الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقل الألغام التركي

20 يوليو 2008 23:13
اعتقلت الشرطة التركية قبل أسبوعين مجموعة جديدة من المشتبه بارتباطهم بمجموعة ''أرغينيكون'' -عصابة تشبه المافيا من الأتراك المتطرفين في الوطنية-، وقد سرت إشاعات مفادها أنهم يخططون لقلب الحكومة من خلال مجموعة من الأساليب، تتراوح بين نشر الفوضى والقيام بانقلاب عسكري، تم توجيه تهم رسمية لستة وثمانين شخصاً يوم الاثنين الماضي بالانتماء إلى المجموعة، وقد قَبَع بعض المتهمين في الاعتقال منذ الصيف الماضي دون توجيه تهم لهم، وقد تمت هذه العملية الأخيرة بشكل متوازٍ مع جلسة التحقيق مع حزب العدالة والتنمية، لاتهامه بالسعي لإنشاء دولة إسلامية، الأمر الذي أثار توقعات وشكوكاً بمقاطعة محتملة إذا ثبت تورط الحزب الحاكم· على الطرف الآخر من الطيف، يلمّح معلّقون إعلاميون بأن مجموعة ''أرغينيكون'' ملفقة من قبل حزب العدالة والتنمية حتى يكون للحكومة الحق في اعتقال الخصوم الذين تواجه معهم المشاكل، هناك الكثير من نظريات المؤامرة في بيئة عدم الثقة التركية· لقد لعب حزب العدالة والتنمية، منذ فوزه في الانتخابات، دوره بشكل كافٍ لإرضاء نصف المجموعات في الدولة، إلا أنه ولسوء الحظ ابتعد أحياناً عن أجندة تعددية كان يمكنها أن تزيد من الإجراءات التي تضمن حرية التعبير، لقد اختار الحزب الوقوف ضد الإصلاح الحقيقي لصالح المزيد من التغييرات التجميلية، فبالنسبة لحقوق الأقليات، بدا أن حزب العدالة والتنمية لا يريد معارضة أجندة من يسمون بالوطنيين، التي تشكك بالأقليات وترى أنهم أدوات في أيدي القوى الأجنبية، تهدف إلى إضعاف تركيا، ولكن الحزب فضل عدم اتخاذ موقف حول هذه القضايا لضمان حصوله على دعم القوى الوطنية في المجتمع· غير أنهم أساءوا تقدير فوائد العمل مع حزب العمل الوطني في البرلمان عندما صوّتوا معاً لصالح الإصلاحات الدستورية التي تسمح للنساء اللواتي يلبسن الحجاب بدخول الجامعات، وهي سياسة ألغتها لاحقاً المحكمة الدستورية· لن تساعد عملية انقطاع مجرى الديمقراطية نتيجة لقضية المحكمة، -التي تهدد بحل حزب العدالة والتنمية- هؤلاء الذين يأملون بإصلاحات تؤدي إلى حريات أوسع، إذ يتوجب على منتقدي حزب العدالة والتنمية ذوي التأثير، أن يعملوا باتجاه إنشاء معارضة سياسية شرعية، والمطالبة بإصلاحات تحمي نظام الرقابة والتوازن المؤسسي داخل هياكل تركيا الديمقراطية· يصاب سكان اسطنبول برؤية المزيد من النساء المحجبات، أو المطاعم التي لا تقدم المشروبات الكحولية، بالعمى تجاه التغيير الاجتماعي الاقتصادي الذي تسبب بعملية التحضر السريع التي حدثت في العقود الأخيرة، وجاء نتيجة لها، فلم يقم حزب العدالـــة والتنميـــة بإجراء هـــذا التغيير، ولن يؤدي منع حزب العدالة والتنمية إلى إصلاح الصدامات الثقافية بين الذين استوطنوا المدن الكبيرة مؤخراً من شبه جزيرة الأناضول والنخب في المدن· واقع الأمر أنه إذا جرى توجيه الاتهام إلى الحزب، يمكن لذلك أن يقوّي بشكل إضافي منظور دولة مسيطرة، ويغذي المشاعر القائمة بعدم الأمن والاستياء والتحديات الاقتصادية مما قد يهدد الاستقرار· من أجل ضمان أن تكون هذه الحقبة أكثر من مجرد جولة أخرى في أسلوب تركيا الغريب في إدخال الديمقراطية، هناك حاجة لخطوات محددة، يجب دعم عملية الإطباق على العلاقات التي تحمل طابع المافيا مع قواعد القوة غير الشرعية، فهناك حاجة لإنشاء مؤسسات محصنة ضد الضغوطات السياسية وضغوطات الدولة بهدف الحماية ضد الفساد، ويجب تطوير آلية كفؤة للرقابة على الدولة حسب اقتراح ''أوللي رين'' -مندوب الاتحاد الأوروبي للتوسع- بهدف ''حماية الحقوق المدنية الإنسانية''، كما يجب تخليص القوانين من الصياغة غير الواضحة والبنود المتناقضة التي تسمح بالإساءة من قبل السلطات· كما يجب أن تخدم المسودة الدستورية الليبرالية -كما وُضعت السنة الماضية- كمرساة محلية للديمقراطية، وإذا اختار حزب العدالة والتنمية، بدلاً من استخدام رأسماله السياسي لتصدير القيادة في هذا الاتجاه، طريقاً ضد تجديد الدستور لحماية نفسه من ردة فعل الحُماة المتجندين في الوضع الراهن، فإنه سوف يستمر في فقدان المصداقية بين هؤلاء الذين اعتقدوا أنه يمكن للحزب أن يكون منهجياً في تغيير النماذج في تركيا؛ وفي حالة كهذه يمكن تحقيق نبوءة ذاتية التحقيق· ديبا نيجار غوكسل رئيسة تحرير مجلة السياسة التركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الاخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©