السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«رومانتيكية» الزواج ومسؤولياته

28 مارس 2012
كثيراً ما نرى ونسمع قصص انجراف شاب وفتاة وراء أوهام زائفة، ودون فهم حقيقي متبادل، ويقرران الزواج، وسرعان ما يكتشفان عيوبهما المشتركة فجأة، ونلمح تبادل الاتهامات، والاعتراف بالتسرع، بل والبحث عن سبل الفكاك، بكل أسف! فإذا وصل الزواج إلى هذه الدرجة من السوء، قد نتساءل: لماذا تستمر حياة الزوجين معاً؟ هل ينتظران إلى أن يرزقا طفلاً ليورثانه مذاق البغض والكراهية؟ وإذا اكتشفت الزوجة كل هذه العيوب مع بداية الزواج، فلماذا تستمر؟ ولماذا تصر على أن تنجب من هذا الزوج الذي يفتقر إلى ميزة واحدة في نظرها؟ أحياناً تختفي مشاعر الحب، والمواقف الرومانسية، والحياة الوردية المثالية التي كانت تداعب وتملأ خيالاتهما قبل الزواج، وسرعان ما تتبخر بعد الزفاف لا لشيء إلا لوجود رواسب عميقة في أنفسهما إزاء فكرة الزواج والارتباط، وتظل كامنة في أعماقهما على حد سواء، وتظهر بعد ذلك لتدمر حياة الزوجين وتفسدها. وعندما تصل مثل هذه العلاقة إلى مستنقع تبادل الاتهامات، قد يستحيل تسوية الخلافات بالود والتفاهم، ولابد أنهما يحتاجان إلى وضع حد لهذه المشاكل بمنتهى الصراحة والجدية والوضوح. فمن المؤكد أن الحياة الزوجية تحتاج إلى مزيد من التفاهم المتبادل الدائم والمستمر. إن الأساس الذي يقبل به أي اثنين فكرة للزواج هو اتفاق كامل على التعاون المتبادل وقد يتحول هذا عقب الزواج إلى أن يرغب كل منهما ولو بدون قصد اعتبار الطرف الآخر طفلاً صغيراً. فهناك الزوجة التي تختار لنفسها زوجاً من نوع المسالم، ثم تجد نفسها بعد ذلك غير قادرة على احترامه أو الثقة به مهما كان هذا الزواج ناجحاً، وهناك رجل قد تعذب في طفولته المليئة بالمعاناة والإهانات التي دفنت في أعماق لا شعوره، ومن ثم يجد نفسه مندفعاً إلى تدمير حياته الزوجية عن طريق إثارة المشاكل مع زوجته. صورة الزواج المثالية بلا مشاكل، وهم يقع فيه كثيرون، فالنجاح الحقيقي لمعظم النماذج الناجحة يكمن في قدرة الزوجين على إيجاد حلول عملية لمشاكلهما معاً. فالزواج عقد شراكة والتزامات ومسؤوليات، ويفترض في الزواج الالتزام بتحمل عبء بناء الحياة واستمرارها، وتحمل المسؤولية ليس معناه إلقاء عبء الإنسان على إنسان آخر، إنما هي مشاركة هذا الإنسان في مواجهة أعباء الحياة. إن كل زوج يجب أن يعرف قبل أن يتم الزواج مزايا وعيوب الآخر، وعلى كل طرف أن يرسم لنفسه الأسلوب الذي يمكن أن يتكيف به مع الطرف الآخر، وكلما تقدم عمر الزواج حاول كل طرف إشعار الآخر بأنه قد ازداد فهماً واحتراماً له. فالسعادة في الزواج هي نتيجة للجهد المشترك الذي يبذله كل طرف، وعلينا أن نعلّم أطفالنا هذه الحقائق وأن نكون قدوة لهم حتى يتعلموا منا ويسيروا في الطريق نفسه الذي سرنا فيه. إننا كآباء يجب أن نبذل كثيراً من الجهد لتوضيح المسؤولية في الحب للأبناء حتى لا يقعوا في فخاخ الرومانتيكية غير الحقيقية، فالزواج ليس استغراقا في الرومانسية، أو الهروب من مسؤوليات الحياة إلى جزيرة مجهولة، لكنه استكشاف لقدرة الإنسان على تحمل هذه المسؤولية. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©