الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل: السينما والسياسة

24 سبتمبر 2009 02:06
مهرجان تورنتو للأفلام العالمية (TIFF) من النشاطات الثقافية التي تحرص عليها المدينة الكبيرة وحكومة أونتاريو والحكومة الفيدرالية حرصاً شديداً، وتوليها اهتماماً وتقدم لها تمويلا سخياً، وتدعو اللجنة المنظمة للمهرجان أعداداً لا يُستهان بها من العاملين في الحقل السينمائي والإعلاميين والنقاد أصحاب الاختصاص. وهذا العام، وبرغم شدة الأزمة المالية التي جعلت الحكومة الكندية مرغمة على أن تقلص من ميزانيات البرامج الحكومية، كان التمويل السخي (الذي يشارك فيه أيضاً القطاع الخاص) بهذه الدورة العاشرة للمهرجان، واضحاً. الدورة الحالية التي تستمر عشرة أيام، شغلت قبيل افتتاحها بأزمة ظلت الشغل الشاغل للصحفيين والسينمائيين، فقد قررت اللجنة المنظمة أن تكون هذه الدورة تحت شعار (من مدينة إلى مدينة)، واختارت أن تكون المدينة الشقيقة مدينة تل أبيب، وأن يكون فيلم الافتتاح فيلما تسجيليا من إنتاج إسرائيلي. هذا القرار أغضب بعض المشاركين في المهرجان، ومن بينهم منتجون غير كنديين، لدرجة أن واحداً منهم قرر وأعلن في بيان صحفي انسحابه وقام بسحب فيلمه من المهرجان، وقال في بيان صحفي إنه شعر أن قرار اللجنة المنظمة هو من أعمال السياسة، وأن قرارها اختيار العاصمة العبرية دون كل المدن، التي يشارك منتجون منها هو قرار لا يحقق أهداف المهرجان الذي يهدف -في نظره وكثيرين من زملائه– إلى عرض أعمال تحقق الأهداف والمُثل المرجوة، وتدعو للسلام والتعايش بين البشر، وقال إنه يرفض ويدين تسييس المهرجان لخدمة أهداف سياسية ضيقة. وارتفعت حدة الأزمة بين اللجنة المنظمة ومعارضيها عندما نشر ثمانية من المنتجين والمخرجين والكتاب السينمائيين الكنديين المشاركين في الصحف رسالة كانوا قد وجهوها للجنة المنظمة ونصحوها بمراجعة قرارها الذي جاء - حسب روايتهم - استجابة لضغوط ومناورات خلف الكواليس قام بها القنصل الإسرائيلي في تورنتو وجماعة الاتحاد اليهودي - الكندي. وكل هذه تنفيذاً لخطة إسرائيلية معلنة منذ العام الماضي، عندما كانت مشاركة إسرائيل في المهرجان ضعيفة، ولم تلقَ استجابة وترحيب من رواد المهرجان، فقد كتب أحد المسؤولين الإسرائيليين تعقيباً على مشكلة إسرائيل الضعيفة والفاشلة مقالا في «جيروزاليم بوست» يدعو وزارة الخارجية الإسرائيلية وينصحها بضرورة الاستمرار والنشاط الإيجابي لتحسين وتعميق صورة إسرائيل العاطفية في كندا، حيث تواجه سياساتها معارضة شعبية مما يحتم عليها ضرورة الاهتمام أكثر بمثل هذه النشاطات (المهرجان السينمائي الدولي)، وقد نشط القنصل الإسرائيلي هنا واجتهد في تحسين صورة إسرائيل وفتح «باباً» مهماً مع اللجنة المنظمة. الغريب في الأمر، أن من بين الثمانية الذين كتبوا للجنة المنظمة واضطروا لنشر رسالتهم لها في الصحف خمسة من المواطنين الكنديين اليهود العاملين في الحقل السينمائي والمشهورين في الدوائر الثقافية الكندية باعتدالهم ودفاعهم عن الفلسطينيين، ورفضهم الدائم للاحتلال الإسرائيلي وسياسته العدوانية، وهم أعضاء نشطون في «منظمة تورنتو للسلام العادل» وتأييدهم لمبادرات السلام الدولية بين إسرائيل والفلسطينيين. ولكن وكما قالت ونشرت المنتجة والمخرجة اليهودية الكندية في مقال بخصوص هذه المناسبة: «إنه يبدو الآن واضحاً أن انتقاد إسرائيل والسياسات العنصرية الإسرائيلية قد أصبحت أمراً خطراً هنا في كندا». الذين يغامرون بنقد السياسة الإسرائيلية في كندا سيتعرضون للمهانة والمذلة والاتهامات الواقعة بالخيانة العظمى (خيانة من؟) حتى ولو كانوا يهودا وكنديات من أصلاب يهودية! لن يفيد كثيراً أو قليلا القول المكرر والمعاد بأن الصهيونية تسيطر على أجهزة الإعلام، وأن نفوذ إسرائيل وصل إلى درجة أن رئيس الوزراء الكندي وبعض وزرائه أعلنوا أن معاداة إسرائيل (التعبير محاربة إسرائيل) هي معاداة لكندا. السؤال المقلق ماذا فعل ويفعل العرب عامة تجاه هذه السياسة الكندية التي تقلق عرب كندا على وجه الخصوص؟! عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©