الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعارضة السورية... ومخاطر التشظي

28 مارس 2012
اجتمعـت فصائـل المعارضـة السوريـة المتنازعة في تركيا، أول من أمس الاثنين سعياً لتكوين جبهة موحدة ضد بشار الأسد، واستقطاب الدعم الدولي قبل انعقاد قمة" أصدقاء سوريا" الأسبوع المقبل. ودخل فصيل المعارضة السورية الرئيسي وهو "المجلس الوطني السوري" اجتماع الاثنين وهو يعاني من آثار الانشقاقات العديدة والنزاعات الداخلية التي شهدها خلال الآونة الأخيرة، والتي زعزعت وضعه وجعلته يتخلى عن زمام المبادرة للمجموعات المسلحة والمجالس الثورية داخل سوريا. وخطوط الصدع التي تفصل شخصيات المعارضة السورية التي تعيش في الخارج عن الناشطين الشعبيين المحليين من جهة، وتفصل الليبراليين عن الكوادر الدينية من جهة ثانية، تعكس لحد ما الخليط العرقي والمذهبي والثقافي السوري المعقد. ومما يفاقم من الوضع أن المعارضة السورية، حتى لو اتخذت صورة جبهة متحدة، لن تتمكن من الحصول على نفس الدعم الغربي لقضيتها، الذي حصل عليه المتمردون الليبيون، بسبب تعقيدات التدخل في سوريا، والتي تفوق بكثير الحالة الليبية. ولكن المعارضة الموحدة يمكن أن يكون لها تأثير في الداخل من خلال تشجيع قطاع كبير من السكان السوريين الذين لا يدعمون نظام الأسد بالضرورة، ولكنهم يخشون من أن يكون البديل أسوأ. "الأغلبية الصامتة ستتشجع عندما ترى أن هناك أملًا في مستقبل أفضل، وترى مبادرات ملموسة لإعادة بناء سوريا وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية"... هذا ما يقوله أسامة منجد، المستشار الرئيسي للأمين العام للمجلس الوطني السوري. وكان "المجلس الوطني السوري" قد تأسس في أغسطس 2011 حيث ضم تحت جناحيه جماعات المعارضة القديمة، والجديدة التي برزت في أعقاب اندلاع الاضطرابات في سوريا قبل ذلك بعدة أشهر. وقد سعى المجلس الذي تقوده شخصيات سياسية سورية كانت تعيش في المنفى للحصول على تأييد ودعم من الغرب، كما كان له دور في تأمين طائفة من العقوبات الأوروبية والعربية ضد نظام الأسد. ولكن الذي حدث بعد مضي بعض الوقت أن زخم المجلس قد تراخى نتيجة لتنامي العنف في سوريا والمناكفات الداخلية، والتردد الدولي في التدخل في سوريا. وقد ساعد هذا على حصول "الجيش السوري الحر" على المزيد من قوة الدفع على حساب المعارضة السياسية. وحاول "المجلس الوطني السوري"، التنسيق مع الجيش السوري الحر من خلال تكوين مجلس عسكري، إلا أن المعارضة المسلحة في الداخل لم تبد اهتماماً يذكر بالتعاون مع "الجيش السوري الحر" حتى الآن فالعديد من نشطاء المعارضة الشعبية، يتهمونه بأنه ليس على تماس مع الحقائق على الأرض، وأنه من دون أنياب غير قادر على مواجهة القوة الباطشة لنظام الأسد الذي يسعى لسحق الانتفاضة. يقول ناشط سوري يعيش مختبئاً في شمال لبنان في معرض انتقاده لأعضاء "المجلس الوطني السوري":"إنهم يضيعون الوقت فهم ينتقلون من عاصمة لأخرى ويتجادلون مع بعضهم بعضاً وليس لهم من مصداقية تذكر داخل سوريا". وقد أعلنت خمس مجموعات سورية معارضة السبت الماضي عن تشكيل ائتلاف جديد قالت إنه سيعمل بشكل منفصل عن المجلس الوطني السوري. وهذه المجموعات هي: الحركة الوطنية للتغيير (ليبرالية) والحركة من أجل الوطن (إسلامية)، وكتلة التحرير والبناء (برئاسة أحد رؤساء العشائر النافذين)، والكتلة الوطنية (تركمانية)، والحركة من أجل حياة جديدة (كردية). وقال عماد الدين الرشيد زعيم "الحركة من أجل الوطن":"نحن ننظر إلى المجلس الوطني السوري باعتباره كياناً مؤقتاً سوف يختفي بمضي الوقت، في حين أن ائتلافنا عبارة عن كيان أطول أمداً سوف يظل قائماً بعد التحرير". وتأسيس ائتلاف معارض، لم يكن سوى الضربة الأخيرة التي هزت موقف المجلس الوطني السوري حيث كان المجلس قد مُني بضربات أخرى قبل ذلك. فمنذ أسبوعين على سبيل المثال، أعلن ثلاثة من أعضائه النافذين انسحابهم من المجلس، وهم هيثم المالح عضو المجلس التنفيذي والناشط المعارض المخضرم، وكمال لبواني المحامي الذي أطلق سراحه من السجن في شهر ديسمبر الماضي بعد سبع سنوات قضاها مسجوناً، والناشطة الحقوقية"كاترين التلي". وفي معرض انتقاده للمجلس الوطني السوري، كتب "اللبواني" في موقع"منتدى فكرة" على الإنترنت يقول:"لقد شلوا الوجه الليبرالي للمجلس الوطني السوري، ما أدى إلى سرقة الثورة حيث لم يعد المجلس يمثل عاملاً مساعداً في اتجاه إنشاء دولة الديمقراطية والحداثة". وقد اقترن تطور الانتفاضة السوية من احتجاجات سلمية إلى تمرد مسلح، بارتفاع مواز في المشاعر الإسلامية، وهو ما يكشف عنه الأسماء المختارة للجماعات المسلحة والبيانات المليئة بمفردات ومصطلحات الخطاب الإسلامي. فمن ضمن الألوية التي انضمت مؤخراً للجيش السوري الحر لواء يطلق على نفسه "لواء الله أكبر" الذي أعلن "الجهاد" ضد نظام الأسد. علاوة على ذلك تتخذ المعارك وبشكل متزايد بعداً طائفياً حيث تخوض المعارضة ذات الأغلبية السنية قتالاً ضد الأقلية العلوية (الشيعية)، التي تشكل العمود الفقري لنظام الأسد. وجماعات المعارضة السورية المتفرقة لديها الآن فرصة جيدة لحل خلافاتها في اسطنبول وتكوين جبهة موحدة قبل اجتماع" أصدقاء سوريا" البالغ الأهمية الذي سيعقد في الثاني من أبريل في المدينة نفسها. ويقول "أندرو تابلر"خبير الشؤون السورية ومؤلف كتاب جديد عن سوريا تحت حكم الأسد: "إنها فرصة جيدة للمجلس الوطني كي ينهض من كبوته ويرسخ نفسه" ويضيف "تابلر": حتى الآن أنا لا أراه يفعل ذلك، وإنما أرى أمامي مجلساً يتفكك، ويتجه في اتجاهات مختلفة". نيكولاس بلانفورد بيروت - لبنان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©