الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

المسلمون حولوا رمضان من الصيام إلى الطعام

المسلمون حولوا رمضان من الصيام إلى الطعام
25 مايو 2017 23:46
القاهرة (الاتحاد) شرع الله الصيام تزكية للنفوس، وعلاجاً من آفات النفس والجسد، وفرصة لتجنب الشهوات، إلا أننا اعتدنا على تحويل رمضان إلى شهر الطعام وأكل ما لذّ وطاب، نستهلك خلاله أضعاف ما نستهلكه في الشهور الأخرى، فنبدأ بالاستعداد له قبله بأسابيع، وتقوم معظم الدول الإسلامية باستيراد أطنان اللحوم والمواد الغذائية، وتتصاعد حملة تدفع الناس دفعاً للإسراف في شراء الطعام والشراب. سلوك غريب للعديد من الناس، فهذا شهر عبادة وتقرب إلى الله عز وجل وليس بشهر الموائد، والإسراف في الطعام، سلوك خاطئ من النواحي الدينية والصحية والاقتصادية، على الرغم من أن الصيام يعني التخلي والامتناع عن الطعام والشراب طوال النهار‏،‏ لكن ذلك الشهر الكريم يصحبه التبذير والإسراف، والأمر الذي يستلزم وقفة للبحث عن علاج لهذه الظاهرة السلبية. الضوابط الإسلامية للنفقات الدكتور حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر يقول: إن علاج الإسراف والتبذير والترف والمظهرية ومحاكاة الغرب والشرق في عاداتهم وانتشار البدع والضلالات في رمضان في مجال النفقات والاستهلاك فريضة شرعية وضرورة حتمية حتى لا تتفشى تلك الأمراض وتقود بالأمة إلى الفساد والهلاك، وأن طريق العلاج هو الإسلام، وأساليبه، التي اتبعها رسول الله صلي الله عليه وسلم لإخراج الناس من الجاهلية إلى النور. وسبل علاج مشكلة الإسراف والتبذير في شهر رمضان، بالفهم الصحيح لفريضة الصيام على أنها تطهير للنفس والمال والمجتمع، وأنه عبادة صحيحة وعقيدة سليمة وأنه صبر وجهاد وتضحية ومشقة، وليس لإقامة الولائم والحفلات والتنافس في الملذات والترفيهات والمظهريات، والمحاسبة والمراقبة الذاتية، قبل وأثناء الإنفاق والاستهلاك والتفكر والتدبر في النتائج المترتبة علي الإسراف والتبذير والترف والمظهرية، وإن المحاسبة والمراقبة الذاتية الدائمة تجعل المسلم الصائم حازماً مع نفسه يكبح هواها ويفطمها عن شهواتها ومطالبها ويجعلها تسير في طريق الإسلام. كما يجب الاقتداء والتأسي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده في سلوكهم ونفقاتهم في شهر رمضان ولا سيما من حيث الاقتصاد، ويتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه، فإن كان فاعلاً لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه»، وكذلك تجنب مصاحبة المسرفين والمترفين، وملازمة الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. عادة سيئة وتؤكد الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر علي عدة حقائق أهمها أن ظاهرة الإسراف في الأطعمة والمشروبات في شهر رمضان المبارك لا تقتصر - مع الأسف - على الموسرين، بل تشمل جميع الأسر غنيها وفقيرها وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر، وإننا مسؤولون أمام الله عن هذه النعم التي أنعم الله بها علينا، وقد أمرنا - سبحانه وتعالى - بالسعي في الكسب الحلال، وفي المقابل أمرنا أن نصرف وننفق هذا الكسب في حلال، دونما إسراف أو تبذير، وكما نهى الله عن الشح والبخل والتقتير وحرمه، نهى أيضاً وحذر من البذخ والإسراف والتبذير. ونحن في شهر رمضان، شهر البر والإحسان، شهر المغفرة والرضوان، شهر التقوى، يجب أن نحرص على الالتزام بهدى المصطفى صلى الله عليه وسلم، بأن يظهر علينا أثر نعمة الله، ولكن دون سرف، يقول صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده». دين وسطي وطالب الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الشريف سابقاً، المسلمين بالاستعداد النفسي والوجداني لاستقبال رمضان، وتبادل التهاني فيما بينهم، مؤكداً أن الإسلام دين وسطي في كل شيء، ويجب علينا الابتعاد عن الإسراف في رمضان، وفي غيره، وحذر من الإسراف في رمضان خاصة، وقال إن الإسراف داء فتاك يهدد الأمم والمجتمعات، ويبدد الأموال والثروات، وهو سبب للعقوبات والبليات العاجلة والآجلة، ومما يصاحب الشهر المبارك ظاهرة كان الكثير من الناس في سلامة منها، ولكنها تستشري في رمضان في وقت يشتكي الكثير من الغلاء. وأوضح أن الإسراف سبب للترف الذي ذمه الله وعابه وتوعد أهله في كتابه، إذ قال تعالى: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ* فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ* وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ* لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ* إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَ?لِكَ مُتْرَفِينَ)، «سورة الواقعة: الآيات 41 - 45»، قال ابن كثير، كانوا في الدار الدنيا منعمين مقبلين على لذات أنفسهم. وبيَّن أن الإسراف والتبذير يؤدي إلى إضاعة المال وتبديد الثروة، فكم من ثروة عظيمة وأموال طائلة بددها التبذير وأهلكها الإسراف وأفناها سوء التدبير، مشيراً إلى أن المسلم لو تأمل في شعائر وتعاليم دينه لوجد الهدي القويم والحكم السديد، فنهى عن إضاعة المال، قال تعالى: (... وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ)، «سورة غافر: الآية 43»، وقال: (... وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا، «سورة الإسراء: الآيات 26 - 27»، فهذه بعض عقوبات الإسراف والتبذير. وقال إن كثيراً من الناس اليوم يجتمع على مائدته من ألوان الطعام وصنوف الشراب ما يكفي الجماعة، ومع ذلك لا يأكل إلا القليل من هذا وذاك، ثم يلقي الباقي في الفضلات والنفايات، أنسي هؤلاء المسرفون أم تناسوا أن من الناس أمما يموتون جوعاً، لا يجدون ما يسدون به جوعهم، أم نسي هؤلاء قول الله تعالى: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)، «سورة التكاثر: الآية 8»، قال ابن القيم: والنعيم المسؤول عنه نوعان، نوع أخذ من حلاله وصرف في حقه فيسأله عن شكره، ونوع أخذ بغير حله وصرف في غير حقه فيسأل عن مستخرجه ومصرفه. وأضاف أن منهج الإسلام يقوم على الوسطية والاعتدال في كل شيء حتى في الطعام، قال الله تعالى: (... وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، «سورة الأعراف: الآية 31»، وأكد أن شهر رمضان ليس موسم التخمة وإفساد البدن بالأطعمة، وأشار إلى أن من سلبيات الإسراف في الأكل أن الإنسان ينشغل بذلك عن كثير من الطاعات، كقراءة القرآن الكريم، والتي ينبغي أن تكون الشغل الشاغل للمسلم في هذا الشهر الكريم، وقال سفيان الثوري: إذا أردت أن يصح جسمك ويقل نومك أقلل من طعامك، فكثرة الأكل تورث غفلة القلب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©