الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمارة لخوص: حياتنا بين البق والذئاب..

عمارة لخوص: حياتنا بين البق والذئاب..
26 مايو 2010 20:11
يقدم الكاتب الجزائري الدكتور عمارة لخوص، المقيم في إيطاليا، في أعماله الروائية صورة عن التناقضات التي يعيشها المسلم المعاصر في بلده الأصلي أو في المجتمع البديل الذي يهاجر إليه، وهو هنا المجتمع الأوروبي. والتجربة الحياتية التي عاشها لخوص، تقدم هي الأخرى النموذج الأمثل لذلك الحراك الذي تمور فيه رواياته. لخوص من مواليد العاصمة الجزائر عام 1970، تخرج من معهد الفلسفة بجامعة الجزائر عام 1994، حاصل على الماجيستير والدكتوراه في علم الأتروبولوجيا الثقافية من جامعة روما، يقيم في العاصمة الإيطالية منذ عام 1995، حيث ينشط في مجالات مختلفة كالترجمة والصحافة والتدريس. عن بداية مشواره الابداعي في كتابة الرواية، يقول عمارة: “كتبت روايتي الأولى “البق والقرصان” عام 1993، أي قبل أن أتخرج من معهد الفلسفة الذي دخلته قصد الإلمام أكثر بالأنتروبولوجيا، حيث قررت أن أصبح روائيا وعمري لم يتجاوز 13 ربيعا، كان البعض يرى بأن هذا مجرد حلم طفولي سيزول ما ان أكبر، ولكن الطفل كبر وكبر معه حلمه ليصير واقعا”. وقبل أن يتخرج عمارة من معهد الفلسفة، اختار أن يخوض تجربة مهنة المتاعب أي الصحافة، فانضم إلى طاقم الإذاعة الجزائرية، حيث أعد برنامجا ثقافيا، نال أصداءً جيدة في أوساط المستمعين، وكتب مقالات على صفحات الجرائد، معبرا عن أفكاره التي كانت مناوئة لأوضاع سيئة عاشتها الجزائر في تلك الآونة، ولعل أكثر المقالات كانت تعكس رأيه وانتقاده اللاذع للسلطة آنذاك، كتلك المقالة التي نشرتها صحيفة “الخبر” الجزائرية والتي حملت عنوان “الجزائر غنيمة حرب!”، وصف فيها عمارة كيف أن بعض المجاهدين ـ الذين ظلوا على قيد الحياة ـ ممن يعتبرون الجزائر ملكا لهم بل وحكرا عليهم وعلى أولادهم وأقاربهم، وكل من يقترب من هذا الكنز، فهو محتال طماع، يريد أن ينهبهم أشياءهم، مما خلق نوعا من العداوات الدفينة غير المعلنة، والتي شبهها عمارة بالحرب الباردة. ولم تكن هجرة عمارة إلى إيطاليا وليدة الصدفة، بل كانت نتيجة منطقية لما آل إليه الوضع في الجزائر التي كانت حينها تعيش أسوأ حالاتها، ولعل فترة التسعينات أو ما أسماها بعض المحللين السياسيين بالعشرية السوداء، كانت سببا رئيسيا وقويا في هجرة الكثير من الكتاب والمفكرين ورجال الإعلام من أعلام الدولة. لم يكن عمارة يفقه كلمة واحدة بالإيطالية عندما هاجر، بل كان قد تعلم الألمانية والانجليزية، اضافة إلى الفرنسية التي يتقنها معظم الجزائريين بحكم مخلفات الاستعمار الفرنسي للجزائر، ليرفع شعار التحدي ويبدأ حياة جديدة. بالرغم من أن رواية “البق والقرصان” كتبت عام 1993، إلا أنها لم تر النور إلا عام 1999، حيث لم يكن في مقدور عمارة نشرها في بلده، نظرا للخطورة التي ستشكلها الرواية على حياته، وقد نشرت وفق النظرة والصورة التي سبق وقد رسمها عمارة في ذهنه، بل وكرس كل ماله من أجل تحقيقها، ألا وهي فكرة مشروع الجمع بين لغتين، حيث يرى عمارة أنه من خلال ذلك سيجمع عالمين، العالم العربي، والعالم الاسلامي، وكان ذلك، حيث تعرف عمارة على المترجم الايطالي “فرانشيسكو ليجّو”، الذي أصبح صديقا حميما ومترجما لرواية “البق والقرصان”، فنشرت الرواية باللغتين في نفس الاصدار، أي قسم عربي وقسم ايطالي، مما لاقى رواجا كبيرا ونجاحا باهرا. عن رواية “البق والقرصان” يقول عمارة: “تتناول هذه الرواية المجتمع الجزائري بالنقد الصريح، حيث كانت بداية التسعينات بداية الأزمة الحقيقية في الجزائر، فشعرت ككاتب بأن بلدي ومجتمعي كالمبنى الذي يؤول إلى السقوط، لقد كانت حربا أهلية غير معلنة، فارتأيت أن أعكس صورة لجيلي آنذاك، واخترت أن يكون البطل شابا مولودا في 29 فبراير، حيث لا يتكرر هذا التاريخ إلا كل أربع سنوات، وقد ضمت الرواية ثلاثة فصول: الفصل الأول، يوم الخميس 27 فبراير، الفصل الثاني، الجمعة 28 فبراير، الفصل الثالث، السبت 29 فبراير”. ويتابع: في الفصلين الأول والثاني، نلمس بوادر الأزمة والضغوطات، فمثلا، في يوم الخميس، يتوجه البطل “حسينو” الذي يعمل بمكتب البريد المركزي بالعاصمة، وهو موظف بسيط لا حول ولا قوة له، ولا توجد عنده وسائط وما شابه، فهو موظف أمين ووفي لعمله، وكانت مخاوف الإقالة لا تتركه في سبيل شأنه، بل دائما تطارد راحة فكره وتشوشها، وكان الشاب المسكين يعيش حياة متواضعة، حيث يقطن في منزل يتكون من أختين وأربعة إخوة، وزوجة أخيه التي لا يرتاح لها، في يوم 29 فبراير، يتوجه حسينو إلى عمله، فيفتح الجريدة، ليصدم بتاريخ اليوم، ويجد أن عمره تحول من 36 عاما إلى 40، يشعر حسينو وكأنهم سرقوا أربع سنوات كاملة من عمره..... وصدرت رواية عمارة لخوص الثانية التي تحمل عنوان “كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك” في الجزائر عام 2003، ثم أعاد المؤلف كتابة هذه الرواية باللغة الإيطالية، لتترجم بعدها إلى عدة لغات أجنبية كالفرنسية، الانجليزية، الهولندية والألمانية، وقد نالت نجاحا باهرا، حيث تم تحويلها إلى فيلم سينمائي من إخراج إيزوطا توزو، وحاز عنها على جائزة فلايانو الأدبية الدولية عام 2006، اضافة إلى جائزة المكتبيين الجزائريين عام 2008. عن أجواء الرواية يقول عمارة: “هي رواية تروي قصة حي مشهور في روما، يقطنه الكثير من المهاجرين، حيث يتعرض جيران عمارة ما إلى مشكل في المصعد، فتأتي اقتراحات كل جار الذي ينتمي لمجتمع يختلف عن مجتمع الآخر، الرواية تتناول جانبا من الكوميديا الإيطالية، خاصة وأن هناك من يقترح وضع مفتاح للمصعد، وآخر يقترح وضع كرسي للجلوس فيه، ليأتي الثالث ويقترح شيئا مغايرا، ان الرواية بشكل عام تتعرض لحياة المهاجرين في إيطاليا”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©