدينة أن المستشفى كان يستقبل المرضى من مناطق مختلفة لاسيما النساء الولادات، وحين يضيق المكان كانت تنصب الخيام تحت شجر السمر والغاف· وعلى مسافة من تلك الخيام، كانت تعلق الذبائح فرحاً بقدوم المواليد الجدد، ولم يكن مشفى كنيدي، مجرد مكان للمعالج، بل تحولت مداخله إلى سوق شعبي، حيث كانت العجائز تفترشن الأرض لتبيع بعض الحاجات الصغيرة لرواد المشفى الذي لم ينته دوره ولا مكانته على الرغم من افتتاح عدد من المشافي الحديثة، ومازال مشفى كندي يعيش في ذاكرة أهل المدينة· وتعتبر حياة العائلة كنيدي في إمارة ابوظبي أبرز نقطة في تاريخ العائلة التي مازالت تحتفظ بذكريات سعيدة لحياتهم في مدينة العين· وقالت نانسي كنيدي ابنة الدكتورة كنيدي إن والديها أحبا الصحراء كما أحبا كذلك الناس الذين تعايشوا معهم في مدينة العين والذين بادلوهم الحب والاحترام· ولدت الدكتورة ماريان كنيدي في مدينة اورلاند بولاية كاليفورنيا الأميركية وهي أم لأربعة أبناء، وكانت تتمتع بروح المغامرة والحرص العميق على عملها الإنساني وإخلاصها للطب الذي مارسته طيلة حياتها· وبدأت مشوارها التعليمي بالتخرج من ثانوية أورلاند عام ،1941 ثم تخرجت من جامعة يو سي بيركلي عام 1945 في تخصص الكيمياء الاحيائية· ومن نالت الماجستير عام 1946 تخصص الفيسيولوجيا، لكن حبها العميق للعلوم وخدمة المجتمع دفعها إلى دراسة الطب في جامعة فيلادلفيا، حيث التقت بالدكتور بات كنيدي الذي تزوجت به· وقبل مجيئهما إلى إمارة ابوظبي قادهما عملهما الى عدد من الدول منها لبنان والاردن والعراق وبعد تقاعدهما عن ممارسة مهنتهما المفضلة استقرا في مدينة جاردن فالي بولاية كاليفورنيا· وروت الدكتورة ''لطيفة'' في مذكراتها عن فترة عملها الطويلة، حيث غادرت الإمارات عائدة إلى وطنها الأم بعد رحلة طويلة، مليئة بالحكايات والذكريات عن تلك الأيام التي قضتها في ربوع مدينة العين· حيث كانت شاهد عيان على ولادة عدد كبير من أبناء وبنات المدينة· وروت أنها قد جاءت إلى الإمارات منذ العام ،1962 قبل قيام دولة الاتحاد، حيث كانت الحياة بسيطة، والبيوت من الطين وسعف النخيل، والنساء يحضرن الماء من الأفلاج على رؤوسهن، والسوق عبارة عن غرفة صغيرة، ولم تكن هناك شوارع، وكان الطريق من دبي إلى العين يستغرق 8 ساعات، وحدث أن هطل المطر ذات مرة، مما أدى إلى إتلاف سقف المشفى، وانتقل بعدها، إلى موقعه الحالي، بعد أن كان الشيخ زايد ''رحمه الله'' قد خصص له المكان بالقرب من قصره· وكانت غرفة تخزين الأدوية تحت الأرض من أجل الرطوبة، وكانت الصعوبة الوحيدة بالنسبة لها هي اللغة العربية· وتشير الدكتورة الراحلة في مذكراتها إلى أنها اضطرت للسفر إلى البحرين لتعلم اللغة العربية من خلال دورات تدريبية خاصة هناك، حيث إن التعليم في الدولة حين ذاك لم يكن قد أخذ طريقه بشكل منتظم· ''لطيفة'' التي التزمت بالزي الرسمي الوطني للدولة في جميع ملابسها، تؤكد أن علاقتها بشعب الإمارات لن تمحى من الذاكرة، وقد أفنت عمرها وشبابها بينهم، وأكلت من طعامهم وحضرت أعراسهم وولدت أبناءهم وعالجت مرضاهم وكانت تتمنى لو أنها استطاعت البقاء أكثر بينهم، إلا أن للعمر أحكاماً·
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©