الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الجو جيتسو يهزم الإقطاع في اليابان

الجو جيتسو يهزم الإقطاع في اليابان
23 ابريل 2018 20:14
أبوظبي (الاتحاد) عند السؤال عن نشأة وتطور رياضة الجو جيتسو أو ما اصطلح عليه بـ «فن الترويض» أو «فن الإخضاع»، جاءت الإجابة من المراجع والتاريخ.. أن هذه الرياضة قد نشأت في اليابان قبل 900 عام تقريبا.. وهي كلمة يابانية تعني «فن المرونة أو الليونة» أو طريقة الإخضاع.. وقد ارتبطت نشأتها بعصر الإقطاع وما تبعه من ظهور الساموراي، وتروي الكتب أن هذه الرياضة كانت أصل معظم الرياضات القتالية في العالم، والهدف منها هو الدفاع عن النفس ضد الظلم. حاولنا الاقتراب أكثر من المشهد لنعرف ملامح الظلم، والحاجة التي دفعت المجتمع الياباني للتفكير في آليات للدفاع عن النفس، وتحدثنا مع تاكا رئيس الاتحاد الياباني ليفتح لنا الآفاق أمام قصة للإنسان يتحدى فيها الظلم، للضعيف عندما يملك إرادة النصر واكسير التحدي.. للراغب في الحياة ليس لنفسه ولكن لأبنائه وعائلته.. حيث قال تاكا: هذه الرياضة تحظى باحترام كبير لدى الشعب الياباني، لأنهم جميعا يعرفون أن نشأتها كانت ثورة على ظلم الإقطاع، فهي نشأت بين أوساط المزارعين البسطاء، حيث كانوا جميعا يبحثون عن وسيلة لكسب الرزق، فلم يكن أمامهم غير الأرض والزراعة وتربية الحيوانات، ولكن كان هناك طبقة الملاك، واللوردات والحكام، فكانوا هم الأقوياء، وأصحاب السطوة والنفوذ. وأضاف: كانت هناك ضرائب تفرض على المزارعين، وحيث يستعين الملاك بالجنود والفرسان لجمعها وتحصيلها من المزارعين، ويوما بعد يوم بدأ الظلم يخيم على المجتمع، والجشع يملأ قلوب الملاك، والطمع يدفعهم لارتكاب الجرائم ضد المزارعين العزل، فمن لم يدفع يضرب وتؤخذ ممتلكاته بالقوة لتذهب إلى قصر المالك، ومن لم يجدوا لديه ما يكفي لتحصيل الضريبة يأخذون أبناءه لينضموا إلى عبيد القصر، وهنا بدأ التفكير في الدفاع عن النفس. وأضاف: عندما زاد الظلم على الناس، أدرك المزارعون أنهم لابد أن يدافعوا عن أنفسهم ولكنهم كانوا مسالمين، لا يريدون الاعتداء على أحد، فكروا وبحثوا في طريقة للدفاع عن النفس، وتجريد المهاجم من عناصر قوته بما فيها السلاح، وتحويل هذا السلاح إلى أداة بلا قيمة في يده، حيث يجتمعون كل يوم في منطقة سايتاما، ويناقشون الحركات ويجربون طرق الدفاع، فاتفقت الآراء على اعتماد لي المفاصل للمهاجمين، وطرحهم أرضا لإخضاعهم، وشل حركتهم بالكامل، وكانت البداية مع القتال العالي بمعنى أن يتم الهجوم على المعتدي، وإسقاطه، وشل حركته بالكامل حتى يستسلم ويعود من حيث أتى، وتطور الوضع إلى البحث عن طريقة للقتال الأرضي في حال تفوق المعتدي في البداية وطرحه للمزارع على الأرض، وتم التوصل لحركات يستعيد فيها المطروح قوته، ويسيطر على المعتدي في لحظة بطريقة أطلق عليها «القتال الأرضي»، وكلها من دون أن تصيب الشخص الآخر، أو أن تجرحه، أو أن تعتدي عليه أصلا، فهي في الأساس للدفاع عن النفس. وأوضح «عندما جاءت الجنود لتحصيل الضرائب، رفض المزارعون الدفع، فحاول الجنود إجبارهم مستخدمين نفس الطرق التي كانوا يعتدون بها عليهم في السابق، فلم يتمكنوا، وجدوا أناسا مختلفين، يدافعون عن أنفسهم، يجردونهم من أسلحتهم، يسقطونهم ويخضعونهم، يحبطون كل محاولاتهم لأخذ الضرائب، ظلت المحاولات 36 ساعة، دون أن يصل الجنود إلى شيء، وعادوا إلى الملاك بلا أي تحصيل، ولكن الشاهد أنهم كانوا جميعا من دون إصابات، بلا جرح واحد، وعندما سألهم الملاك عن الملابسات، رويت لهم الحكاية.. لم يصدقوا في البداية.. ورفضوا ما قيل، وظنوا أن الجنود قد عقدوا صفقة مع المزارعين، وأصروا على ترشيح البعض منهم للذهاب مع الجنود ومطالعة كل ما سيحدث، وبالفعل بعد أسبوع ذهبت لجنة الملاك مع الجنود، وتكرر المشهد أمامهم، وعاد الجميع يجرون أذيال الخيبة». وتابع: اجتمع الملاك، وعندما تأكدوا أن أحدا لم يعتدِ عليه من جنودهم، طلبوا مجموعة من المزارعين، وتفاوضوا معهم بشأن الضرائب فوصلوا إلى اتفاق ينصف الضعفاء، ويوقف الظلم، وعمت الفرحة كل أرجاء المدينة، واحتفل الجميع في الشوارع بممارسة «الجو جيتسو» واليوم هناك صالة مغطاة في مدينة سايتاما وسط الحقول تذكر كل الناس بهذه الأحداث، ونذكر هنا أيضا أن الساموراي استخدموا الجو جيتسو في الدفاع عن أنفسهم ضد الظلم، وكما أنصفت المزارعين أنصفت هذه الرياضة الساموراي. وقال: نشأة الجو جيتسو في حد ذاتها قصة إنسانية، تشكل جزءا من تاريخ اليابان، وتضرب مثلا في تحدي الظلم، دون الاعتداء على الظالم، هي رياضة تعزز قيم الانضباط والشجاعة، والصبر والتحمل والحكمة والتواضع، وظلت تمارس في اليابان في الشوارع مئات السنين دون أن تتحول إلى رياضة تنافسية وبطولات، حتى حدث ذلك عن طريق عائلة جرايسي في البرازيل، وعميدها كارلوس جرايسي في أوائل القرن العشرين، عندما وضع لها قوانين لاحتساب النقاط، وأقام لها أول أكاديمية للتدريب، وبدأ في نشرها، لكن هذه الرياضة لم تلتقط أنفاسها، ولم تمنح أبطالها المجد والشهرة إلا من خلال دخول أبوظبي على الخط، وتنظيمها لأهم البطولات في العالم، واحتفائها بالأبطال والأساطير، وتسليط الأضواء عليها، ونحن من القلب نشكر أبوظبي على هذه الجهود.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©