الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمر أوباما.. وسياسة «الدرونز»

9 يوليو 2016 22:25
في الأول من يوليو الجاري، أعلن البيت الأبيض عن ثلاثة تغييرات رئيسية، في الطريقة التي ستستخدم الولايات المتحدة بها ضربات الطائرات من دون طيار «الدرونز»، ضد الإرهابيين المشتبه بهم. ومن المعروف أن الرئيس باراك أوباما، قد وعد في عام 2013 بمزيد من الشفافية في سياسة الولايات المتحدة، الخاصة بهجمات «الدرونز»، وتعزيز الضوابط المتعلقة بالحد من الخسائر المدنية الناتجة عنها. والأمر التنفيذي الصادر في الأول من يوليو، والتقرير المتعلق بضربات «الدرونز»، التي جرى تنفيذها خلال الفترة الواقعة بين 2009- 2015، يعالج بعض تلك المخاوف، ولكن ليس كلها. يشار إلى أن الولايات المتحدة، تستخدم ضربات «الدرونز» منذ 2001، وأن أوباما، منذ أن تولى الرئاسة، توسع في برنامج تلك الضربات، بحيث زاد العدد المنفذ منها خلال فترة ولايته بمقدار 10 مرات، مقارنة بعهد ولاية جورج بوش. وكان استخدام «الدرونز» خارج مناطق الصراع مسألة مثيرة للجدل دائماً. ويمكن القول إن سياسة إدارة أوباما بشأن استخدام ضربات تلك الطائرات، كانت مماثلة إلى حد كبير لسياسة إدارة بوش، من حيث عدم الإعلان عن عدد الضربات، وإبقاء عدد الخسائر الناتجة عنها سراً، وعدم توضيح السياسة التي تحكم تنفيذها. وأمر أوباما التنفيذي بشأن ضربات «الدرونز»، يضع الخطوط العريضة لثلاث سياسات رئيسية، مصممة لإضافة المزيد من الشفافية والضوابط على ذلك النوع من الضربات، يمكن بيانها على النحو التالي: 1- تنفيذ تدابير لتقليص المخاطر على المدنيين. 2- الاعتراف بمسؤولية الولايات المتحدة عن المدنيين الذين يقتلون نتيجة لتلك الضربات، وتقديم التعويضات المالية للمدنيين المصابين، ولعائلات مَن يلقون حتفهم بسببها. 3- تقديم تقرير سنوي من مدير الاستخبارات الوطنية، يوضح عدد الضربات المنفذة في مناطق تقع خارج مناطق الأعمال العدائية الفعلية، وكذلك عدد الضحايا من المقاتلين، وغير المقاتلين، وأسباب اختلاف التقديرات بشأن أعداد الضحايا من غير المقاتلين، المقدمة من المنظمات غير الحكومية، وتلك المقدمة من قبل الحكومة الأميركية. وفيما يلي نص ما يقوله القانون الدولي بشأن استخدام الدرونز: «في مناطق الصراع، يجب أن تتم ضربات الدرونز وفقاً لقانون الصراع المسلح الذي يشترط التناسبية (بمعنى ألا تفوق الأضرار المتوقعة لاستخدام القوة، الهدف العسكري المتوخى تحقيقه)، كما يشترط التمييز (ويقصد به التمييز بين الأهداف بحيث تكون الأهداف العسكرية هي فقط الأهداف المشروعة). ولكن هناك قدراً أكبر بكثير من الالتباس وعدم الوضوح، بشأن استخدام ضربات «الدرونز» خارج مناطق الصراع الفعلية. فتلك الضربات لا تتم في هذه الحالة في سياق ينطبق عليه قانون الصراع المسلح، بحيث يغدو من غير الواضح، ما هي القواعد التي ينبغي تطبيقها تحديداً، وهل تلك الضربات عمل بوليسي، أم جزء من صراع مسلح؟ السجال الناتج عن الإجابة على هذا السؤال يتوقف عليه الكثير. فالقانون الأميركي، والقانون الدولي، يضعان قيوداً على استخدام القوة في حالة إنفاذ القانون، أكبر من القيود المفروضة على الصراع المسلح. فالقتل المستهدف مسموح به في حالة إنفاذ القانون، في الظروف التي تكون فيها الوسائل غير المميتة غير متوافرة، للتصدي لتهديد داهم ومباشر لحياة البشر. أما في الصراع المسلح، فينص القانون الدولي على أن استخدام القوة يجب أن يكون مقتصراً على الأهداف العسكرية، وإن كان لا يشترط أن تمثل تلك الأهداف تهديداً مباشراً لحياة البشر، وقت تنفيذ الضربة. ويرى مسؤولو إدارة أوباما، أن القوانين الأقل تقييداً، التي تحكم استخدام القوة في مناطق الصراع، تنطبق على ضربات «الدرونز» حتى في المناطق التي لا توجد فيها أعمال عدائية فعلية. وبشكل خاص، يفهم المسؤولون هذه الضربات على أنها جزء من صراع غير دولي ضد «القاعدة» وتوابعها. ولكن الخبراء القانونيين يرون أن قانون الصراع المسلح، معيار خاطئ للحكم على الضربات التي يتم تنفيذها خارج مناطق الأعمال العدائية الفعلية، وأن الولايات المتحدة تطبق قانون الصراع المسلح على نحو خاطئ في مناطق تتصف بالسلام النسبي. ولكن هناك مخاوف إضافية، تتمثل في أن اتباع معيار أقل تقييداً بشأن استخدام القوة، يعني في الآن ذاته زيادة المخاطر التي تتعرض لها حياة المدنيين. وسواء قبلنا بمنطق سياسة إدارة أوباما بشأن استخدام ضربات «الدرونز» أم لا، فإن تلك السياسة لها تداعيات على المدنيين، حيث ترى إدارة أوباما أن الصراع يكون موجوداً في أي منطقة تتواجد فيها «القاعدة»، أو إحدى المجموعات المتفرعة عنها. إن ضربات الطائرات من دون طيار نتجت عنها خسائر في صفوف المدنيين، وحالات قتل، ورضات نفسية، وأمر أوباما التنفيذي ربما يخفف من هذه المخاطر ولكنه لا يستبعدها تماماً. وفي نهاية المطاف، اختارت الحكومة الأميركية قبول مستوى معين من المخاطر على حياة المدنيين، عند تنفيذ ضربات «الدرونز» ضد الإرهابيين المشتبه فيهم، وهو ما يعني أن الهموم المتعلقة بشفافية برنامج «الدرونز» ستستمر حتى بعد صدور أمر أوباما التنفيذي، والتقرير المرفق به. وليس هناك شك في أن الرئيس بإصداره هذا الأمر التنفيذي، يأمل في تعزيز شرعية سياسة ضربات «الدرونز» قبل أن يغادر البيت الأبيض، ولكن المتطلبات الجديدة قد لا يكون لها سوى تأثير محدود في نهاية المطاف. لقد ورث أوباما برنامج «درونز» اتسم بالكتمان، والتوسع في النطاق، وباحتوائه على مخاطر على حياة المدنيين. وقد ثبت بالتجربة أن استبعاد هذه الجوانب من البرنامج، أمر تكتنفه صعوبات عدة. ومأسسة وتطبيع هذا البرنامج الذي يعتبر من أهم سياسات إدارة بوش المثيرة للجدل، قد يصبح في نهاية المطاف، ضمن تركة إدارة أوباما بشأن ضربات «الدرونز». * أستاذ العلوم السياسية في جامعة كانساس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©