الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غزو العراق .. إدانة وأسرار

10 يوليو 2016 22:12
ربما يكون لدى السير جون تشيلكوت خبر غير سار بالنسبة لكثير من البريطانيين الذين كانوا يتوقون إلى يوم يرون فيه توني بلير يحاكم عن جرائم حرب: إن رئيس الوزراء السابق لم يكذب على البريطانيين من أجل تبرير حرب العراق. وهذه هي الخلاصة الواضحة لتحقيق شامل في هذه الحرب نشرته يوم الأربعاء الماضي لجنةُ تشيلكوت، تقرير استغرق إنجازه مدة أطول من الانخراط العسكري البريطاني في العراق. ولعل اللحظة التي كان فيها تشيلكوت أقرب لانتقاد استعمال بلير للمعلومات الاستخباراتية التي أنتجتها حكومته، هي تلك التي قال فيها إن الأخير لم يكن يعبّر أحياناً عن الفروق الطفيفة وعدم الوضوح الموجودين في تلك التقارير. بيد أن تصريحات بلير حول برامج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية العراقية كانت منسجمة مع ما كان يقوله له المحللون والجواسيس والمسؤولون الاستخباراتيون. وقال تشيلكوت في تصريح له: «لقد بات واضحاً الآن أن السياسة (البريطانية) حول العراق كانت توضع بناء على معلومات وتقييمات استخباراتية خاطئة ومعيبة»، مضيفاً «إنه لم يُطعن فيها وكان ينبغي أن يُطعن فيها». وبهذه الجملة تحديداً يمكن القول إن تشيلكوت قضى على نوع من أدب حرب العراق، حيث ما انفك البعض يرددون اتهامات لبلير والرئيس الأميركي جورج بوش بأنهما قد ضغطا على المحللين وتلاعبا بالمعلومات الاستخباراتية قصد تبرير الحرب التي كانا يريدانها. ولكن بدلًا من ذلك، قال تشيلكوت إنه كان على بلير أن يكون أكثر تشككاً وحذراً بشأن المعلومات الاستخباراتية حول برامج أسلحة العراق. ومع ذلك، فإننا ما زلنا نرى هذه الأشياء باستمرار. وعلى الجانب الأميركي، كان ينبغي أن تختفي منذ سنوات الفكرةُ التي تقول إن إدارة بوش تلاعبت بالمعلومات الاستخباراتية. ومثلما يوضح تقريران من لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية كانت متفقة على أن صدام حسين كان يُخفي برامج أسلحة كيماوية وبيولوجية وحتى نووية. غير أن تقرير تشيلكوت يتضمن الكثير من التفاصيل على الجانب البريطاني من القصة، ولعله من المفيد استعراض بعض خلاصاته ونتائجه. ولنبدأ بتقييم بتاريخ 27 فبراير 2002 من لجنة الاستخبارات المشتركة، التي تشرف على التقييمات الاستخباراتية لحساب الحكومة البريطانية. تقول اللجنة: «إن العراق يواصل أيضاً برامجه الحربية الكيماوية والبيولوجية، ويستطيع إنتاج كميات مهمة من مادة «بي دبليو» في غضون أيام، ومن مادة «سي دبليو» في غضون أسابيع، من أي قرار بالقيام بذلك، إنْ لم يكن قد تمكن من القيام بذلك فعلاً منذ بعض الوقت». وبخصوص البرنامج النووي، أشار تقييم اللجنة إلى أن العراق يواصل برنامجاً لتطوير سلاح، على رغم أنه كان بعيداً عن إنتاج رأس حربية بخمس سنوات، على أقل تقدير. ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذه الأحكام والتقييمات كانت متناغمة مع تقييمات استخبارية أميركية وبريطانية لسنوات. ويخلص تقرير تشيلكوت إلى أن «الاعتقاد القوي بأن نظام صدام حسين كان يملك قدرات حربية كيماوية وبيولوجية، وكان مصمماً على الحفاظ على قدراته، وتعزيزها إنْ أمكن، بما في ذلك القدرة النووية مستقبلًا، وكان يتبع سياسة فعلية للخداع والإخفاء، كان يميز سياسة المملكة المتحدة تجاه العراق منذ انتهاء حرب الخليج في 1991». ولكن تشيلكوت لم يعفِ أيضاً بلير من الانتقادات، إذ يقول إن الأخير قد حُذِّر من أن غزو العراق يمكن أن يؤدي إلى تقوية شوكة «القاعدة». كما يخلص إلى أن بريطانيا لم تقم بالاستعداد على نحو كافٍ لليوم الذي يلي هزيمة قوات صدام. ويكشف عن رسالة من بلير إلى بوش يعده فيها بدعمه ومساندته في حرب العراق، مهما حدث. غير أنه في ما يخص موضوع المعلومات الاستخباراتية قبل الحرب، يلاحظ أن انتقادات تشيلكوت كانت لطيفة جداً إلى درجة أنه بالكاد يمكن اعتبارها انتقادات. وهي تدور حول ملف للحكومة البريطانية يعود إلى سبتمبر 2002 حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، وهو ملف يقول تشيلكوت إنه كان أكثر وضوحاً من مقدمة لتلك الوثيقة كتبها بلير. وعلى سبيل المثال، قال بلير إن التقييم خلص «على نحو لا يقبل الشك» إلى أن العراق «واصل إنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية، وأنَّ (صدّام) مستمر في جهوده الرامية لتطوير أسلحة نووية، وأنه قد تمكن من زيادة مدى صواريخه الباليستية». والحال أن الملف لم يكن بهذه القطعية حيث يقول تقرير تشيلكوت: «إن المعلومات الاستخباراتية لم تُثبت على نحو لا يرقى إليه الشك أن صدّام حسين واصل إنتاج أسلحة كيماوية وبيولوجية». وبدلًا من ذلك، أشار الملف إلى أن العراق «واصل إنتاج مواد كيماوية وبيولوجية». *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©