الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عايش .. الحياة في ثلاجة الموتى

26 مايو 2010 14:47
الفيلم القصير “عايش” الذي حصد مؤخراً جائزة مهرجان الخليج السينمائي للأفلام القصيرة في دبي، للمخرج السعودي عبد الله آل عياف، يحكي قصة عايش وهو عامل حماية وأمن في أحد المستشفيات، حيث يعمل بدأب ومثابرة وحياة مطلقة في ثلاجة الموتى الخاصة بالمشفى، وهناك يدخل معهم في حالة من التعايش واستيعاب كل الحالات، حيث صورة الموتى وجثثهم هي دوماً أمامه وهي وظيفته. ثم ينتقل بقرار من المشفى، وبعد مدة زمنية يقدمها عياف مثل كبسولة وقتية تختصر الأزمنة إلى غرفة المواليد الجدد في المشفى، وتبدأ الدهشة على محيا عايش الذي صار معتاداً على رؤية ما هو نقيض ومختلف.. بين الموات وبين الحياة التي تبدأ الآن، يكتشف عايش إنه بات يكره الأحياء ولا يحب أن يكون معهم أبداً، أي أنه يعيش حياة معاكسة للبشر العاديين. يظهر الممثل إبراهيم الحساوي (عايش) في كل لقطات الفيلم إما بنفسه أو من خلال ما يراه هو أو يسمعه أو ينفذه، حيث كانت تعبيراته الدقيقة وعمق نظراته وتحركاته، فيشعرنا أحياناً بعشوائية أداء مهمته، لكنه يستطيع أن يضع مشاهده في الحالة التي يختبرها تماماً. يوجه الفيلم رسالة ربما نستطيع قراءتها من بين ثناياه، وهي: هل ُنقدر كل ما أتيح لنا؟ بل هل نحن أحياء فعلاً؟ بمعنى الحياة التي تكون ملأى بما يجعلها مؤثرة ومساهمة وخلاقة؟ وهل عايش هو أسوأ الأحياء؟ ويضيف اسم (عايش) إيحاء لكل هذا التصور، حيث ينعكس أحياناً على مجريات الفيلم وحواراته الجانبية بين بقية الشخوص، على مسرح الأحداث وهو المستشفى، أو في بيت عايش أو سكنه. والحقيقة أن الفيلم لم يكن يعنيه فقط تقديم رسالة مجردة عن العمل الفني وقيمته الإبداعية والإخراجية، بل كان المخرج عبد الله آل عياف يقدم تصوراً إبداعياً في حركة الإضاءة والصوت وأحيانا الصمت كقيمة فنية والعبارات التي تختصر كماً من التفاصيل. والفيلم باعتباره ينتمي إلى الأفلام القصيرة، فإنه في تقنيته يعتمد على تكثيف الحدث، وتنامي اللقطة السردية بشكل خاطف، وشعرية اللحظة وإيحائها، حيث التفاصيل تتكئ على البصري وتتزاوج معه وتحاوره. والفيلم علاوة على كونه رؤية بصرية إبداعية يقدم تساؤلات عديدة بشأن الحياة والمصير، وفكرة الوجود بين الموت والحياة، وهو عمل المخرج عبد الله آل عياف الأخير بعد مشوار ممتد مع السينما حيث أخرج من قبل: “السينما 500 كيلو” 2006، و”إطار” 2007، و”مطر” 2008. وفوزه بجائزة مهرجان الخليج للأفلام القصيرة تقوده إلى التفكير من الآن في عمل يرجو من خلاله أن يحافظ على تألقه كما يشير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©