الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثنائي ماكس وآيرينا يرقصان الباليه في العالم العربي للمرة الأولى

الثنائي ماكس وآيرينا يرقصان الباليه في العالم العربي للمرة الأولى
1 ابريل 2011 18:28
إنها المرة الثانية التي يزور فيها الثنائي ماكس وآيرينا أبوظبي، لكنها المرة الأولى التي يقدمان فيها عرضهما المشترك في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي العالم العربي. لم يُحبطهما إلغاء حفل السنة الماضية في آخر لحظة وقبل عشرين دقيقةً فقط، بل جددا النية والعزم لتدارك ما لم يتسن لهما العام المنصرم. فهما يأملان أن يُسهما في جعل رقص الباليه أحد الفنون المتأصلة في الدولة. يعتقد ماكس وآيرينا أن أبوظبي تملك كل المقومات التي تجعلها محضناً للموهوبين من راقصي الباليه، هواة ومحترفين. دفقات توأمية قضى ماكس وآيرينا عشرين سنة من عروض الباليه المشتركة وصارت تسري بينهما كيمياء خاصة وما يشبه “دفقات الأدرينالين التوأمية”، حسب قولهما، لكن ذلك لم يمنع كل واحد منهما من الرقص مرات عديدة مع راقصي باليه عالميين آخرين من مختلف الجنسيات. كلاهما بدأ تعلم رقص الباليه في سن الخامسة في مسقط رأسهما بالعاصمة الأوكرانية كييف، قبل أن يتوجها للولايات المتحدة الأميركية ويقضيان فيها سبع عشرة سنة من مشوارهما الفني. إلى ذلك، تقول آيرينا إنها ما زالت تتذكر تلك الأيام الأولى التي بدأت تتعلم فيها الباليه، ومدى الملل الذي كانت تشعر به وهي تضطر إلى اتباع القواعد الصارمة التي تفرضها عليها المدرسة خلال الحصص الثلاث التي كانت تقضيها في التدريب كل أسبوع. كان عليها أن تلتزم بقواعد معينة فيما يخص وضع الذراعين والساقين والقدمين وأن تقوم بوضعيات معينة، وتلتزم بإتيكيت صارم في هذه السن المبكرة، وهو أمر عايشه ماكس أيضاً في بدايات تعلمه للباليه وهو طفل في الخامسة، لكنه يعلق على ذلك بابتسامة بأن هذا أمر طبيعي لمن يتعلم الباليه في هذه السن التي يكون فيها جل الأطفال فارطي النشاط ويميلون إلى التحرك بحرية وعدم التقيد بأي توجيهات. معايير صارمة عن بداياتهما في الباليه، يقول ماكس وآيرينا إن مسؤولي المدرسة التي تعلما فيها كانت تتبع معايير صارمة في انتقاء الراقصين، منها اللياقة البدنية والحالة الصحية، وقابلية الجسد للتفاعل مع الموسيقى، وروح التواتر الإيقاعي لدى الراقص ومدى مرونة حركاته وقفزاته، ولابد أن تتوافر في الراقص المرشح مواصفات تؤهله لتعلم لغة الباليه بسهولة، إذ يبدأ الأمر بمواصفات جسدية عامة ثم ينتقل الأمر تدريجياً إلى التفاصيل المتعلقة بإدارة المشاعر وضبط إيقاع الحركات الجسدية وهضم كل الدرجات الموسيقية. وبخلاف عدد من الفنون الأخرى، يحتاج راقص الباليه إلى التدرب والتعلم باستمرار ودون انقطاع، فرقص الباليه لا يكتمل عند مرحلة معينة، بل يمتد ما دام الراقص قادراً على الأداء والحركة. وشمل العرض الذي قدمه كل من ماكس وآيرينا أمس الأول تسع رقصات مشتركة يقدمانها بمرافقة الأوركسترا الوطنية الروسية بقيادة فاليري أوفسيانيكوف، وضم تشكيلةً فنيةً متنوعةً من روائع رقصات الباليه العالمية المفعمة بالمشاعر والأحاسيس مثل رقصة روميو وجولييت ورقصة الأميرة النائمة والبجعة البيضاء ورقصة سندريلا. يقول ماكس إن راقصي الباليه ليسوا راقصين فقط، بل هم ممثلون أيضاً، ولذلك يكونون مطالبين بتقمص أدوار معينة والتعبير عن فيض لامتناه من المشاعر والأحاسيس. وتضيف آيرينا أن العديد من العناصر تتداخل في رقصة الباليه منها ماكياج الراقصين وديكور الخشبة والعزف الموسيقي ونوعية الجمهور، وكل هذه العناصر مجتمعة تؤثر في مزاج الراقص والمشاعر المتدفقة التي تتبدى على ملامح الثنائي وتُترجم مدى تناغم حركاتهما وخطواتهما، بل وحتى قفزاتهما. فن عالمي وجمهور عربي حول الجمهور العربي الذي يقابله الثنائي لأول مرة، تقول آيرينا إن المواضيع التي يتناولها راقصو الباليه ذات طابع عالمي معاصر وعابر للحدود، ولا يشمل ثقافة دون أخرى أو يميل لحضارة دون غيرها، ولذلك فإنهما يقدمان بتلقائية وعفوية كل ما لديهما مع الأخذ بعين الاعتبار أنهما يقفان أمام جمهور عربي محافظ، ومنفتح في الآن ذاته على كل الثقافات. وعن مصدر إلهام كل واحد منهما، يقول ماكس إنه تأثر بالكثير من رواد فن الباليه منهم ميكائيل بيروشنيكوف ومدرسة رقص الباليه الروسية وغيرها، فكل راقص لديه ميزاته وخصائصه الفريدة التي يمكن للآخرين الاقتباس منها وإبداwع حركات جديدة انطلاقاً منها مع تكييفها مع نمط رقصه وموسيقاه، بل وحتى مع مزاجه وحركاته. والأمر ذاته تُقره آيرينا، فهي تستلهم رقصاتها وحركاتها من رواد متعددين ومدارس باليه مختلفة من موسكو ونيويورك وباريس، وتأخذ كل ما يروقها وتنتقي كل ما يجذبها، مع إضفاء لمسات خاصة وإبداعات شخصية على كل رقصة. وتقول آيرينا إن رقص الباليه يضيف الكثير إلى صاحبه، فهو يجعل الأنثى أكثر جمالاً ورشاقةً وسمواً وتفاعلاً مع جسدها، ويغدو الباليه جزءاً لا يتجزأ من شخصية الراقص، وإحدى الوسائل الأكثر تعبيراً عما يختلج دواخله من مشاعر حتى لو تقمص أدواراً مختلفة. في هذا الإطار ترجع آيرينا إلى الوراء وتقول إن الرجل كان في البدء داعماً للراقصة ومُسانداً لها فقط، ثم تحول مع تطور الباليه وتعدد مدارسه إلى شريك متساو مع المرأة الراقصة وأضحت رقصاته وحركاته متكاملةً معها وتبعث رسائل مختلفة ومتعددة إلى الجمهور وتعكس مواقف حياتية مختلفة ومشاعر إنسانية متعددة تعبر عن الخير والشر، القبح والجمال، الجيد والسيئ. ولذلك فإن راقص الباليه لا ينفذ وصلةً معدةً مسبقةً بشكل حرفي، بل يحرص على أن يُشارك في تصميمها حتى يُبدع فيها أكثر. فإذا حدث مثلاً أن شعر بأن الموسيقى التي يرقص على نغماتها أثقل أو أخف مما ينبغي أو أقل صدقاً، فإنه لا يتردد في مطالبة مخرجها بتغيير الإيقاع أو إدخال تعديلات ما عليها. فالراقص المحترف يحرص على أن تكون الموسيقى داعمة له وليست مُخضعةً له أو متحكمةً في حركاته. ولذلك، فإن آيرينا وماكس لا يجدان غضاضةً في مطالبة المخرجين الموسيقيين بالنزول قليلاً عن أبراجهم العاجية والحرص دوماً على إشراك الراقصين في النظم الموسيقي. مواقف لا تُنسى من المواقف الحرجة التي حدثت لماكس وآيرينا في عروض حية على خشبات مسارح عالمية تشابك أزرار ملابسهما ذات مرة على مستوى الصدر وعدم قدرتهما على فك الأزرار الملتصقة، بينما ظل العازفون يعزفون وابتساماتهم تكاد تتحول إلى ضحكات ودون أن يتدخل أي شخص لإنقاذ الموقف الصعب الذي ما زالا يذكرانه إلى الآن. ويضيف ماكس تعليقاً على هذا الموقف “مثل هذه المواقف تكون صعبةً جداً على الراقص حتى لو استغرقت ثوان معدودةً”. موقف آخر تحكيه آيرينا هو إصابتها بتوعك شديد على مستوى كاحلها في بداية العرض واضطرارها إلى أداء العرض، فلا مجال للاعتذار للجمهور ولا وجود لبُدلاء أو راقصين احتياطيين طبعاً، فلم تملك إلا أن واصلت الرقص وبذلت جهداً خرافياً لإخفاء الآلام الشديدة التي كانت تشعر بها، وهو ما دفعت ثمنه غالياً من صحة قدميها في الأشهر الأربعة التي تلت العرض، حيث أُجبرت على التوقف عن التدريب ولم تعُد قادرةً في هذه الفترة على تحريك قدميها دون ألم. هي فقط واحدة من ضرائب احتراف رقص الباليه، ويبقى الحفاظ على الهدوء وإفساح المجال للاجتهاد على خشبة المسرح مطلوباً دوماً لمواجهة أية طوارئ أو أحداث غير متوقعة أو أخطاء وعثرات غير مقصودة، حتى يخرج الجمهور غانماً غير غارم، ومستمتعاً غير متذمر، وعاشقاً للباليه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©