الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق.. وخطر الإرهاب

10 يوليو 2016 22:13
قبل أيام قليلة، ودّع المسلمون شهر رمضان المعظم واستقبلوا عيد الفطر، لكن العيد جاء هذا العام وأوطانهم مثخنة بالجراح، وأطفالهم في معظم أقطارهم افتقدوا بهجة العيد، لأن عامنا هذا كان الكثير من أيامه أشبه بمأتم مستمر من العراق وسوريا إلى ليبيا، ومن المغرب العربي إلى غرب أفريقيا التي يعيش فيها غالبية المسلمين في هذه الحالة البائسة، وصدق من وصفها بأنها أيام أسوأ من الشدة والكرب، وفاقت أيام الاحتلال الأجنبي..لكن على أيدي من؟ على أيدي فئة مارقة وخارجة من أبنائهم المحسوبين على الإسلام اسماً، والإسلام بعيد عنهم وعن أعمالهم وجرائمهم التي يزيّنونها باسمه المقدس وشريعته الغرّاء. وإذا كان الشهر الفضيل عند الله فرصة تتكرر كل عام ليراجع الفرد المسلم مسيرة حياته ليسجل ما قدم من خير وعمل يقربه من الله، فالأمة الإسلامية مطالبة جمعاء بالقيام بتلك المراجعة (محاسبة النفس) على ما قدمت ونجحت من أعمال الخير والفلاح، وما أخفقت وفشلت من العمل في حق الأوطان جميعها والإنسانية عامة. إن حالة الأمة اليوم لأشد بؤساً وهلاكاً مما كانت عليه في مثل هذا اليوم في العام الماضي، فإن هذا الوباء السرطاني الذي عقد تمدد في بعض أجزاء الوطن أصبح أكثر شراسة وهمجية وهو يفقد أجزاءً كبيرة من الأراضي العراقية والسورية والليبية التي احتلها في غفلة أو جهل منّا أو ربما بسوء تقدير في حسابات المواجهة، أو ربما في بعض الحالات بسوء النوايا والأحقاد والخلافات القديمة في صفوفنا القومية. التحالفات الدولية بقيادة القوى الدولية العظمى والتحالفات الإقليمية قد عجزت حتى اليوم، وبعد أكثر من عامين، عن دخولها ميدان المعارك ضد «داعش»، وأمثالها من الجماعات الإرهابية المتأسلمة، عن دحرها في ميادين القتال.. فإن قوة الإرهابيين العسكرية لا تقاس ولا تقارب بقوى التحالف العسكرية ونفوذها الدولي والإقليمي. صحيح أن الحرب ضد الجماعات الإرهابية المتأسلمة ليست ميادينها ساحات القتال والمعارك العسكرية وحسب، بل ميادين الحرب والمواجهة الجماهيرية والحكومية تمتد إلى ساحات أخرى، هي التي تغذي ميادين القتال وترفدها بالمجاهدين المخدوعين عن حقيقة من يقودونهم إلى قتل المسلمين وتدمير المدن والقرى والمدارس والمستشفيات في بلادهم.. وأخطر هذه الساحات هي ساحة الفكر والتوعية بالإسلام السمح الأغر.. في هذه الساحة لا تزال جهودنا مبعثرة وخطواتنا بطيئة «إن وجدت أصلاً». وأخطر من ذلك أن الفساد وسوء الإدارة دولياً مع أكثر السياسيين في أوطانها تلعب، وقد لعبت دوراً خطيراً يقود في نهاية الأمر إلى مساعدة الإرهابيين في دعواهم ضد النظام العربي القائم الذين يريدون إسقاطه وإقامة النظام الإسلامي الحق من وجهة نظرهم الذي يعود بالمسلمين إلى عصور الخلافة الإسلامية الزاهية! وأقرب مثال لذلك هو ما عرف وأذيع ونشر من أخبار المأساة الدامية والمفجعة التي قام «داعش» بتنفيذها بواسطة انتحاريين في ناحية الكرادة في قلب بغداد، وهي منطقة تجارية يتسوق فيها الناس عادة ويكثر تواجدهم فيها في مثل هذه الأيام، أيام عيد الفطر ، فالخبر «المعلومة» التي شغلت العراقيين عامة وأهل الضحايا الكثر (مائتان وخمسة عشر قتيلاً وعشرات الجرحى) خاصة فقد قال أحد مسؤولي الأمن العراقي من الفريق المتخصص في الكشف عن العبوات المتفجرة قبل انفجارها مبرراً الفشل المنسوب إلى فريقه الأمني بأن الدولة لم تزودهم بالأجهزة المخصصة للكشف عن المتفجرات وأن ما زودتهم به جهاز اشترته الوزارة من «نصاب أميركي» نصب عليها (وهذا تعبير مهذب لحقيقة الفضيحة التي شارك فيها مسؤولون أمنيون كبار)، وتعاقدت معه بعقود تبلغ قيمتها عشرات بل مئات الملايين من الدولارات الأميركية. الدولة المعنية في هذا الأمر تعلم حقيقة العملية القذرة، وتعلم أن السلطات الأميركية المعنية قد ألقت القبض على المقاول النصاب وأودعته السجن، وحتى وقوع انفجار سوق الكرادة لم تتحرك الدولة العراقية، ولم تزود جهاز الشرطة بأجهزة سليمة للكشف عن المتفجرات برغم مطالبهم المتكررة واتصالاتهم بالمسؤولين من الحكام! وهل يمكن لوم الأهالي الذين طاردوا رئيس الوزراء المحترم عند زيارته الدعائية للسوق المدمر ومحاولته تعزية أهالي الضحايا البؤساء الذين قذفوا موكبه بالحجارة، وهذه الآلة الصحفية المسمى بـ(الكاميرا) تصور وتذيع الخبر على الهواء لمئات المشاهدين في مختلف أرجاء العالم الواسع؟! ومهما كانت نهاية الأمر، فإن المرء لا يمكن إلا أن يتوجه بالعزاء إلى شعب العراق المنكوب وبخاصة إلى أهل وذوي الضحايا البؤساء الذين راحوا ضحايا للإرهاب «الداعشي» الهمجي من ناحية، وسوء الإدارة السياسية التي أُبتلي بها العراق العظيم. *كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©