الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألوان الخضراوات مفتاح نهوض أو خمول «الخلايا النائمة»

ألوان الخضراوات مفتاح نهوض أو خمول «الخلايا النائمة»
26 مايو 2010 20:13
أصدر الطّبيب الفرنسي دفيد خيّاط (53 عاما) المختصّ في السّرطان كتابا باللغة الفرنسية عنوانه: “النّظام الغذائيّ الحقيقيّ ضدّ السّرطان”، وهو كتاب صنع الحدث لما تضمنه من معلومات ونصائح من أستاذ شهير في الطب مشهود له بالكفاءة والخبرة، وهو كتاب مختلف عن مئات الكتب الأخرى الّتي تصدر كلّ حين عن التّغذية والصحّة والحمية، إذ لأوّل مرّة ينكبّ طبيب لامع وخبير عالمي على إبراز العلاقة بين التّغذيّة بأمراض السّرطان بشكل علمي دقيق معتمدا على تجارب وتحاليل ودراسات له ولغيره، علما أنه ظهرت في الأعوام الأخيرة الكثير من النّظريّات المتفقة حينا والمتضاربة حينا آخر بخصوص العلاقة المحتملة بين التغذية وأمراض السّرطان ما جعل الناس في حيرة من أمرهم. وجاء هذا الكتاب ليفند الكثير مما هو متعارف عليه من معلومات ومقولات بشأن هذه المسألة في سعي أكاديمي وعلمي لإظهار الصّواب من الخطأ، و فرز الحقيقة من الإشاعة فيما يخصّ الغذاء وعلاقته بالسرطان. والمؤكّد ـ حسب الطّبيب المؤلّف ـ أن مرض السّرطان قد يبقى “نائما” خمسة عشر عاما دون أن يفطن المرء إليه، وليس بشرب عصير الرّمان كلّ يوم يمكن قتل الخلايا السرطانية “النائمة”، وإنّما يمكن لهذا العصير أنّ يؤخّر ظهور هذا المرض فقط. والحقيقة أن العلم رغم تقدمه فإنه في هذا المجال لم يبلغ اليقين والكمال وبقيت المسائل عائمة ـ حسب تعبير الدكتور خيّاط ـ فهناك في غذائنا 25 ألف مكوّنة وتحديد كلّ مكونة على حدة لمعرفة التي تقي من السرطان أو العكس أمر معقّد للغاية، ويصبح الأمر مستحيلا عندما نتناول هذه المكوّنات مختلطة وهو الأمر العاديّ واليوميّ في غذاء كلّ واحد منّا. الأسباب والنتائج ثم إن كل واحد منا يختلف عن الآخر بخصوص إمكانية إصابته بالسرطان، فالناس ليسوا سواسية أمام المرض. فلكل إنسان تركيبته الكيميائيّة الخاصّة به والمرتبطة بجيناته. نعم لقد أثبت العلم أنّ بعض مواد التّغذية هي فعلا مضادّة للأكسدة. هذا أمر أصبح واضحا، وقدرة هذه المواد في الوقاية حقيقية مثل الشاي الأخضر والثوم، فهي تقي من المرض الخبيث، وهي أيضا قادرة على إصلاح “الجينات” والاعتراض للمواد الحاملة للسّرطان و”محاربتها”، بل وأحيانا هي قادرة على اغتيال وقتل الخلايا السرطانية، ولكن المشكلة هي أن النّتيجة ليست مضمونة للجميع، والأمر المؤكد أن بعض المواد الكيماوية المعروفة هي التي تتسبب في إصابة بعض الخلايا في الجسم، وهي التي تهاجم الخلايا السليمة لتجعلها “مسرطنة”، وهذه المواد هي بعض المبيدات والأدوية التي يعالج بها الفلاحون الخضراوات والفواكه، وبعض المواد الملوّثة، وبعض المواد التي تساعد على تجميد الأغذية، والمواد التي تضاف لبعض الأغذية لتجعل مطعمها لذيذا أو منظرها ملوّنا. حقائق وأرقام يقدم الطبيب دفيد خيّاط في هذا الكتاب نصائح بسيطة كالامتناع عن التدخين والقيام ببعض الحركات الرياضية واعتماد تغذية منوّعة، ويا حبّذا لو يعود الناس الى تناول الأطباق التقليدية الّتي تعدها الأمهات والجدات، وهو يقول إن من أهم النصائح المعروفة والشهيرة هي النصيحة القائلة بـ “تناول خمسة أنواع من الفواكه والخضر كل يوم، وهو ما من شأنه صيانة صحتك ووقايتك من السرطان”، ولكنه يناقش هذه المقولة، بل ويفندها إذ يؤكد أن الإجاص مثلا لا ينقص من إمكانية الإصابة بالسرطان إلاّ بنسبة 2.3 للنّساء و2.6 للرّجال. والأخطر من ذلك فإن الطبيب يؤكد أن الفواكه بسبب علاجها المكثف بالأدوية والمواد الكيمياوية قد تكون هي السبب في الإصابة بالسرطان، إذ أنّ 70 بالمائة ـ حسب دراسة فرنسية ـ من المواد الكيميائية الّتي تتسرّب للإنسان مصدرها الفواكه والخضار المعالجة التي نتناولها كل يوم، وهذه المواد ثبت يقينا أنها تساعد وتهيئ للإصابة بالسرطان، وتأكد من خلال دراسة أجريت في فرنسا أن 7.2 من الخضر و8.5 من الفواكه التي تباع في الأسواق بها نسبة من المواد الكيميائية والمبيدات تفوق المعدل المقبول. والخضر والفواكه التي تمثل خطورة حقا في الأسواق الفرنسيّة وتجاوزت الخط الأحمر لكثرة معالجتها بالمواد الكيميائية هي الفلفل والطماطم والفراولة، والعنب، في حين أن البطاطس والخوخ والموز والتفاح هي أقل خطرا. نصائح وحلول ويتساءل الطبيب عن الحل الممكن أمام هذا الواقع: هل من المستحسن تقشير هذه الخضر والفواكه قبل طبخها أو تناولها، فالقشرة هي الّتي تلتصق بها المواد المسرطنة نتيجة تسرب المواد الكيميائية إليها، والطبيب يقول: لو قشرناها فإن هذه المواد الغذائية سيزول منها جزء هام من الفيتامينات والأملاح المعدنية التي تحتوي عليها. هل نغسلها غسلا جيّدا؟ ويجيب الطبيب بأن ذلك غير كاف. إذن ما الحلّ؟ جاء في هذا الكتاب أن الحل يتمثل في أن نغسلها ونفركها جيدا بالماء والصابون ثم نترك ماء الحنفية ينساب فوقها بقوة، والحل الثاني هو تناول الفواكه والخضر البيولوجية، أي التي تم زرعها وقطفها بدون استعمال أي مواد كيميائية. ومن نصائح الدكتور دفيد خيّاط، وهو أمر جديد، الدعوة الى تناول الفواكه وفق ألوانها مثل المانجا والإجاص والبرتقال في الصباح ذلك إنها تحتوي أكثر من غيرها على مواد قويّة مضادّة للأكسدة ويكون لها مفعول إيجابي بعد ليلة نوم كنّا فيها صائمين، أمّا الفواكه والخضر ذات اللون الأبيض والأحمر فالكتاب ينصحنا بتناولها على امتداد اليوم مثل الطماطم وأنواع الخس الأحمر، والثوم والبصل، أما الفواكه ذات اللون الأخضر فينصح الطبيب في كتابه بتناولها في المساء، وهو يشرح علميّا الفوائد الجمى لذلك، فاللّون الأخضر مرتبط بمادة لها صلة بالشمس، ولأن الليل لا شمس فيه فإنها تساعد على إحداث توازن كيميائي وبيولوجي لدى الإنسان، وهو ينصح بتفادي تناول الفواكه ذات اللون الأحمر والبنفسجي أو الأزرق وله في ذلك أيضا تفسير علمي. اللحوم الحمراء مظلومة هناك مقولة شائعة مفادها أنّ تناول 100 جرام من اللحوم الحمراء كلّ يوم تزيد بنسبة 30 بالمائة من احتمال الإصابة بسرطان “القولون”، ولأن هذه المقولة سرت سريان الحقيقة لدى الكثير من الناس، فإن عددا كبيرا من الفرنسيّين انقصوا من كمية اللحوم الحمراء التي يتناولونها، واكتفوا بـ50 جراما للشّخص الواحد في اليوم مقابل 140 جراما (معدّل أمريكي)، والدكتور يؤكد في كتابه أن هذه خرافة تولدت عن سلسلة من الأخطاء الّتي وقع فيها الباحثون، واعتمادا على دراسات جادة يفند هذه المقولة التي تربط بين اللّحوم الحمراء وسرطان القولون. فاللحوم الحمراء ليست هي السبب، وإنّما السبب يكمن في طريقة طهيها وفي كمية الدماء الباقية في تلك اللحوم. وينصح الطبيب المؤلف بضرورة إفراغ اللحم المزمع طبخه من الدماء العالقة والباقية به، وهو هنا يستشهد بطريقة المسلمين واليهود في ذبح الخروف ويرى أنّه من الأسلم طبيّا وغذائيا ترك فترة من الزمن بين الذبح والطهي، فخلال فترة “الاستراحة” تلك فإن اللحم يتخلص من الدماء ويفرغ منها. الماء والتوابل وبالنسبة للماء فالمؤلف يدعونا إلى نزع من رؤوسنا الفكرة القائلة بأن الماء المعدني هو أكثر فائدة من ماء الحنفية، ولأن دافيد خيّاط هو يهودي من أصل تونسي فإنه احتفظ في ذاكرته ببعض التوابل التي ثبت مقاومتها للسرطان كـ “الكركم” مثلا، فهو يدعونا إلى أن نكثر منه وأن نضعه في كل الأكلات والأطباق، فقد تأكد أن “الكركم” قادر على التصدي لتنامي عديد الأنواع من الخلايا السرطانية وانه قادر على قتلها، وهو ينصح أيضا بالشاي الأخضر وبزيت الزيتون والفلفل الأسود الممكن رش الخضر والأرز والسّمك به. والشّاي الأخضر ثبتت فعاليّته وتأكّدت فوائده ضدّ الأكسدة وقدرته على دفع الخلايا السرطانية إلى ما يسميه الطبيب “الانتحار”، وينصح دافيد خياط بأن نكثر من الثّوم والبصل في أطباقنا فهو سلاح قوي لمقاومة أي خطر سرطاني يهدد المعدة والقولون، ولا بد بالنسبة للثوم من قطعه قطعا صغيرة أو هرسه لتتسلل منه الفوائد الجمة المضادة للسرطان التي أثبتها العلم والتّجارب. بين المرأة والرجل ويؤكد الطبيب أن النظام الغذائي الواقي من السرطان يختلف بالنسبة للمرأة والرجل، ويختلف باختلاف الأعمار أيضا فليس هو نفسه للشاب والكهل، وهو أيضا مختلف بالنسبة للمدخنين والممتنعين عن التّدخين، فالى جانب القواسم المشتركة لدى جميع الشرائح والاعمار كضرورة القيام بتمارين رياضيّة مثلا فإنه تأكّد بالنّسبة للرّجال أنّ 71 ألف رجل في فرنسا أصيبوا العام الماضي (2009) بسرطان البروستات، ويأتي هذا التّرتيب في الصدارة ضمن قائمة انواع أمراض السرطان الأخرى، وينصح الطبيب الرجال بالإكثار من تناول الطماطم، فهي غنية بمواد تقلّل بنسبة 30 بالمائة من إمكانية الإصابة بسرطان البروستاتا، وتحمي أيضا من سرطان المعدة والرئة، واتضح أيضا أن المواد المصنعة من الطماطم هي أكثر إفادة من الطماطم نفسها وكذلك العصير المستخرج منها، أمّا إذا تم خلط الطماطم بزيت الزيتون فان الفوائد الصحية لذلك تكون أعم وأكثر، فسلاطة الطماطم خير كلها وكذلك “البيتزا”، ويجزم الطبيب الخبير بان كل الخضار والفواكه ذات اللون الأحمر هي أفضل “الأصدقاء” لصحة الإنسان وكذلك أيضا الخضر والفواكه ذات اللّون الأبيض كالثّوم والبصل. الحليب ومشتقاته وإذا تعدّى الرّجل سن الخمسين فإنه من الأحسن له التنقيص من تناول الحليب ومشتقّاته “كالزبادي” والجبن لأنّها تساعد على ظهور سرطان البروستات، أما بالنسبة للنساء فانه تأكد، وفق ما جاء في هذا الكتاب، أن السرطانات المرتبطة بالهرمونات النسائية والتي تصيب الثدي والرحم فإنها تظهر في أغلب الحالات بعد فترة ما يعرف بـ”سن اليأس” وانقطاع الدورة عن المرأة، ولكن هذه الأمراض تبقى “نائمة” قبل تلك الفترة بكثير، أي أحيانا تكون موجودة و”نائمة” منذ ان تكون الفتاة في سن 18 عاما، ولذلك وجبت الوقاية منذ ذلك الوقت. وينصح الطبيب بضرورة الإكثار من الخضر البيضاء التي لها مفعول للتنقيص من إمكانية الإصابة بسرطان الثدي، ولأنه تأكد ازدياد عدد النساء اللاتي يصبن، على غرار الرّجال، بسرطان “القولون” فإنه من المحبذ أن يتناولن الخضر والفواكه ذات اللون الاخضر وكذلك أيضا البصل والخبز الكامل، وخلافا للرجال، فإن الطّبيب ينصح النساء اللاتي إجتزن ال50 عاما بتناول الحليب ومشتقّاته. المؤلف تونسي عالج ميتران مؤلف الكتاب دفيد خيّاط يهودي فرنسي من أصل تونسي، فقد ولد بمدينة “صفاقس” (280 كلم جنوب تونس العاصمة) في عائلة متواضعة، واليوم يصح القول إنه “نجم” في اختصاصه، وهو يعمل حاليا رئيس قسم أمراض السّرطان بمستشفى “لابيتييه” (الرّحمة) ذائع الصّيت في باريس، وقد اعتمد في تأليفه لهذا الكتاب ـ الدّليل على معرفته العميقة وتجاربه المخبرية والتطبيقية في معالجة داء السّرطان، كما أمضى أشهرا طويلة في مطالعة مئات المقالات والدراسات العلمية المحرّرة باللّغتين الفرنسيّة والانجليزيّة المرتبطة بموضوع كتابه محاولا الوصول إلى استنتاجات دقيقة، وهو يفحص كلّ أسبوع 40 مريضا بالمستشفى العمومي”لا بيتييه” الشهير بباريس، الى جانب المرضى الذين يستقبلهم في عيادته الخاصة، وهم عموما من الأثرياء وعلية القوم، وتربطه علاقات ود وصداقة بأشهر الطّبّاخين الفرنسيين، وهو بنفسه يرتاد الكثير من المطاعم الباريسيّة المعروفة بتنوع اطباقها واختلاف اختصاصاتها ممّا يؤكّد أنّ كتابه لا يتضمّن نظريّات مجرّدة، بل إنه اعتمد أيضا الواقع والتّطبيق. والطبيب المؤلف صديق لكثير من نجوم الفن والسينما والسياسة، وسبق له معالجة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وزوجته، وهو معروف بتردده على الحفلات المخملية للأثرياء والمشاهير، وقد ألف 3 روايات لم تلاق أي نجاح يذكر ولم تثر انتباه النقاد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©