الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسرائيليون يزوّرون أسماء الموتى والشيوخ الفاضلين!

الإسرائيليون يزوّرون أسماء الموتى والشيوخ الفاضلين!
24 سبتمبر 2009 02:21
هل يمكن مقارنة ما تنقله صور وتقارير وكالات الأنباء، وما تنشره منظمات حقوق الإنسان، بالانطباع المأساوي الذي تتركه الصور الحية من معايشات الفلسطينيين اليومية تحت نير الاحتلال؟. هذا هو السؤال الذي سعى الصحفي التشيكي يندريخ هافليك للإجابة عنه، وهو يتوجه إلى فلسطين ليعاين على أرض الواقع المعاناة الفلسطينية، وذلك في كتابه «زيارة إلى الأرض المقدسة»، ترجمة برهان القلق، وإصدار دار الفكر بدمشق، محاولاً استعادة دور الإعلام الأوروبي شبه الغائب في التأثير بالرأي العام باتجاه معرفة الحقائق واتخاذ موقف أكثر توازناً وأقرب إلى العدالة. شريط المأساة يصور هافليك في كتابه شريط المأساة الفلسطينية المستمرة بموضوعية، فيلتقط صوراً حية لمعايشات الفلسطينيين اليومية، ويعرضها للعالم، محاولاً المساهمة في تشكيل الوعي العالمي حول الاحتلال وبشاعته. فيكشف انتهاك الديموقراطية وحقوق الإنسان يومياً لعرب إسرائيل العزل المسلمين والمسيحيين والدروز، في دولة مهاجرين تدعي الديموقراطية. فعبر تحقيقات هافليك يتعرف القارئ على حقائق مثيرة للغاية عن إسرائيل، التي يظنها الغرب واحة الديموقراطية وسط صحراء التسلط العربي المقفرة (!). وسرعان ما يدرك أن إسرائيل (الديموقراطية) تنطوي على ممارسات يومية واستراتيجية منافية تماماً للديموقراطية واحترام الحقوق الإنسانية. وهو ما ينطبق على الإسرائيليين من الدرجة الثانية أو الثالثة. وتتضح أمام القارئ حقائق أخرى مثيرة حول الدولة العبرية ذاتها، من أنها دولة مهاجرين لا تجمعهم لغة مشتركة ولا ثقافة ولا تاريخ واحد. وتحاول إسرائيل إعادة كتابة التاريخ لحسابها الخاص بتزييف أسماء نزلاء القبور، وإدخال عناصر يهودية كيفما اتفق على الآثار الإسلامية والمسيحية والفينيقية والبيزنطية والرومانية واليونانية، وهي الشواهد التي لا تدع مجالاً للشك بأن أرض فلسطين لم تكن على مر العصور حكراً لشعب، مثلما لم تكن حكراً لعقيدة دينية واحدة. تمييز عنصري وإذا كان الحال هكذا في الأراضي الفلسطينية التي قامت عليها (إسرائيل) ذاتها، أي الأراضي التي احتلتها في عام 1948م، فكيف يمكن أن تكون عليه الأمور في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967م؟. تتلاحق المشاهد اليومية المؤلمة: نساء فلسطين يجبرن بذريعة منع التجول على الولادة في ديارهن دون مساعدة، فيلدن أطفالاً حكم عليهم مسبقاً بالموت. شبكات الطرق في الضفة الغربية توحي بالسلام والازدهار، ولكن هافليك سرعان ما يكتشف حقيقة مذهلة: هذه الطرق المرصوفة بعناية فائقة تخدم سكان المستوطنات وجيش الاحتلال فقط، ولا يجوز لأصحاب الأرض والحق المشروع استخدامها!. بل وتقسم هذه الطرق الأراضي الفلسطينية إلى جزر متفرقة يصعب الانتقال فيما بينها، كل ذلك يجري بالطبع تكريساً للاحتلال، ومنعاً من قيام كيان فلسطيني سياسياً كان أم اقتصادياً أم ثقافياً. ويكتشف هافليك أن الإسرائيليين سرقوا قبور الشيوخ الفاضلين من المسلمين، وهدموا القرى المسيحية، ومنعوا حتى عملاءهم العرب ساعة الجد من توسيع ديارهم استعداداً لاستقبال مواليد جدد، لمجرد أن الدماء التي تجري في عروقهم هي دماء عربية، كما أن مدن الضفة لا تتلقى مياه الشرب إلا مرة واحدة في الأسبوع. ومع ذلك يتبين للصحفي التشيكي أن الكيان الفلسطيني قائم. وأبرز أشكاله هو ذاك الوعي بالذات الذي تتوارثه الأجيال الفلسطينية المتعاقبة منذ نكبة 1948م، بل إن الاحتلال وسياسة التمييز التي تنتهجها إسرائيل تعمق هذا الوعي، حتى بين فلسطينيي إسرائيل. إسرائيل والتفتيش! يدوّن هافليك في كتابه مذكراته يوماً بيوم منذ وصوله إلى مطار تل أبيب، ويقول شارحاً تفاصيل الحياة الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون يومياً: منذ وصولي إلى المطار، استطعت التأكد من الحذر وقلة الثقة السائدة في المجتمع الإسرائيلي، فحقيقة كوني أجنبياً شكلت سبباً كافياً لتفتيش حقائبي بعناية، كل شيء يخضع للتفتيش هنا، ليس فقط حقائب السفر وحافظات المواد الغذائية، بل كما علمت، حتى خصوصيات جزء غير قليل من السكان المحليين. فالتفتيش مرادف لإسرائيل، لكن تعريف هذا المرادف، ليس أمراً سهلاً، كما قد يبدو. إنه تماماً مثل صعوبة إيجاد قاسم مشترك لكل شيء هنا، وربما لا توجد في العالم كله دولة فيها تنوع في الآراء والوجوه، والفروقات الاجتماعية، مثل هذه الدولة. ويتابع هافليك في موضع آخر من كتابه: مما يدعو للاستغراب أن الإجراءات التشريعية من حقبة الخمسينيات التي سمحت للإسرئيليين قانونياً بتوسيع ملكيتهم للأراضي على حساب الأراضي العربية مازالت سارية المفعول، وبالاستناد إلى الإجراءات تستمر مصادرة الأراضي العربية (...) شوارع ضيقة وبيوت مكتظة وقليل من المساحات الخضراء، هذا هو طابع كل المدن الفلسطينية، فهي بسبب نقل ملكية معظم الأراضي للدولة، لا تجد أين تتوسع، وتُفاقم هذه المشكلة أوامر منع البناء في مساحة تمتد ثمانين متراً اعتباراً من حدود المدينة ومن الشوارع الحكومية. والبيوت التي يمكن بناؤها في هذه المنطقة معرضة للمخاطرة بالهدم، رغم أنها تقام على أراض ذات ملكية خاصة. هذه الإجراءات تطال الفلسطينيين فقط، وهكذا تتحول تجمعاتهم السكانية إلى مدن ذات كثافة سكانية تشبه الغيتو في كثير من الأحيان. ? الكتاب: زيارة إلى الأرض المقدسة ? المؤلف: يندريخ هافليك ? ترجمة: برهان القلق ? الناشر: دار الفكر ـ دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©