الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نفحات إيمانية

24 سبتمبر 2009 22:30
يفرد الخير أجنحته ويرفرف عالياً في كل ربوع العالم الإسلامي، ترق القلوب وتملأ عطفاً وحنوا، يعم الصفاء النفوس، تتوهج السماء سعادة فتسدل أنوارها، غنجا ودلالا ترقص النجوم سموا ورفعة عن الخطايا، يتسامى الناس، ويتسابقون إلى فعل الخيرات وبسط يد العطايا، يفيض العطاء على راحة الأيادي، فتصبح الحياة أكثر سعادة بالحب والخير، وببهاء التقوى تتزين، فالصيام والقيام يمثل جرعة من الخشوع، طلبا للثواب، التزام روحي يبلغ أعلى مقاماته في هذه الأيام المباركة، ويتحرك الدافع الديني بصورة أكبر، والتزام يبعث راحة نفسية تصاحبه سلوكيات إيمانية تنشر نفحاتها في كل الأمكنة، ويكون التزام بعض الناس من باب مواكبة الشعور الإيماني الجماعي، فلو عممت نفحات هذا الشهر على مدار العام، فتتصفد معه كل الأعمال القبيحة كما تتصفد الشياطين في هذا الشهر الكريم. عافت الروح الآثام، وتطلعت للسمو، غسلت نفسها من درن الدنيا ووحلها، تمتد أيادي العطايا في كل الأمكنة، ومن لم يفعل فهناك مساحة واسعة للتفكر في الجود، تآزر وتوادد يقل نظيره على مدار الشهور الباقية، تسمو الروح متطلعة للرفعة ويتنظف اللسان لاهجا بذكر الواحد الأحد، وتتقوى العلاقة بين الخلق وخالقه، وترتفع فوق مستوى المألوف اليومي. أيام تصوغ أحلامنا في عالم جميل ومتسام، أحلام بعالم نقي طاهر شفاف، يسودها الود والتعاطف ويعم الخير القلوب وتصفى النفوس، ويمضي الشهر وتمضي لياليه وأماسيه الروحية وتتسرب أيامه، فيجمع رحاله ويمضي في حال سبيله تاركنا وراءه نغوص في هموم الدنيا وفتنها، ننسى أنه كان هناك زائر أدبنا روحيا وأيقظنا من غفلتنا لحظات، من لم يصل يوما توجه لله طمعا وخشوعا، ومن يصلي زاد في صلاته، ومن لا يتصدق بسط يده للخير والجود، ومن ضم لسانه في حلقه وكف عن إيذاء الناس وأقسم أنه لن يتنفس بغير ذكر الله، فانكفأ الشيطان على وجهه، كبلت أوصاله حديدا، وانعقد لسانه، فتأجج غضبه وأقسم أن يرجع الناس بعد نفحات الخير لما كانوا عليه، هناك من يأبى ويروض نفسه على الخير الدائم، وهناك من ينساق وراءه بعد انصرام هذه الأيام ليسعى وراءه جاثيا على ركبتيه يسوقه للرذيلة التي يجهز لها بأيام قبل توديعنا للشهر الكريم، وينكب عليها يغرف منها بولع وشغف، وتبقى هناك وفي أقوى المواقف تخشعا وفي أعظم الأشهر وأكثرها رفعة وطهرا ألسن وأنفس عصية تقاوم الصواب وتركن إلى نفسها تنتظر انصرام الأيام وتعد لها عدّة الفسق والعصيان، وكل يسقي نفسه من آثام الدنيا بطريقته فيرقص الشيطان في احتفال بهيج. فهل نوزع نفحات الشهر الكريم على أنفسنا ونتركها تعمر دواخلنا فنحجم عن السوء طوال الأشهر الكرام الأخرى فنسمو بأنفسنا وأرواحنا، ونحرق الشيطان غضبا، ونقتله مرات ومرات بمروءتنا. لكبيرة التونسي لكبيرة التونسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©