الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما والخريطة الخطأ للإصلاح الصحي

أوباما والخريطة الخطأ للإصلاح الصحي
23 سبتمبر 2009 00:45
صرح الرئيس أوباما الأربعاء ما قبل الماضي أن «تقليص الفاقد ومعالجة عدم الكفاءة في نظام الرعاية الصحية سوف يوفر الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الجزء الأكبر من خطته المقترحة للرعاية الصحية». وهذا التصريح يردد صدى ملاحظات كان قد أدلى بها «بيتر أورسزاج» مدير مكتب الإدارة والميزانية التابع للبيت الأبيض، الذي زعم أن ثلث الإنفاق المتعلق بالرعاية الصحية وهو مايزيد عن 700 مليار دولار سنوياً - يتم إهداره بدون طائل. وقد استقى «أورسزاج» هذه المعلومة مباشرة من مصادر في مشروع «دارتماوث أطلس» كانت قد أعلنت أن الولايات المتحدة يمكن أن توفر ما نسبته 30 في المئة سنوياً من إنفاقها السنوي على الرعاية الصحية، إذا ما التزمت المناطق الصحية المرتفعة الإنفاق، بنفس القواعد التي تلتزم بها تلك المنخفضة الإنفاق وإذا ما طُبقت قواعد الثانية على الأولى. بصرف النظر عن هذه الملاحظات والبيانات، إلا أن هذه في الحقيقة ليست الطريقة الملائمة التي يمكننا بها توفير الموارد اللازمة للإنفاق على الرعاية الصحية، فالأرقام قد تكون جيدة على الورق، ولكن الواقع العملي شيء مختلف. ومشروع «دارتماوث» أطلس يستخدم بيانات الرعاية الصحية في تقييم الكيفية التي يتم بها توزيع الموارد المالية للرعاية الصحية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. وكنت قد كتبت من قبل مقالا في مجلة» هيلث آفيرز» العام الماضي قلت فيه إن الإنفاق على الرعاية الصحية يجب أن يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالإنفاق العام، فجاءني رد على ذلك المقال في نفس المجلة من مسؤولي مشروع «دراتماوث» فحواه أن هيئة الرعاية الصحية «ميدي كير» تقوم بقياس وفحص ما يقوم به الأطباء وما يحدث في المستشفيات بدقة». في الشهر الماضي اعترفت مجموعة من الأطباء تضم مدير «جهود إصلاحات السياسات الصحية» في «معهد دارتماوث للسياسات الصحية» في مقاله ضمنوها عشر خطوات لتحسين أداء الرعاية الصحية، أنه ونتيجة لأنهم اعتمدوا على بيانات «ميدي كير» في إجراء الاختيارات فإنه من الجائز جدا أن يتوصل بعض المرضي الذين لا يتلقون علاجا ضمن برنامج «ميدي كير» إلى استنتاج مؤداه أن بعض المناطق الطبية ليست منخفضة الإنفاق كما يحاول البعض أن يثبت. من المفهوم أن حظ المستشفيات يختلف حسب المجتمع الذي يعمل فيه. فمستشفى مايو كلينيك مثلا يوصف بأنه محظوظ لأنه يقع في روشستر- مينوسوتا التي تتميز بارتفاع مستوى معيشة سكانها وقلة عدد فقرائها. وهكذا فإن هذا المستشفى يمكن أن يحقق دخلا كبيراً من خلال تقديم خدماته لمرضى» ميدي كير» وللآخرين. وهذا هو السبب أن الإنفاق الطبي الحكومي في تلك الولاية ليس منخفضا للغاية كما تشير إلى ذلك مصادر مشروع «دارتماوث اطلس» وإنما يندرج ضمن فئة أعلى 20 ولاية على المستوى الوطنى، كما أن أسعار العلاج التي يتقاضاها المستشفى نظير تقديم خدماته تعتبر هي الأعلى في الولاية. وإذا ما أضفنا لذلك الرسوم التي يتقاضاها المستشفى مقابل تقديم تلك الخدمات للمرضى القادمين من أماكن أخرى سواء من داخل أميركا وخارجها، وخصوصا الدول الشديدة الثراء، فإننا سندرك أن تلك الأموال سوف تمكن المستشفى من تقديم رعاية صحية على مستوى راقٍ، وأن هذه الرعاية سيحصل عليها الجميع بصرف النظر عما يدفعونه بالفعل. والمؤسف أن العكس صحيح في المستشفيات التي تكون إيراداتها العامة منخفضة-أي أنها بدون تمويل كاف - ففي مثل تلك المستشفيات نجد أن الجميع يعانون من مستوى الرعاية الصحية المقدم. ومن المعروف حسب الإحصاءات الرسمية أن المرضى الفقراء يستهلكون قدراً أكبر من أموال الرعاية الصحية أكثر من الأغنياء - بنسبة تتراوح ما بين 50-75 في المئة في المتوسط- فهم مصابون بأمراض أكثر، وربما أخطر، ويمكثون داخل المستشفيات لفترات أطول، دون أن يؤدي ذلك إلى شفائهم بشكل كامل على الرغم من الجهود التي يبذلها الأطباء والمستشفيات في ذلك. قصارى القول إننا كي نحقق إصلاحاً صحياً بمعنى الكلمة، ونجد وسيلة لتوفير الأموال اللازمة له، فإن المرضى يجب أن يتخلوا عن الاقتراحات المقدمة من»دارتماوث» ويتعاملوا مع بعض الحقائق المؤلمة، التي يمكن إيجازها على النحو التالي: إن الخدمات الصحية تختلف من منطقة إلى منطقة داخل الولاية الواحدة، وبين الولايات وبعضها بعضا،حيث يكون للاختلافات السوسيو - سكانية أهميتها في هذا المجال. الثاني، أنه كلما زاد التمويل زاد مستوى الخدمات وكلما انخفض التمويل كلما انخفض مستوى الخدمات بالتالي، وأن أفضل عناية صحية هي العناية الشاملة، وهي تكلف أكثر بالطبع. الثالث أن الفقر مُكلف. فأكبر «فاقد» هو عندما يجد مستشفى نفسه مضطراً لاستخدام الموارد المضافة، التي يحصل عليها في تقديم خدمات لمرضى فقراء. فإذا ما كنا نريد نظام رعاية صحية متقدما تقنياً، وعادلا اجتماعياً، فإننا سنكون بحاجة إلى تنظيم شؤوننا المالية في المقام الأول، بما يعني أنه ليس هناك حل سريع لتلك المشكلة، وهذا هو الشيء الذي يجب أن ندركه، والذي يجب أن يدور حوله سجالنا حول الرعاية الصحية. ريتش .إيه. كوبر أستاذ الطب في معهد ليونارد ديفيس لاقتصاديات الصحة بجامعة بنسلفانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©