الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عملية قندهار... نهاية الرهان في أفغانستان

26 مايو 2010 20:06
تراهن حملة إدارة أوباما، لطرد "طالبان" من"قندهار" ثاني أكبر المدن الأفغانية، على تحقيق نجاح، لا يثق حتى مخططو تلك الحملة أنفسهم في أنه سيتحقق. فالنجاح المتوخى تحقيقه من وراء هذه العملية، التي حُشد من أجلها الآلاف من الجنود ومليارات الدولارات، هو تحطيم الروح المعنوية للمتمردين، وإزالة الهالة المحيطة بهم، وتغيير اتجاه الحرب الدائرة في أفغانستان بصورة تثبت، صحة استراتيجية الإدارة في ذلك البلد. والتاريخ النهائي المحدد لإنجاز أهداف هذه العملية قصير، حيث يتوقع مسؤولو الإدارة أنها ستشكل المحور الرئيسي لتقييم شامل للاستراتيجية مقرر إجراؤه في سبتمبر المقبل، يفترض كما هو مأمول أن يكون مبرراً كافيّاً لتنفيذ الانسحابات الأولى للقوات الأميركية، من أماكن أخرى في أفغانستان بحلول يوليو 2011. والأهمية العاجلة لتلك العملية، وصعوبتها في آن، ظهرتا بجلاء الأحد الماضي عندما شنت "طالبان" هجوماً صاروخيّاً غير مسبوق، وهجوماً أرضياً مباشراً ضد قاعدة قندهار الجوية -التي تعتبر أكبر منشأة عسكرية لـ"الناتو" في جنوب أفغانستان، ومركزاً لقيادة الهجوم ضد قندهار - أسفرا عن إصابة عدد من أفراد قوات التحالف والمدنيين، غير أن المسلحين الذين حاولوا اقتحام بوابة القاعدة وهم يطلقون النار بكثافة من بنادقهم الآلية لم ينجحوا في ذلك -كما تقول المصادر العسكرية الأميركية. وقد وصف المسؤولون هذا الهجوم بأنه أول اختبار جدي لعقيدة مواجهة التمرد المطبقة منذ خمس سنوات، التي كان تطبيقها على الأرض مشوباً بالعديد من نواحي القصور. والعمليات التمهيدية للهجوم على قندهار، التي نشأت فيها حركة "طالبان"، والتي تعد معقلا من معاقلها، بدأت في الخريف الماضي عندما شرعت قوات العمليات الخاصة في قتل قادة التمرد، وهو ما ردت عليه "طالبان" بحملة اغتيالات مضادة للأشخاص الذين يعملون مع القوات الأجنبية، أو مع الحكومة الأفغانية. وفي الوقت نفسه يسعى المسؤولون الأميركيون إلى استرداد السيطرة من مراكز القوى المحلية، وتصحيح الاختلالات في الموازين التي كان يتم بموجبها تفضيل مجموعة قبلية معينة على حساب المجموعات الأخرى، ويخطط هؤلاء المسؤولون في هذا الإطار لإنشاء 10 مناطق إدارية لكل منها مجلس تمثيلي ومخصصات مالية للإنفاق. ولئن كان النجاح في تلك العملية عُرِّف بطريقة غامضة، فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إن التقدم سيتم قياسه من خلال تقارير تهدف إلى قياس تأثيرات الحملة، وتعتمد على قياس رأي الجمهور، ومستوى النشاط التجاري في الشوارع. وسيكون السؤال الرئيسي الذي توجهه الإدارة لنفسها في هذا السياق، وتجيب بنفسها عليه كما يفترض هو: هل نتحرك بالفعل صوب تحقيق محصلة إيجابية في قندهار، بما يضمن اكتساب تأييد ودعم الناس؟ يشار في هذا السياق إلى أن كرزاي قال الأسبوع الماضي إن القوة العسكرية "ستستخدم فقط، إذا ما كانت هناك حاجة إليها، وفي الزمان والمكان اللذين يتطلبهما ذلك، وبالتشاور مع ممثلين للمجتمع المحلي". وهذا المعنى يؤكده مسؤول للإدارة الأميركية في تصريح له حول الهجوم على قندهار قال فيه إن ذلك الهجوم: "ليس عملية عسكرية بالمعنى المعروف للكلمة". وقد حرصت الإدارة الأميركية على تأكيد هذا المعنى حتى في الاسم الذي اختارته للعملية وهو "التعاون من أجل قندهار" وليس "عملية قندهار" التي تعني ضمناً استخدام العنف. وفي هذا الإطار كذلك وصف الجنرال ماكريستال قائد القوات الأميركية في أفغانستان هذه العملية بأنها تمثل "تحديّاً فريداً". ونظراً لحرص الإدارة الأميركية على عدم ارتكاب الخطأ الذي تنتقد بسببه دوماً وهو عدم حرصها على حياة المدنيين، فإن العملية كما يقول المسؤولون الأميركيون ستعتمد على الشرطة الأفغانية التي سيُتطلب منها أن تظهر -ربما للمرة الأولى منذ إنشائها- كفاءة ونزاهة عاليتين.. كما تفترض أن الأميركيين سواء العسكريين أو المدنيين، سيقومون بتدقيق السياسات المطبقة في التعامل مع القبائل لضمان أن تذهب السلطة المخولة والأموال المعطاة للأشخاص وللجهات الصحيحة، وأن زعماء قندهار القبليين سيتخلون عن بعض سلطتهم، ويعملون على دعم الأهداف الأميركية. ولاشك أن المخاطر المحيطة بالعملية، والمزالق التي يمكن أن تنحدر إليها، تمت الإشارة إليها بشكل شامل في تقرير تحليلي مكون من 80 صفحة أُعد من قبل قيادة الجنرال ماكريستال وكان من ضمن ما جاء في ذلك التحليل ما يلي: "من بين كافة المناطق والمدن في أفغانستان ليس هناك ما هو أكثر أهمية لمستقبل الحكومة الأفغانية ومصير تمرد طالبان من مدينة قندهار". ومن ضمن الأخطار التي تمثلها الاستراتيجية الأميركية لقندهار أن الإنفاق الهائل من قبل الولايات المتحدة في المدينة، قد يتحول إلى سبب لهز الاستقرار فيها وليس تحقيقه كما هو مأمول، على أساس أن ضخ مثل تلك الأموال الضخمة سيزيد من درجة الفساد الذي ينظر إليه على أنه سبب من الأسباب الرئيسية لتمرد "طالبان". ولمواجهة نفوذ زعماء القبائل المحليين، ومراكز القوى في المنطقة التي يأتي على رأسها "أحمد والي كرزاي" شقيق الرئيس الأفغاني، و"جول أغا شيرزاي" المحافظ السابق للمدينة، سيسعى المخططون الأميركيون إلى تعزيز وتقديم المزيد من الممثلين البدلاء، الذين سيتم تعيينهم لإدارة المجالس المحلية، وإن كان هذا التوجه يقابل بتحد مضاد من الحكومة الأفغانية التي تريد أن تكون هي وحدها الجهة المنوط بها تعيين المسؤولين في الوظائف المهمة في المناطق والولايات، وإرسالهم من كابول. كارين دي يونج كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©