السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسجد ابن مزهر.. مدرسة السلطان في حارة برجوان

مسجد ابن مزهر.. مدرسة السلطان في حارة برجوان
27 مايو 2017 02:40
مجدي عثمان (القاهرة) في حارة برجوان بالقاهرة تلك التي نشأ فيها المقريزي، حيث قال: عُرفت بهذا الاسم نسبة إلى الأمير برجوان وزير الخليفة الحاكم بأمر الله، وكان موقع هذه الحارة في العصر الفاطمي بالقرب من الميدان المجاور للقصر الغربي الصغير، ويعرف بحي «الخرتشف»، وقد تم تحريف الاسم ليصبح الآن لدى العامة «حي الخرنفش». ارتبطت تلك الحارة بمسجد ومدرسة أبو بكر مزهر الكائن بها ضمن متفرعات شارع المعز لدين الله بحي الجمالية، وينتمي مسجد ابن مزهر لدولة المماليك الجراكسة، حيث أنشأه في «884 - 885 هـ، 1479 - 1480م» في أيام حكم السلطان قايتباي 1468 - 1496م وجعله مدرسة، فقد كان مفهوم المسجد يتخطى كونه مجرد مكان للعبادة ليصبح مركز علم وتدريس، وهو ما يفسر إطلاق مسمى «مسجد ومدرسة» عليه وغيره من منشآت أثرية كثيرة. والقاضي زين الدين بن أحمد بن مزهر هو كاتب السر وصاحب ديوان الإنشاء لدولة السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي. وذكر علي باشا مبارك في الخطط التوفيقية أن جامع أبو بكر مزهر محكم البناء باق على هيئته الأصلية ويتبعه سبيل كبير وشعائره مقامه من ريع أوقافه، علي يمين المدخل مئذنة ذات بدن دائري تقوم على قاعدة مربعة، وتتكون من ثلاث دورات يزين بدنها من الخارج زخارف نباتية وهندسية ومعمارية، تتكون كتلة السبيل والكتاب والقاعة الملحقة بالمسجد من ثلاثة أدوار ويوجد السبيل وملحقاته في الدور الأرضي، والكُتاب بالدور الثاني، والقاعة بالدور الثالث وهي مستطيلة أمامها رحبة - طرقة واسعة أو كما يقول العامة فسحة - بها أرفف من الخشب يبدو أنها كانت تستخدم كمكتبة للمدرسة. والجامع من المباني المعلقة حيث يوجد تحته مجموعة من الحواصل - حجرات - يبدو أنها كانت سكناً للدارسين والمتصوفين، وفرشت أرض الصحن وأرضية الإيوانات بالرخام الملون بتقاسيم هندسية جميلة، ويحيط بجدار إيوان القبلة وزرة مرتفعة من الرخام الملون يتوسطها محراب رخامي جميل يقوم إلى يمينه منبر خشبي دقيق الصنع، والذي قام بعمل النقوش والزخارف اسمه مازال موجوداً على المنبر في عقد أحد نوافذه، وهو «عبدالقادر النقاش»، تعلوها نوافذ من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون، ولا تقل أسقف المسجد عن غيرها من أجزائه المختلفة روعة وجمالاً، فهي مصنوعة من الخشب على شكل مربعات وطبالٍ منقوشة بزخارف دقيقة مموهة بالذهب. وقد أنشئ جامع أبو بكر مزهر على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد حيث يتوسطه صحن مستطيل الشكل، يغطيه سقف خشبي تتوسطه فتحة مثمنة الشكل - «شخشيخة» - فتح بكل ضلع ثلاث نوافذ مستطيلة، وتتعامد على الصحن أربعة إيوانات، وللجامع المدرسة واجهتان خاليتان من الزخارف، يقع المدخل الرئيس بالواجهة الشرقية منهما، ويتميز بزخارفه المحفورة في الرخام والحجر، وببابه المغشى بالنحاس المزخرف بأشكال هندسية، ويعلو هذا المدخل المنارة - المئذنة - وهى مكونة من ثلاث دورات، وهى كمثيلاتها المعاصرة لها حافلة بالزخارف والمقرنصات، وبالواجهة القبلية باب يوصل إلى دورة المياه وإلى السبيل والكتاب الملحقين بالمسجد، ويؤدي المدخل الرئيس إلى ردهة صغيرة على يسارها شباك مفتوح على إيوان القبلة وعلى يمينها طرقة إلى الصحن. اجتهد بلا تقليد ابن المنذر.. المفسر المدقق والمحدث الثقة أحمد مراد (القاهرة) هو الحافظ أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، ولد في نيسابور سنة 241 هجرية، ورحل إلى مصر طلبا للعلم، وهناك التقى بالربيع بن سليمان تلميذ الشافعي، ودرس ابن المنذر كتب الشافعي التي صنفها في مصر. تتلمذ ابن المنذر على يد الإمام محمد بن عبدالله بن الحكم، وهو من أعلام الفقهاء، وسمع الحديث من قاضي مصر ومحدثها بكار بن قتيبة، وكان قد سمع الحديث في نيسابور من إمامها ومفتيها الحافظ محمد بن يحيى الذهلي. ومن مصر اتجه ابن المنذر إلى مكة التي استقر فيها، وتتلمذ على يد محدثها محمد بن إسماعيل الصائغ، وبعدها بدأ مرحلة التأليف والتصنيف والإفتاء، وفي فترة قصيرة علا شأنه حتى صار شيخ الحرم المكي، وجمع بين مجالات علمية عدة، فكان المفسر المدقق، والمحدث الثقة، والراوي لآثار الصحابة في الفقه وآراء التابعين وأئمة المجتهدين، وكان يحرص على عرض أدلتهم والموازنة بينها. ويعد تفسير ابن المنذر من أهم وأبرز التفاسير، فقد وصفه الداودي في طبقات المفسرين بأنه لم يصنف مثله، وقد أشار ابن المنذر نفسه إلى تفسيره في كتابه الأوسط، وقد كان يفسر القرآن بما صح لديه من الحديث، وينقل ما ثبت من أقوال الصحابة والتابعين فيه، ويبدي رأيه في بعض الآيات التي تحتمل الاجتهاد، لكونه مجتهدا لا يقلد أحدا، وقد وقف السيوطي على تفسيره واستند إليه كثيرا في تفسيره «ترجمان القرآن والدر المنثور في التفسير المأثور». انتهج ابن المنذر منهج السلف في تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالأحاديث النبوية ثم بالآثار الواردة عن الصحابة والتابعين، وجعل الآية التي يريد تفسيرها كالعنوان أو الباب ثم يورد الأحاديث والآثار التي جاءت في معناها، ويسوقها بإسناده، ليتمكن الباحث من التمييز بين صحيحها وغيره. ويعتبر تفسير ابن المنذر مصدراً مهماً لمعرفة تفاسير الصحابة والتابعين، ومن ثم فقد اكتسب أهمية كبيرة عند أهل العلم في العصور القديمة والحديثة، وقد اعتمد عليه من جاء بعده في معرفة أقوال الصحابة والتابعين في التفسير. ومن مؤلفاته الأخرى، السنن المبسوط، السنن والإجماع والاختلاف، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، الإشراف على مذاهب أهل العلم، الإقناع، إثبات القياس، تشريف الغني على الفقير، جامع الأذكار، الإجماع. قال الإمام النووي عن ابن المنذر: الإمام المشهور أحد أئمة الإسلام، المجمع على إمامته وجلالته ووفور علمه، وجمعه بين التمكن في علمي الحديث والفقه، وله المصنفات المهمة النافعة في الإجماع والخلاف وبيان مذاهب العلماء، وله من التحقيق في كتبه ما لا يقاربه فيه أحد. توفي ابن المنذر سنة 318 هجرية. أوقع في النفس.. وأبلغ في الوعظ الأمثال في القرآن للتذكرة والعبرة القاهرة (الاتحاد) المثل يعتمد على وضوح المعنى بقليل من الألفاظ، يُضرب إما لحكمة يسهل تداولها بين الناس أو لتشبيه حالة معنوية بوساطة أخرى حسية لأجل أن يفهم المعنى المراد، وقد بيّن الله تعالى العلة من الأمثال في القرآن الكريم بأنها للتذكير والتفكير، والقرآن كونه نزل بلغة العرب وعلى قواعدهم لذلك استعمل الأدوات المستعملة نفسها عندهم من مجاز وبديع وتشبيه وطباق وجناس وحكم وأمثال وغيرها، وجاراهم بضرب الأمثال التي تناسب ما ألفوه في معيشتهم. فالأمثال في القرآن لإبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس سواء أكانت تشبيها أو قولاً مرسلاً، وتبرز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس، وتكشف عن الحقائق، وتعرض الغائب في معرض الحاضر، وتجمع المعنى الرائع في عبارة موجزة، وهي أوقع في النفس، وأبلغ في الوعظ، وأقوى في الزجر، وأقوم في الإقناع، وقد أكثر الله تعالى منها في القرآن الكريم للتذكرة وأخذ العبرة. قال الشيخ الشنقيطي: في الأمثال وأشابهها في القرآن عبر ومواعظ وزواجر عظيمةٌ جداً، لا لبس في الحق معها، إلا أنها لا يَعقل معانيها إلا أهل العلم. والفائدة العظمى من الأمثال القرآنية التي ذكرها الله تعالى في قوله: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)، «سورة العنكبوت: الآية 43»، وقال: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون)، «سورة الزمر: الآية 27»، وقال: (... وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)، «سورة إبراهيم: الآية 25»، وفي هذا دلالة على أن الأمثال شواهد للمعنى المراد، والتمثيل يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان بتشبيه المعقول بالمحسوس وقياس النظير على النظير، وكم من معنى جميل أكسبه التمثيل روعة وجمالا، فكان ذلك أدعى لتقبل النفس له، واقتناع العقل به، وهو من أساليب القرآن الكريم في ضروب بيانه ونواحي إعجازه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©