الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا والولايات المتحدة··· ومستقبل لبنان

سوريا والولايات المتحدة··· ومستقبل لبنان
21 يوليو 2008 22:47
أنقذت التسوية -تم التوصل إليها مؤخراً حول التشارك في السلطة في لبنان- الدولة من المزيد من سفك الدمــــاء، وسمحت للشعب اللبناني بالعودة إلى الوضع الطبيعي، إلا أن الأسباب المبطنـــة للنزاع ما زالـــت قائمــــة، وما زال لبنان يشكّل ساحة تمارس فيها قوى خارجية عداواتها، وحتى تتوصل سوريا والولايات المتحدة إلى صفقة كبرى، سوف يستمر لبنان بدفع الثمن· يجب أن يكون واضحاً الآن -حتى للمراقب العابر- أن انسحاب سوريا العسكري من لبنان لم يشكل نهاية التأثير السوري هناك، فإيران وسوريا متحالفتان بهدف إحباط الأهداف الأميركية والإسرائيلية في المنطقة في أي وقت أو مكان تستطيعان فيه ذلك، ورغم الميزات العسكرية الهائلة التي تتمتع بها الولايات المتحدة وإسرائيل على خصومها، أظهرت سوريا وإيران مهارة مميزة في لعب دور المخرب من خلال وكلاء لهما مثل حزب الله وحماس والمجموعات القبلية العراقية والميليشيات الشيعية· أظهرت إدارة الرئيـــس ''جـــورج بوش'' خلال معظم فترتها الرئاسية الثانية نفوراً من المشاركة في حوار مطول وجاد مع سوريا، مفضلة محاولات عزل قيادتها وتهميشها، وقد قام الرئيس السوري بشار الأسد بدوره بالتأكيد على أنه لا توجد حلول باقية للمشاكل الإقليمية بدون سوريا، إلا أنه حتى المفاوضات التي توسطت فيها تركيا بين إسرائيل وسوريا لم تغرِ الولايات المتحدة بعيداً عن سياستها بتجنب سوريا دبلوماسياً، بينما تقوم بتوجيه الوخزات الكلامية إلى النظام كلما استطاعت ذلك· كان الإسرائيليون أكثر براجماتية إلى درجة بعيدة في التعامل مع سوريا مما كانت إدارة الرئيس بوش، فقد توصلت الحكومة الإسرائيلية الحالية وقيادتها العسكرية-الأمنية إلى نتيجة مفادها أنهم ''في حال أفضـــل مــــع شيطـــان يعرفونه مما هم مـــع شيطان لا يعرفونـــه''، يساعد هذا التبرير المنطقي على تفسير سبب ذهاب إسرائيل إلى أبعد الحدود في صيف عـــام 2006 لتطمين سوريا إلى أنها ليست هدف حربها مع حزب الله، ويساعد ذلك أيضـــاً على تفسير انعدام أي تسريب إسرائيلي للمعلومات بعد قصف المفاعل الذري المفترض في سوريا، في هذه الأثناء، وحتى بعد محاولة إدارة الرئيس بوش إعاقة المحادثات الإسرائيلية غير المباشرة مع سوريا حول الجولان، استمرت إسرائيل في جهودها· توصلت كل من سوريا وإسرائيل مؤخراً إلى نتيجة مفادهـــا أن الإفصاح عن هذه المحادثات مفيد لكلا الطرفين، فهي في حالة إسرائيل تستطيع الضغط على الفلسطينيين من أجل الحصــــول على المزيد من التنازلات من خلال الاقتراح بأن لها خيارا آخر في صنع السلام، والسبب الأكثر استراتيجية، بالطبـــع، هو الأمل بإمكانية إبعاد سوريـــا عن تحالفها القائم منذ ثلاثين سنة مع إيران التي تطمع في الحصول على سلاح نووي· فسوريــــا ترغب بدورها ضمان وثاقة علاقتها، وبأن تضــــع نفسها في موقف أفضـــل مع الإدارة الأميركية القادمة، بينما ينقضي الوقت بسرعة بالنسبة للإدارة الحالية؛ إلا أن القيادتين تعلمان أنهما حتى لو اتفقتا على شروط السلام، فإن دور حكومة الولايات المتحدة لا يمكن الاستغناء عنه في عملية التوصل إلى ودعم المعاهدة وتطبيقها· ويترك هذا كله لبنان معلقا في الهواء، فقد أثبت حزب الله أنه لا يوجد خليط من القوى الأخرى في لبنان يستطيع تحدي هيمنته العسكرية، لم يترك زعيم حزب الله أي مجال للشك بأن مرجعه الروحي هو المرشد الأعلى في إيران ''آية الله خامنئي''، وفيما يتناقص تأثيرها على حزب الله، لم تعد سوريا تستطيع أن تعد بنزع سلاح ميليشيا حزب الله في مضمون معاهدة سلام مع إسرائيل وعلاقة جديدة إيجابية مع الولايات المتحدة، إلا أنها تستطيع إغلاق خطوط إعادة إمداد حزب الله وتسليحه التي تمر عبر الأراضي السورية، تستطيع سوريا حتى أن تكون أكثر ميكيافيللية وأن تعمل مع الولايات المتحدة وغيرها لتقوية العناصر الأكثر علمانية في المجتمع اللبناني في مضمون سلام شامل· يهتم النظام السوري بالدرجة الأولى -وقبل كــل شيء- ببقائه، إذا كانــت عملية إنشاء علاقة جديدة مع الولايات المتحدة وتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل تعزز احتمالات بقاء هذا النظام فإنها ستتخذ ذلك المسار، حتى على حساب حزب الله وإيران، ولكن إذا لم تكن صفقة كهذه تلوح في الأفق فسوف تستمر سوريا بلعب دور المخرب حسب أفضل قدراتها المحسوبة· من الأهمية بمكان أن تعمل الإدارة الأميركية الجديدة مع إسرائيل وحلفائها العرب لإعداد استراتيجية تستطيع انتزاع سوريا بعيداً عن إيران، ورغم طول فترة تحالفهما ليس للنظامين، وأحدهما علماني والآخر ديني ثيوقراطي، أمور فلسفية كثيرة مشتركة باستثناء شعور كل منهما بعدم الأمن فيما يتعلق بإسرائيل والغرب· لحسن الحظ أن سوريا تبدو منفتحة لصفقة عظمى، بما في ذلك واحدة قد تنطوي على استقرار لبنان دون تعريض سيادة ذلك البلد واستقلاله وسلامة أراضيه للخطر· ثيودور قطوف سفير أميركي سابق لدى دولة الإمارات العربية المتحدة وسوريا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©