السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجنوح الإسرائيلي لليمين: مكارثية جديدة

الجنوح الإسرائيلي لليمين: مكارثية جديدة
1 ابريل 2011 23:02
تتحرك الديمقراطية في الشرق الأوسط نحو الأمام في مصر وتونس، لكن إلى الخلف في إسرائيل. فالأسبوع الماضي عقدت لجنة الهجرة والاستيعاب والدبلوماسية العامة التابعة للبرلمان الإسرائيلي جلسة استماع من أجل تحديد ما إن كان بإمكان منظمة يهودية أميركية تؤيد حل الدولتين باعتباره الطريقة المثلى لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، أن تسمي نفسها "منظمة مؤيدة لإسرائيل". وإذا كان ذلك يبدو غريباً (لجنة من الكنيست الإسرائيلي تتجرأ على توجيه تعليمات لمنظمة يهودية أميركية حول كيف يتعين عليها أن تصف نفسها)، فلأنه غريب بالفعل. غير أنه بعد مجازفتها بأن تملي على اللجنة كيف ينبغي أن تصف نفسها، فإنه ربما يجدر بها أن تبحث إمكانية تغيير اسمها إلى "لجنة الأنشطة المنافية لليهودية" في الكنيست. هذا الانتشار للمكارثية (الممارسة التي تقوم على توجيه اتهامات للناس دون إثباتات كافية تدعم الادعاء) الإسرائيلية جاء كرد على موقف اتخذته المنظمة المشار إليها، وهي "جي ستريت"، بشأن قرار لمجلس الأمن الدولي يندد بسياسة الاستيطان الإسرائيلية، وهو قرار يستند في جزء منه إلى تصريحات معارضة للاستيطان في الضفة الغربية أدلى بها مسؤولون في الإدارة الأميركية الحالية. فمنظمة "جي ستريت" تجادل بأنه في الوقت الذي يدرس فيه شباب العالم العربي دعم أميركا للتغيير الديمقراطي، فإن على الولايات المتحدة أن تعيد التأكيد على معارضتها للمستوطنات الإسرائيلية من خلال امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بدلاً من استعمال حق الفيتو ضده مثلما صنعت إدارة أوباما في نهاية المطاف. غير أن الخلاف الحقيقي الذي يجمع اليمين الإسرائيلي واليمين اليهودي الأميركي ضد منظمة "جي ستريت"، هو أن هذه الأخيرة تقدم بديلاً لليهود الأميركيين الذين يدعمون إسرائيل، لكنهم لا يدعمون تصميم رئيس وزرائها نتنياهو وسياسيين متصلبين آخرين على عدم القيام بأي شيء لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أو إنهاء الاحتلال المستمر للضفة الغربية منذ 44 عاماً؛ فعبر الترخيص لبناء مزيد من المستوطنات الجديدة، جعل نتنياهو الحل أكثر صعوبة والاحتلال أكثر إزعاجاً وتضييقاً. وما فعلته "جي ستريت" هو أنها نصبت نفسها بديلاً للمنظمات والممولين حول لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية، المعروفة اختصاراً باسم "آيباك"، والتي تدعم تصلب إسرائيل وعنادها. وتماماً مثلما يقوم حلفاء "آيباك" بجمع الأموال للمرشحين للكونجرس الذين تضغط عليهم من أجل الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي والسياسات الاستيطانية، فكذلك تقوم لجنة العمل السياسي في منظمة "جي ستريت" بجمع الأموال للمرشحين الذين لديهم التزام تجاه تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين، وتجاه انخراط أميركي أكبر وأقوى في الجهود الرامية إلى التوصل لذلك الحل. وقد أثارت جلسة الكنيست حول مؤهلات "جي ستريت" الصهيونية غضب عدد كبير من المنظمات اليهودية الأميركية التي لا تشاطر "جي ستريت" آراءها بالضرورة. وفي هذا الإطار، انتقدت اللجنة اليهودية الأميركية وأبراهام فوكسمان، المدير الوطني لرابطة مناهضة التشهير، التدخل السافر وغير الضروري في حياة المنظمات اليهودية الأميركية. كما أغضبت جلسةُ الاستماع الإسرائيليين الذين يدافعون عن حل الدولتين، ومنهم أعضاء آخرون في الكنيست، سافر أربعة منهم إلى واشنطن الشهر الماضي من أجل المشاركة في مؤتمر لـ"جي ستريت". كما ندد حتى بعض أعضاء الكنيست الذين لا يتفقون مع "جي ستريت" بالجهود الرامية إلى وصف المنظمة باعتبارها غير مقبولة وغير معقولة. وقال ناشمان شاي من حزب كاديما الإسرائيلي في هذا السياق: "إنني لا أتفق مع معظم آراء المنظمة... لكن لا يمكننا أن نقاطعها". بيد أن المقاطعة هي بالضبط ما يرغب اليمين الإسرائيلي في القيام به، علماً بأن اليمين الإسرائيلي المتطرف ممثل على نحو جيد في كل من الكنيست وحكومة نتنياهو. فخلال الأسابيع الأخيرة على سبيل المثال، سن الكنيست قانوناً يسمح للمجموعات السكنية التي تضم 400 عائلة أو أقل بعدم السماح لسكان "غير مناسبين" بالعيش بينهم. كما شرع في تطبيق القوانين التضييقية نفسها التي ناضلت منظمات اليهود والسود والمدافعين عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ضدها على مدى عقود قبل أن تعلنها المحكمة العليا تمييزية وغير قانونية. غير أنه بينما تجنح إسرائيل إلى اليمين بشكل متزايد، فإنها بالتوازي مع ذلك تقوم باستعداء وتهميش اليهود الأميركيين الشباب، وهم عموما مجموعة ليبرالية جداً (باستثناء الأرثوذكس) ترى في إسرائيل دولة تتجه نحو نظام ميز "آبارتايد" إن هي لم تغير اتجاهها. إن "جي ستريت" واحدة من نقاط الالتقاء القليلة بين هؤلاء اليهود الشباب والهدف الديمقراطي الصهيوني. وفي هذا السياق، قال لي "جيريمي بن-عمي" ، المدير التنفيذي لـ"جي ستريت": "قد تعتقد أن بلداً صغيراً مثل إسرائيل سيرغب في توسيع قاعدة المؤيدين له"، لكن إعلان منظمات مثل منظمته بأنها عدوة لدولة إسرائيل "لا يمثل استراتيجية حكيمة للبقاء والاستمرار". هارولد مايرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©