الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما والعراق··· بين الانسحاب والتأييد

أوباما والعراق··· بين الانسحاب والتأييد
20 يوليو 2008 23:12
علت وجهَ الجنرال ''ناصر الهيتي'' ابتسامة حين سُئل بشأن رأيه في السيناتور ''باراك أوباما وأجاب قائلا: ''الجميع في العراق معجبون به، إنه يعجبي، فهو شاب ونشيط، وسنكون سعداء جدا في حال انتُخب رئيسا''، ولكنك حين تذكر مخطط ''أوباما'' بخصوص سحب القوات الاميركية، تتغير تعابير وجه الجنرال الذي يقول محركا رأسه: ''إنه أمر صعب جدا، إن أي جيش في العالم يرغب في أن يعمل بدون مساعدة من أحد، ولكن يجب أن أكون صريحا معك: إننا في الوقت الراهن ما زلنا لا نملك تلك القدرة''· بهذه الجمل القوية والقليلة يلخص الجنرال المشاعر المتباينة بخصوص ''أوباما'' في العراق اليوم، فبينما يستعد ''أوباما'' لزيارة البلد، هناك نوع من الترقب لزيارة الرجل الذي يعد نقيضا لـ''بوش'' بخصوص كل شيء تقريبا: فهو ديمقراطي عارض حربا يعتقد معظم العراقيين أنها دمرت بلدهم، والكثيرون في النخبة السياسية يقرون بأن ''أوباما'' يشاطرهم أملهم في انسحاب أسرع للقوات الأميركية من العراق· بيد أن دعم ''أوباما'' لسحب القوات له أنصار ومعارضون في الوقت نفسه، وهو ما يعكس حالة الحيرة الكبيرة الموجودة في العراق اليوم: فبالنسبة للكثير من العراقيين من الطبقة الوسطى، هناك تعاطف مع ''أوباما'' لا يؤثر عليه سوى القلق من أن يؤدي مقترحه إلى الفوضى في بلد دمرته الحرب، وعلاوة على ذلك، يعترف الكثير من العراقيين بأن المكتسبات الأمنية التي حُققت خلال الأشهر الأخيرة، إنما جاءت بفضل زيادة عديد القوات الأميركية في العراق، زيادة عارضها ''أوباما'' ودعمها خصمه الجمهوري المفترض السيناتور ''ماكين''، وفي هذا الإطار يقول ''أبو إبراهيم'' -رجل أعمال من بغداد درس في الغرب-: ''لا أرغب بأي حال من الأحوال في أن يكون بلدي محتلا، ولكن هناك واجبا أخلاقيا على الأميركيين في هذه المرحلة''· وعلى غرار الكثير من العراقيين، ينظر ''أبو إبراهيم'' إلى ''أوباما'' نظرة تعاطف ويرى أنه ''أكثر إنسانية من بوش أو ماكين''، مضيفا أنه ''يبدو رجلا طيبا''، ولكن ''أبا إبراهيم'' يأمل أن تكون تصريحات ''أوباما'' بشأن انسحاب سريع نسبيا مجرد كلام حملات انتخابية، إذ يقول: ''إن حقيقة أنه يرغب في سحب الجنود لا تعني بالضرورة أنه سيكون قادرا على القيام بذلك، فالسياسة الأميركية في المنطقة تقتضي بقاء القوات في العراق لفترة طويلة''· من غير المعروف على وجه التحديد متى سيصل ''أوباما'' إلى هنا أو مع من سيلتقي، وذلك لأن مثل هذه الزيارات الرسمية غالبا ما تكون طي السرية لأسباب أمنية، غير أنه بينما انتشر خبر الزيارة الوشيكة ؟الأولى من نوعها بالنسبة لأوباما كمرشح ديمقراطي مفترض للانتخابات الرئاسية- حدث ما يُذكِّر بأن الوضع الأمني في البلاد ما زال هشا وغير مستقر، إذ قُتل خلال اليومين الماضيين سبعون عراقيا في هجمات انتحارية، وذلك على الرغم من المكتسبات الأمنية الأخيرة التي يستعملها ''أوباما'' للتدليل على صواب فكرة الانسحاب· ورغم اختلاف آراء بعض العراقيين بشأن موقف ''أوباما'' من الانسحاب، إلا أنهم عبروا عن رضاهم عنه باعتباره خيارا أفضل من ''بوش'' الذي يظل مفتقرا للشعبية في أوساط شرائح واسعة من المجتمع العراقي، وفي هذا السياق يرى ''سعد سلطان'' -موظف في إحدى الوزارات العراقية-: أن ''أوباما'' يستطيع أن يمنح بداية جديدة للعلاقات بين العالم العربي والولايات المتحدة، ورغم أن ''سلطان'' ليس شخصــــا متدينا، إلا أنــه يشعر -على غرار الكثير من العراقيين- بالقرب من السيناتور، لأنه سمع أن له أصولا مسلمة، ويقول سلطان: ''في كل مرة أرى فيها أوباما أقول: ''إنه قريب منا، ربما قد ينظر إلينا بطريقة مختلفة''··· أجد أوباما قريبا مني''· والواقع أن للعرق دورا أيضا، يقول ''محمد أحمد كريم'' -مهندس من الموصل، إنه يتوقع الكثير من ''أوباما'' لأن تجربته كرجل أسود في أميركا قد تجعله أكثر تعاطفا مع الآخرين الذي يشعرون بأنهم مقموعون من قبل الغرب القوي: ''لقد عانى السود الكثير من التمييز، مثلهم في ذلك مثل العرب، ولذلك أعتقد أن ولايته ستكون أفضل بكثير''· مؤخرا شرعت الوحدات التي جاءت في إطار ما يسمى بـ''الزيادة'' العام الماضي في المغادرة، كما أن إدارة ''بوش'' اعترفت خلال الأيام الأخيرة بالحاجة إلى نقل القوات من العراق إلى أفغانستان الأكثر تقلبا واضطرابا، والاعتراف بأن انسحابا أوسع وأكبر هو ''هدف'' يتطلع إليه العراقيون، ويدعو ''أوباما'' إلى عملية انسحاب تقوم على سحب معظم القوات المحاربة من العراق في غضون 16 شهرا من وصوله إلى السلطة· ورغم المخاوف من انسحابٍ من هذا القبيل، إلا أن هذا الموقف يحظى بالشعبية هنا· فالكثير من العراقيين يكرهون القوات الأميركية لأنها قتلت أقاربهم وأصدقاءهم، ويعبرون عن رغبتهم في رحيل هذه القوات، وتقول ''مي عدنان'' -قُتلت أختها، إلى جانب زميل وزميلة لها في العمل، حين أطلق عليهم الجنود الأميركيون النار أثناء ذهابهم إلى العمل في مطار بغداد الدولي قبل ثلاثة أسابيع-: ''بالطبع أريد رحيل القوات الأميركية من العراق··· أريدهم أن يذهبوا إلى الجحيم''· بيد أن الوجود الأميركي يظل بمثابة العمود الفقري للأمن داخل الأحياء بالنسبة لبعض العراقيين، فحي ''السعيدية'' الذي يوجد جنوب بغداد مثلا، كان يشهد الكثير من أعمال العنف في مثل هذا الوقت من العـــام الماضي إلى درجة أن صحافيا عراقيا شابا غـــادر الحي وهو يعتقـــد أنـــه لـــن يعــود إليه أبدا مرة أخرى، ولكن مكالمة هاتفية من والده في ديسمبر الماضي أقنعته بالعودة، وذلك بعد أن استقرت وحدة عسكرية أميركية في الحي وساهمت في طرد المتشددين، واليوم تستطيع الأسرة الذهاب للتسوق، وقيادة السيارة إلى محطة الوقود، يقول الصحافي الشاب: ''لقد عبد الأميركيون الطريق للجيش العراقي، ولو لم يكونوا هنا، لما استطاعت القوات العراقية بسط سيطرتها''، ولكنـه مــع ذلــك يشاطر ''أوباما'' مخططه القاضي بسحب القوات الأميركية بسرعة، إذ يقول إن القوات الأميركية ''ساعدت الجيش العراقي على استرجاع كرامته، واليوم بات مؤهلا ليؤدي مهامه''· صابرينا تافيرنيز وريتشارد أوبل- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©