الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العبادي: الأمة بحاجة إلى دعاة قادرين على الاجتهاد

العبادي: الأمة بحاجة إلى دعاة قادرين على الاجتهاد
24 سبتمبر 2009 22:28
أكد الدكتور عبدالسلام العبادي، أمين عام مجمع الفقه الدولي بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ورئيس مجلس أمناء جامعة آل البيت، أن الإسلام يرفض التبعية والجمود والانغلاق والغلو ويؤصل قيم الوسطية والاعتدال. وقال في حواره مع «دنيا الاتحاد» إن الإسلام رسالة إنسانية سمحة للناس كافة دون تمييز، تحترم العقل البشري. وتؤكد العدالة والمساواة بين الجميع وتكفل للناس الأمن والاستقرار والسعادة في الدارين بما قررت من مبادئ ونظم صالحة لكل زمان وكل مكان. وأكد أن النصوص وردت في الكتاب والسنة صاغها المولى عز جل بطريقة تستوعب النشاط الإنساني كله باعتبار ان هذه الشريعة هي الخاتمة التي ارادها الله سبحانه وتعالى لتنظيم الواقع الإنساني فالله بكماله صاغ شريعته بطريقة تمكنها من تحقيق ذلك وهذا ما نعبر عنه بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، هذا من خلال النص الإلهي الذي جاء في الوحي المتلو قرآنا وفي الوحي الذي عبر عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسنة وهذا النص عالج القضايا معالجة مباشرة وواضحة. وأوضح ان المشكلة لا تكمن في النص ولا في تعارضه مع العقل ولكن في ضعف الاجتهاد أو توقفه. والتحدي الذي يواجه علماء الأمة هو أن نصنع الكوادر المؤهلة القادرة على الاجتهاد ولا نكتفي بتربية عقليات حافظة ومكررة للنصوص قد تتعصب وتجمد على ما ورث من النصوص الثابتة ونريد كوادر مؤهلة وواعية وفاهمة لحركة الشريعة وروح الاجتهاد فيها وهذا أمر لم يترك دون ضوابط وانما بين علمائنا الشروط التي ينبغي ان تتوفر في المجتهد حتى يكون قادرا على مواكبة الواقع. • الدعوة الإسلامية الآن في مفترق طرق فكيف ترون واقعها؟ •• العمل الجماعي وترسيخه هو الأمل الحقيقي للأمة وعندما تتوفر القناعة بضرورة العمل على كافة الأصعدة والميادين سوف يتغير الكثير من الأوضاع والآن هناك مشاريع جادة بدأت في الكثير من زوايا مجتمعاتنا وشعور بضرورة العمل والتلمس للطريق السليم فهذا يعني أن الخير قادم فمثلا هناك توجه عظيم يسود العالم الاسلامي ويتعاظم نحو ضرورة التكامل الاقتصادي بين اقطاره، وايضا زيادة الاهتمام بالبحث العلمي، ومناهج التربية والتعليم، وتطوير مناهج التعليم الديني وكل هذا يدل على أن الأمة عرفت طريقها وأنها تبحث عن ذاتها بجدية. • هل تتفق مع القول بأن غلبة النزعة الفردية وغياب العمل المؤسسي من أسباب تراجع العمل الدعوى؟ •• هناك حاجة ماسة لدعم المجامع الفقهية التي قامت في دول العالم الاسلامي وخاصة مجمع الفقه الإسلامي الدولي الممثلة فيه جميع الدول الاسلامية والذي نص مؤتمر القمة الاسلامي في قراراته بوضوح على أنه المرجعية الفقهية للأمة بمعنى أنه هو الذي سيقود على الأقل عمليات الاجتهاد في القضايا الكبرى والمسائل المهمة في كل حقول الحياة. • كيف ترد على بعض الأصوات التي تنادي بالقطيعة مع التراث والفكر الإسلامي برمته؟ •• من أهم المشكلات التي تعوق عملية تجديد الفكر الإسلامي الدعاوى التي تريد للأمة، بحجة الحداثة والعصرنة، أن تنقطع عن هذه الآلية الربانية للتجديد التي تستطيع أن تقدم للمجتمع الإنساني علاجات متميزة في كل آفاق حياته ليس للأمة فقط ولكن للمجتمع الإنساني، والأزمة الاقتصادية الرهيبة التي طحنت المجتمع الإنساني نتيجة التخبط في الأخذ بحلول لمعالجة المشكلة الاقتصادية وفي الغرب كثير من المفكرين انتبهوا الى أن الاقتصاد الإسلامي يحتوي على صيغ وآليات قادرة على تلافي كثير من المشكلات التي وقعت وكانت سبب الازمة. وما نطرحه خلال هذه الفترة هو الاهتمام بالآلية المتقدمة التي جاءت بها الشريعة فالاجتهاد آلية راسخة في البناء الإسلامي. • الغرب يتهم الإسلام بأنه فشل في تقديم نموذج متكامل؟ •• هذا غير صحيح ويكفي أن نستعرض التاريخ الذي يؤكد ان الاسلام استطاع من خلال منظومته المتكاملة أن يقيم حضارة وارفة الظلال لقرون طويلة وما يسمى القرون الوسطى في التاريخ الأوروبي هي فترة الإزدهار في التاريخ الاسلامي والحضارة الإسلامية. وأوضح أن الحضارة الانسانية المعاصرة اقتاتت بكثير مما قدمته الحضارة الإسلامية، وأقوال المفكرين الغربيين تؤكد أنه ليس هناك ثمة ناحية من نواحي الازدهار الأوروبي إلا ويمكن ارجاعها لمؤثرات الثقافة العربية الإسلامية. والحقيقة أن من أهم ما سيدحض مقولات المتطاولين على التاريخ الاسلامي وحضارته أن نبين لهم انجازات الحضارة الاسلامية. وكثير من العلماء المطلعين على الثقافة الغربية باتوا مقتنعين بإنجازات الحضارة الإسلامية ليس فقط في المجال الفكري والخلقي والديني ولكن في المجال المادي والتكنولوجي وما يسمى العلوم التجريبية. • هل صحيح أن الخطاب الاسلامي الآن تغلب عليه الإقليمية والمذهبية؟ •• هذا صحيح، ولذلك نحن في حاجة ماسة إلى خطاب إسلامي معاصر وإعلام إسلامي قوي وفاعل، فهذه مواصفات النهضة، والتركيز على هذا المسعى يعني حسن إدراك لكل حقائق وأبعاد التحديات التي تواجه الأمة وفهم لروح الشريعة وتعاليمها واستخدام ادوات الحضارة المعاصرة التي قدمت وسائل تمكننا من تقديم خطاب اسلامي للآخر. والبعض يتحدث عن أدوات الحضارة المعاصرة تحت اسم العولمة التي تعني الهيمنة، ولكن هذا الحديث غير دقيق لأن العولمة تتيح الأدوات والوسائل والصيغ التي تسهل انتقال الأشخاص والأموال،. ونحن مطالبون باستغلال هذه الوسائل والادوات للتعريف بالإسلام وحضارتنا. • نخبنا الفكرية والدعوية تحمل الآخر والغرب تحديدا مسؤولية تردي أوضاعنا؟ • • نحن في كثير من الأحوال نتمسك بمقولات نظرية المؤامرة ونستغرق في الحديث عن وجود مخططات تستهدف الأمة وهذا وإن كان صحيحا إلا أننا نبالغ كثيرا فيه ونحاول ان نأتي بالاعذار لتبرير تقصيرنا. نعم هناك مؤامرات وغزو ثقافي وفكري ومحاولات منظمة للتأثير على اجيالنا من خلال وسائل الاعلام المختلفة. ولكن الارتكان الى هذه المقولات فقط دون تبني رؤية والقيام بالاعمال الجادة وتبني البدائل الراشدة لمواجهة هذه الأخطار خطأ كبير. ولهذا فإن المسؤولية تقع علينا فالآخر يفعل ذلك لخدمة مصالحه وأهدافه وقضاياه وواجبنا نحن ان نخدم قضايانا ومصالحنا وأن نبحث عن الطريق السليم الذي يحقق التقدم والرخاء لشعوب هذه الأمة. • يرى كثيرون أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثبتت أن المنظومة الإسلامية قادرة على تجاوز الأزمات؟ •• كبار المفكرين الغربيين أكدوا نجاح المنظومة الاقتصادية الاسلامية في عدم التأثر بالأزمة المالية العالمية، وقد طلبت بعض المجالس العلمية العالية المستوى في كثير من الدول الغربية التعرف على التجربة الاسلامية في المجال الاقتصادي مثل مجلس الشيوخ الفرنسي وبعض المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية وغيرهم من الكتاب والمفكرين وقد رصد هذا في وسائل الإعلام المختلفة. ودعونا في مجمع الفقه الاسلامي الدولي عددا كبيرا من الجهات المهتمة بهذا الموضوع الحيوي مثل البنك الاسلامي للتنمية واتحاد البنوك الاسلامية وغرفة التجارة والصناعة الاسلامية ومركز ابحاث الاقتصاد الاسلامي واتفقنا على ان هناك أربعة محاور يجب ان نهتم بها في هذه المرحلة في التعامل مع هذه القضية. أولها تقديم معالجات من وجهة نظر الاقتصاد الإسلامي للاقتصاد المعاصر لمساعدته على مواجهة ما يعاني من تخبط خاصة معالجة مشكلات الفوائد وبيع الديون والمضاربات المالية والبيع العقاري. والأمر الثاني تقديم رؤية شمولية على مبادئ الاقتصاد الاسلامي بلغة الآخر التي يفهمها بعيدا عن المصطلحات التي قد تكون صادمة ومنفرة له. والأمر الثالث مناقشة قضايا الواقع بهدف الخروج من الأزمة لتحقيق الرفاهية لكل الشعوب. والأمر الأخير التعريف بتجربة البنوك الإسلامية وما حققته من نجاحات. • ما دور مجمع الفقه الإسلامي في مجال التقريب بين المذاهب؟ •• الدور الذي يقوم به المجمع في غاية الأهمية لأن النظام الاساسي لمجمع الفقه الإسلامي الدولي ينص بوضوح على ان من المهام الاساسية للمجمع التقريب بين المذاهب والمقصود هنا التقريب بين اتباع المذاهب والعمل على نزع فتيل أي صراع أو نزاع وأن اتباع هذه المذاهب يمثلون أمة واحدة بينها من التراحم والتكافل والتحاب ما هو مكرس في نصوص الشريعة بين المسلمين ولدينا خطة طموحة للنهوض بمهمة التقريب بين المذاهب.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©